الإنتاج الدرامي في أميركا اللاتينية يتكيف بصعوبة مع الوباء

الإنتاج الدرامي في أميركا اللاتينية يتكيف بصعوبة مع الوباء

01 يناير 2021
يصطدم الإنتاج الدرامي بصعوبة التزام ضوابط التباعد الجسدي (فرانس برس)
+ الخط -

عادت عجلة إنتاج المسلسلات في أميركا اللاتينية إلى العمل أخيراً بعد أشهر من الشلل التام، لكن مع التزام تدابير وقائية مشددة ضد وباء كورونا (كوفيد-19) الذي ألقى بثقله على هذه الصناعة التي تدرّ إيرادات طائلة.

وباتت هذه الأعمال المعروفة باسم "تيلي نوفيلاس" تخضع لقيود تشمل تعقيم مواقع التصوير وإخضاع المشاركين لفحوص كوفيد-19 وتحديد سقف لعدد الحاضرين في الموقع، وفرض وضع الكمامات، إضافة إلى تقليص الميزانية جراء الأزمة والخشية من تفشي الوباء.

وتشهد مدينة تشينتشينا في مقاطعة كالداس وسط كولومبيا تصوير النسخة الجديدة من مسلسل "كافيه كون أروما دي موخير" (قهوة بمذاق امرأة) الذي حقق نجاحاً بنسخته الأساسية في التسعينيات.

وفي مايو/ أيار، في الشهر الثاني من تدابير الإغلاق التي فُرضت حتى نهاية أغسطس/ آب ، كان ذلك المشهد ليبدو مستحيلاً.

وقال المستشار في قناة "آر سي أن" التي تبث العمل غييرمو ريستريبو لوكالة فرانس برس "سنتمكن حقاً من بدء التسجيل عندما ينتهي هذا كلّه بسبب وجود لقاح".

سينما ودراما
التحديثات الحية

لكن منذ سبتمبر/ أيلول، عادت عجلة الإنتاج إلى الدوران تدريجياً مع اعتماد تدابير صحية مشددة في كولومبيا حيث تخطى عدد الإصابات بكوفيد-19 عتبة مليون ونصف مليون مع ما يزيد عن 42 ألف وفاة من أصل 50 مليون نسمة.

مواقع تصوير مهجورة

وبحسب الهيئة الوطنية للإعلام، أرغمت تدابير الإغلاق التي فرضتها الحكومة الكولومبية في 25 مارس/ آذار ومددتها مرات عدة، قناة "آر سي أن" ومنافستها "كراكول" على توقيف إنتاج 38 مسلسلاً.

وتقول منتجة مسلسل "كافيه كون أروما دي موخير" ياليله جوردانيلي "كنا سنبدأ التصوير في إبريل/ نيسان ، وقبل عشرة أيام فقط (...) وجدنا أنفسنا في الحجر المنزلي لستة أشهر تقريباً".

وكان كثر من أفراد طاقم العمل البالغ عددهم 270 قد دخلوا الاستوديو للتصوير مع إعلان هذه التدابير. وتوضح أدريانا أورتيز "قيل لنا أن نوضب كل شيء ونعود إلى المنزل. كان ذلك مؤقتاً (...) لكن طالت المدة فبات الأمر محبطاً".

وأبقت القناة على عقدها مع هذه الأخصائية في الماكياج البالغة 54 عاما، لكن مع تقليص راتبها. وتقول "اضطررنا إلى التقشف". لكنّ زملاء كثيرين لها لم يكونوا محظوظين بالقدر عينه.

فقد ذكرت الهيئة الإدارية الوطنية للإحصاءات أن قطاع الفنون والترفيه كان من الأكثر تضرراً جراء الوباء، إذ فقد 203 آلاف شخص وظائفهم فيه بين أكتوبر/ تشرين الأول 2019 والشهر عينه من 2020.

اختبارات ضرورية

وتصطدم الإنتاجات في قطاع المرئي والمسموع بصعوبة التزام ضوابط التباعد الجسدي، خصوصاً لكون عمل المسؤولين عن الأزياء والممثلين يتطلب التقارب مع آخرين والتعامل مع عشرات الأشخاص الموجودين في العادة في موقع التصوير.

تشهد مقاطعة كالداس وسط كولومبيا تصوير النسخة الجديدة من مسلسل "قهوة بمذاق امرأة" (فرانس برس)

وفي الجانب الآخر من الكاميرا، يتبادل الممثلان في المسلسل "كافيه كون أروما دي موخير" لورا لوندونيو ووليام ليفي، الحوارات من دون كمامات وبلا أي تباعد، لتجسيد قصة الحب بين شخصيتيهما بالوما وسيباستيان.

وتوضح كاثرين فيليز التي تؤدي دور كارمنزا "لو كنا رواد فضاء، كنا استطعنا التزام التباعد، لكننا ممثلون ونعمل بصوتنا وجسدنا".

وفي ظل استحالة التزام التباعد، يخضع طاقم العمل بالكامل إلى اختبار مسحة الـ"بي سي آر" في مطلع كل أسبوع.

وتشير المنتجة ياليله جوردانيلي إلى أن الفحوص الدورية ترتّب "تكاليف ضخمة"، لكنها ضرورية إذ إن أي إصابة بالفيروس سترغم البعض على التزام الحجر المنزلي، ما سيؤخر الإنتاج ويرتّب تكاليف أكبر.

ويؤكد ماوريسيو كروز مدير المسلسل أن الاختبارات ضرورية، قائلا "بالأمس، جرى تصوير مشهد قبلة (...) وبما أن الاختبار أجري قبل يومين (...) كنا نشعر بالأمان".

بين الخيال والواقع

ويعيش قطاع الدراما الأميركية اللاتينية مرحلة مفصلية ملأى بالتناقضات. وتقول جوردانيلي "في ظل ملازمة الناس المنزل، تزداد نسب مشاهدة التلفزيون (...) لكن في المقابل، عمدت الشركات إلى (...) وقف الاستثمارات الإعلانية" بسبب الأزمة الاقتصادية. ويُترجم ذلك من خلال خفض ميزانيات الإنتاج وسط تزايد النفقات اللوجستية.

ولم تقتصر تبعات الجائحة على الإخراج، إذ حل الفيروس أيضاً ضيفاً على قصص المسلسلات. وقد استُبدلت مشاهد الاحتفالات الكبيرة بلقاءات عائلية صغيرة.

وتشير المنتجة إلى أن النسخة الجديدة من المسلسل باتت تقوم على قصة "حميمة أكثر" تشبه أجواء الحياة في زمن كورونا.

(فرانس برس)

المساهمون