الحوار الفني: الحقيقة والتجميل

الحوار الفني: الحقيقة والتجميل

09 نوفمبر 2020
يعود زافين قيومجيان إلى الحوار الفني بعد غياب طويل (تويتر)
+ الخط -

تسعى معظم المحطات التلفزيونية في العالم إلى إنتاج برامج حوارات فنية. والسبب الحقيقي هو تهافت الجمهور على متابعة نجومه من الفنانين أو المغنين أو الممثلين. شهدت السنوات الأخيرة "فائضًا" من البرامج الحوارية الفنية التي تعتمد على أسلوب الاستفزاز الصريح للضيف. وذلك بعد أن تحولت مقاطع من هذه البرامج أو الحوارات إلى نوادر مختصرة على مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا ما يُسهم بالطبع في الترويج للبرنامج أو للحوار.

أعلنت محطة MTV اللبنانية عن حوار مفتوح بين الإعلامي اللبناني زافين قيومجيان والمغنية إليسا وذلك للاحتفال بذكرى ميلادها الفني 20 عامًا. زافين كان قد التقى إليسا في بداياتها الفنية، أي منذ عشرين عاماً، ونشر قبل أيام الحوار القديم مع مجموعة من الضيوف، ومنهم إليسا التي دافعت عن الأغنية الشعبية وقتها والتوجه العام للأغنية القصيرة عند الجيل الشاب. والواضح أن الحوار بين إليسا وزافين عام 2000 شكل مادة لحاضر اليوم وتحاكي الماضي والحاضر بطريقة نجاح إليسا طوال عقدين، وتبوئها مكانة في عالم الأغنية الشعبية الهادئة والآراء المؤثرة، وهو الأمر الذي قد يعيد زافين إلى عالم الحوارات القيمة التي أسس لها قبل حوالي 25 عاماً.

ربما تغيّر المشهد الحواري اليوم، مع سهولة أو الاستسهال في تعزيز نمط المقابلات الفنية التي غزت المواقع البديلة، واستغلال هذه المواقع من قبل الإعلاميين أو الناس العاديين لحوارات فنية مختصرة. بعد انتشار جائحة كورونا، اعتمد عدد من الفنانين والمتابعين على المواقع البديلة لا سيما "إنستغرام" على هذا النمط. خصوصاً وأن التحولات إلى عالم الميديا البديلة تحقق متابعة عالية. هذا في الشكل، أما المضمون فهو اعتماد هؤلاء المحاورين على صيغة أو أسئلة بدون فائدة، وهي بالطبع لا تُسجل إضافة بالنسبة للفنان. كالتوجه إليه بالسؤال عن رأيه بأغاني زميله أو زميلته، أو عن واجباته تجاه زملائه. وهذا بالطبع لا يصب ضمن خانة تعزيز العلاقات بين الفنان وزملائه بقدر ما يسعى المحاور إلى صبّ الزيت على النار من خلال مفردة أو جملة يطلقها الفنان، والترويج لها عبر المواقع البديلة نفسها، لتتحول مع الوقت إلى "ترند" وتوقع بين الفنان وزميله.

تخلو الحوارات الفنية اليوم ومع التقدم الإلكتروني وسعة انتشار المواقع والمنصّات إلى طرح الواقع الفني كما هو بدون "روتوش" ولا تجميل، أو التزود من خلال خبرة الفنانين بنوع من الثقافة الفنية خصوصاً، بعد تجاربهم الطويلة وسنوات العمل التي حققت لهم النجاح أو الوصول.

لا شك في أن البرامج الفنية اتخذت هذا المنحى "التصاعدي" اليوم في الحوار، وتحولت الأسئلة إلى نمط استفزازي مقصود دون معايير، استفزاز يرفع برأي المحاور من رصيده، ويوقع الفنان في فخ قلة ثقافته الفنية، وربما الاجتماعية عمومًا. الإعلام العربي، اليوم، حتى عبر المنصّات بات شاهداً على وجبات حوارات سريعة، توازي بسرعتها كمية انتشار الأجهزة الخاصة باستقبال ومتابعة هذه البرامج أو الحوارات الفنية التي تتزايد يوما بعد آخر. ويلقي أسئلة على الفرق الكبير بين محاوري اليوم والأمس، والتوجه لجيل المنصات بكل هذا الكم من المحتوى الذي لا يصل إلى حدود الترفيه الذي تدّعيه بعض المواقع، وهي تعمل على العائد المادي الذي تستعيده من وفرة المشاهدات والمشاركات فقط.

المساهمون