استمع إلى الملخص
- الصحافي سيف القواسمة تعرض للإبعاد بعد اتهامه بالتحريض وزعزعة الأمن، مشيراً إلى أن هذه الإجراءات تهدف لتقييد العمل الصحافي في المسجد الأقصى، خاصة خلال شهر رمضان.
- باسم زيداني تلقى قرار إبعاد للسنة الثانية، مشيراً إلى ضعف المتابعة الفلسطينية لقضايا الإبعاد، مؤكداً أن استهدافه جاء بسبب عمله الصحافي خلال الحرب على غزة.
تخشى السلطات الإسرائيلية في القدس المحتلة من النشاط الصحافي الذي يوثّق توافد عشرات آلاف المصلّين إلى المسجد الأقصى، ويرصد أيّ انتهاكات إسرائيلية تطاول الحقّ في العبادة وممارسة الشعائر الدينية في شهر رمضان، فتشهر في وجه الصحافيين تهم "التحريض على مواقع التواصل الاجتماعي"، و"التعدي على الشرطة الإسرائيلية"، و"الإخلال بالأمن العام".
وأصدرت سلطات الاحتلال، منذ أواخر الشهر الماضي، 13 قرار إبعادٍ لصحافيين ومصوّرين عن المسجد الأقصى، لفترات لا تقلّ عن أسبوع قابل للتمديد وتصل إلى 6 شهور. الصحافيون الذين تلقّوا قرارات الإبعاد هم: لطيفة عبد اللطيف، وبيان الجعبة وزوجها محمد الصادق، وندين جعفر، وإبراهيم السنجلاوي، ورامي الخطيب الذي يعمل في دائرة الأوقاف الإسلامية، ورجائي الخطيب، ومحمد دويك، ووهبي مكي، ومحمد أبو سنينة، ومحمد ادكيدك، وباسم زيداني، وسيف القواسمة.
لكن مصادر خاصة أفادت لـ"العربي الجديد" بأن صحافيين آخرين صدرت أيضاً بحقهم قرارات إبعاد، لكنهم لم يشهروا ذلك نظراً للظروف الأمنية في القدس.
سيف القواسمة من آخر الصحافيين الذين صدر بحقّهم قرار إبعاد عن المسجد الأقصى، حيث أوقف خلال مغادرته المسجد الأقصى مساء السبت الماضي، واقتيد إلى مركز تحقيق شرطة القشلة الإسرائيلي في البلدة القديمة من القدس. يروي القواسمة لـ"العربي الجديد" ما حصل قائلاً: "بعد صلاة التراويح، وأثناء خروجي من باب السلسلة، كانت قوات خاصة إسرائيلية تابعة لوحدة ياسام في الشرطة الإسرائيلية متمركزة في انتظاري. أبلغت بأنني موقوف ومطلوب للشرطة. وأثناء تفتيشي، جاء ضابط شرطة وحاول التقاط صورة سيلفي معي وهو يرفع شارة النصر، محاولاً إجباري على ذلك، بينما كان يقول بالعبرية مستهزئاً: أمسكنا أحد المطلوبين، في محاولة لإرضاء المستوطنين، خاصة بعد حملة تحريضية كبيرة استمرت منذ شهور وازدادت خلال الأيام الماضية بحقّي". ويضيف: "رفضت التصوير، وحاولت إبعاد هاتفه عني، فتعرضت للاعتداء. بعد ذلك، اقتادوني إلى مركز الشرطة؛ حيث حُقق معي حول عملي الصحفي داخل المسجد الأقصى". ويشير إلى أن الشرطة الإسرائيلية وجّهت له تهمة "زعزعة الأمن داخل المسجد الأقصى وإثارة المشاكل"، وكذلك "تحريض الناس على الاشتباك مع الشرطة الإسرائيلية داخل المسجد الأقصى". رفض القواسمة ما اتهم به، ثم أجبر أن يوقع على قرار إبعاده عن المسجد الأقصى وأبوابه لمدة 8 أيام، على أن يعود أول أيام عيد الفطر لاستلام قرار تمديد الإبعاد الذي قد تتراوح مدته بين 3 و6 شهور.
يلفت القواسمة إلى أن قرار إبعاده هو السابع له خلال السنوات السبع الماضية، ويشدد على أن هذه الإجراءات الإسرائيلية تقيد العمل الصحافي "لأن الشرطة الإسرائيلية لا تريد تغطية صحافية داخل البلدة القديمة والمسجد الأقصى، فهم يمهدون لاقتحامات ولاعتداءات على المصلين في الأيام الأخيرة من شهر رمضان، والهدف هو طمس الحقيقة ومنع نقل صورة الأحداث والانتهاكات الجارية في القدس إلى العالم الخارجي".
الصحافي باسم زيداني تسلّم مطلع مارس/آذار الحالي قرار إبعاده عن المسجد الأقصى، وذلك للسنة الثانية على التوالي تزامناً مع شهر رمضان. يقول زيداني لـ"العربي الجديد" إن سلطات الاحتلال "تذرّعت بأن لدى جهاز الشاباك ملفاً سرياً يشير إلى أن تواجده في المسجد الأقصى، خاصّة في شهر رمضان، من شأنه الإخلال بالأمن العام". تلقّى زيداني اتصالًا من الشرطة في مركز القشلة في اليوم الثاني من الشهر الحالي، وطُلب منه الحضور في اليوم التالي إلى المركز من دون توضيح سبب الاستدعاء الذي عُلل بأنه "تحذيريّ فقط". وعند وصول زيداني، حقق معه أحد عناصر الشرطة الذي أبلغه بأن الاستدعاء هدفه تسليمه قرار إبعادٍ عن المسجد الأقصى، بذريعة أن وجوده في الأقصى ومحيطه يشكل خطرًا وقد يؤدي إلى "مشكلات". خلال جلسة التحقيق، يروي زيداني أن نبرة المحقق حملت تهديدات مبطنة له ولعائلته. ويضيف: "تسلمت قرار الإبعاد لمدة أسبوع وطلب مني العودة بعد انتهاء المدة لمتابعة الأمر.أصررت على تسجيل ملاحظة في المحضر تؤكد أنني لا أملك أي ملف جنائي يشكل إدانة عليّ". وفي موعد الاستدعاء الثاني في التاسع من الشهر الحالي، فوجئ زيداني بأن شرطة الاحتلال لم تسمح له بالدخول إلى المركز، حيث خرجت ضابطة استخبارات عسكرية إسرائيلية وسلّمته قرار الإبعاد في الشارع. ويقول: "أبلغت الضابطة أن هذه طريقة غير مهنية وكأنني مجرم، ولكنها ردّت بأني طوال الحرب كنت أتحدث وأكتب وأصور، وهم يتصرفون بما يناسبهم". حاول زيداني متابعة قضية إبعاده المتكرر عبر جهات مختلفة، منها المركز القانوني لحماية حقوق الأقلية العربية "عدالة" وهيئة شؤون الأسرى والمحررين ونقابة الصحافيين، وجاء ردّ من مركز "عدالة" بأن هناك محاولات لإلغاء قرارات الإبعاد. فيما يشير زيداني إلى أن ضعف المتابعة الفلسطينية الواضح عبر لجان متخصصة لقضايا الإبعاد والانتهاكات في الأقصى جعل الفلسطينيين في موقف ضعف.
زيداني الذي تذرّعت سلطات الاحتلال بوجود ملف سري له يصرح بأن "هذه تهمة من لا تهمة له، إذ لا يُسمح لأحد بالاطلاع على تفاصيلها، بمن فيهم المحامي الشخصي. وبموجبها، يمكن للسلطات الإسرائيلية فرض أي إجراء تريده من دون الحاجة إلى تقديم أدلة واضحة". ويقول مؤكداً: "من الواضح أن استهدافي جاء بسبب عملي الصحافي خلال الحرب على غزة، لكنني لست نادماً على ذلك".