استمع إلى الملخص
- في مهرجانات سينمائية مثل فينيسيا، أثار عرض الفيلم الوثائقي الإسرائيلي "الطريق بيننا: الإنقاذ النهائي" جدلاً، بينما حصل فيلم "صوت هند رجب" على جائزة الأسد الفضي، مما يعكس الانقسام.
- وقع أكثر من 1500 ممثل وعامل في صناعة السينما على رسالة مفتوحة تدعو لعدم التعاون مع المؤسسات السينمائية الإسرائيلية المتورطة في الإبادة الجماعية في غزة.
يزداد الانقسام الداخلي في هوليوود حول حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة بين مؤيدي الاحتلال من جهة والمتعاطفين مع الفلسطينيين من جهة أخرى، وهو ما انعكس في مهرجان تورونتو السينمائي حالياً بكندا، وقبله في مهرجان فينيسيا السينمائي بإيطاليا. وقالت الصحافية المخضرمة شارون واكسمان في مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية بعنوان "هوليوود في حرب مع نفسها بسبب غزة"، إنّ "صناعة السينما الأميركية منقسمة"، بين اللوبي القوي المؤيد لإسرائيل من جهة، وبين أجيال أصغر من الفنانين والمديرين، ومن بينهم يهود، "الذين يشعرون بالرعب ممّا يجري في غزة، لكنهم يخشون أن يضرّ دعمهم العلني للفلسطينيين بمسيرتهم المهنية"، بحسب الكاتبة.
وعكس الجدل حول الفيلم الوثائقي الإسرائيلي "الطريق بيننا: الإنقاذ النهائي"، الذي سيعرض في مهرجان تورونتو، غداً الأربعاء، التوترات المتزايدة في صناعة السينما حول غزة. ويتتبع الفيلم رحلة جنرال إسرائيلي متقاعد لإجلاء عائلته من مناطق "غلاف غزة" التي هاجمتها حركة حماس في عملية طوفان الأقصى، في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
خلال أغسطس/ آب الماضي، أعلنت إدارة المهرجان إلغاء عرض الفيلم الذي أخرجه باري آفريتش، بسبب عدم حصول منتجي الفيلم على "تصريح قانوني" يجيز استخدام لقطات من الكاميرات التي كان يرتديها مقاتلو "حماس" لتوثيق العملية. لكن، ونتيجة موجة من ردود الفعل الغاضبة، التي اتهمت إدارة مهرجان تورونتو بممارسة الرقابة، خاصةً من مناصري إسرائيل، أُعيد الفيلم إلى قائمة العروض.
ووقّعت أكثر من 1000 شخصية، معظمها معروفة بانحيازها لإسرائيل، من بينها الكوميدية الأميركية إيمي شومر ومواطنتها ديبرا ميسينغ، على عريضة اتهمت إدارة المهرجان "بإسكات الأصوات اليهودية". كما سخر آفريتش، خلال جلسة نقاشية ضمن المهرجان، من السبب الذي برّر منع العرض، قائلاً: "حسب علمي، لم أسمع أبداً أن لدى حماس قسماً للتراخيص". علماً أن منظمي مهرجان تورونتو اعتذروا مسبقاً، وتراجعوا عن قرار إلغاء العرض، كما اعتذروا عن "الألم والإحباط" اللذين تسبب فيهما ردهم الأولي.
على المقلب الآخر، شهد مهرجان فينيسيا السينمائي، أواخر الشهر الماضي، موجة من الاحتجاجات والدعوات لمقاطع الممثلين الإسرائيليين، كما اختتم، السبت الماضي، بحصول فيلم "صوت هند رجب" للمخرجة التونسية كوثر بن هنية على جائزة الأسد الفضي. ويروي الفيلم قتل الطفلة هند رجب، ابنة الخمس سنوات، على يد القوات الإسرائيلية في غزة العام الماضي. ويمزج بين تسجيلات حقيقية لمحاولة إنقاذها من قبل الهلال الأحمر في غزة، وإعادة تمثيل درامية للأحداث، وشارك بتمويله النجمان براد بيت وخواكين فينيكس.
لكن الوضع يختلف داخل هوليوود، بحسب واكسمان، التي اعتبرت أنّ "غزة صارت قضية بالكاد يمكن التطرق إليها"، خاصةً بعد الإقصاء الذي واجهه عدد من الممثلين نتيجة اتخاذهم مواقف مناهضة لحرب الإبادة على القطاع، ومنهم المكسيكية ميليسا باريرا التي استبعدت من فيلم "الصرخة"، وبطلة فيلم "سنو وايت" الأميركية راشيل زيغلر التي استبعدت الكاتبة مشاركتها في أفلام هوليووية قريباً، بسبب تصريحاتها المؤيدة لفلسطين.
في الوقت نفسه، زعمت واكسمان، أنّ الإقصاء بات يطاول مناصري إسرائيل أيضاً، إذ خسرت الأميركية مايم بياليك، المؤيدة الصريحة لإسرائيل، وظيفتها مقدمة لبرنامج "جيوباردي" في ديسمبر/ كانون الأول 2023، وسط شائعات أنّ ذلك مرتبط بنشاطها السياسي. كما نقلت الكاتبة عن الممثلة الإسرائيلية غال غادوت قولها إنّ "هناك الكثير من الضغط على المشاهير في هوليوود للحديث ضد إسرائيل"، في تجاهل فجّ لتأثير الجرائم الإسرائيلية والإبادة المستمرة على اتخاذ مزيد من نجوم هوليوود موقفاً مناهضاً لدولتها.
ووقّع أكثر من 1500 ممثل وعامل في صناعة السينما على رسالة مفتوحة، نشرت، أمس الاثنين، تدعو إلى عدم التعاون مع المؤسسات السينمائية الإسرائيلية التي قالوا إنها "متورطة في الإبادة الجماعية في غزة". ومن أبرز الموقعين، مخرجون بينهم اليوناني يورغوس لانثيموس، والأميركية إيفا ديفورني، والأميركي آدم مكاي، والبريطاني مايك لي. كما وقعها عدة ممثلين، أشهرهم: البريطانيون أوليفيا كولمان وأيمي لو وود وزبابا أسيدو وجوش أوكونور، والأميركيون آيو إدبيري ومارك روفالو وسينثيا نيكسون.
وقالت الرسالة: "بصفتنا صانعي أفلام وممثلين وعاملين في صناعة السينما ومؤسساتها، نُدرك قوتها في تشكيل وجهات النظر". وتابعت: "نحن نستجيب لدعوة صناع السينما الفلسطينيين، الذين ناشدوا صناعة السينما العالمية مناهضة الصمت، والعنصرية، وإنكار الإنسانية، وللقيام بكل ما هو ممكن من الناحية الإنسانية لإنهاء الشراكة في اضطهادهم".
وأضافت: "استلهاماً من مبادرة صناع الأفلام المتحدين ضد الفصل العنصري، الذين رفضوا عرض أفلامهم في جنوب أفريقيا، نلتزم بعدم عرض الأفلام أو الظهور أو العمل مع مؤسسات السينما الإسرائيلية بما في ذلك المهرجانات، ودور السينما، ووسائل البث، وشركات الإنتاج التي تُعتبر شريكة في الإبادة الجماعية والفصل العنصري ضد الشعب الفلسطيني".