استمع إلى الملخص
- الإعلام الإسرائيلي انتقد الفلسطينيين لتناولهم الدلافين، متجاهلاً الظروف القاسية التي يعيشونها والانتهاكات الإسرائيلية التي تشمل منع الصيد وتدمير البيئة البحرية.
- تتجاهل وسائل الإعلام الإسرائيلية تأثيرات التغير المناخي والحرب على الحياة البحرية، حيث أن الظاهرة تمتد إلى مناطق أخرى مثل حادثة جرف سمكة قرش إلى شاطئ الخضيرة.
"صادم: سكان غزة عثروا على دلفين وأكلوه"، "خطير: غزّي من خانيونس أكل دلفيناً"، "ذُعر في الشبكة: صيّاد غزي يأكل دلفيناً"... ما سبق ليس إلا عيّنة من عناوين الإعلام الإسرائيلي الأحد والاثنين، حزناً على دلفين من فصيلة أزرق أبيض، المعروفة باسم الدلافين المخططة.
الدلفين الذي ينتمي إلى أحد أكثر الأنواع الأكثر انتشاراً في البحر الأبيض المتوسط، سحبته الأمواج أخيراً إلى رمال شاطئ خانيونس، ربما بتأثير من الأزمة المناخية التي يشهدها العالم، أو بسبب ما يرميه الطيران الإسرائيلي منذ بدء حرب الإبادة في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، من صواريخ وقنابل توازي نحو ثلاثة قنابل ذرية، كتلك التي ضربت بها الولايات المتحدة هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين. مع العلم أن هذه الأسلحة، بما تحويه من مواد خطرة وسامّة، تسببت بتلويث مياه البحر في سواحل مصر الشمالية وغزة خصوصاً وفلسطين عموماً، وصولاً إلى لبنان.
وقع الدلفين في أيدي الفلسطينيين المحاصرين من قبل الاحتلال الإسرائيلي منذ قرابة عقدين، وإبادة ضدهم منذ سنة وشهرين، أُرغموا خلالها على تجريب كل أنواع الموت: قصفاً، جوعاً، برداً، حرقاً... وليس آخرها إلا موت الطفل عبد الرحمن أبو نبهان (أربع سنوات) أمس بعدما سقط في قدر طعام يغلي إثر تدافع في طابور انتظار تعبئة القدور!
لكن كل أشكال الموت التي يعجز المخيال الإنساني عن تصوّرها، لا وزن لها في حسّابة ماكينة الدعاية الصهيونية. الماكينة التي تصل الليل بالنهار وهي تنسج الروايات والسرديات لإقناع العالم بـ"أحقية حربها" و"عدالتها" على الفلسطينيين المقهورين، انهارت باكيةً على الدلفين الذي أكله الفلسطينيون الجوعى.
الفلسطينيون أنفسهم الذين اضطروا تحت التجويع والتعطيش لأكل أعلاف الحيوانات، وحتّى الجياد، والحمير، بينما كان سُكان "الفيلا الإسرائيلية" المقامة بمحاذاة "الغابة" كما يُسميها الفلاسفة الصهاينة ومنظّرو الإبادة، يمدوّن المناقل لشيّ اللحوم تدليلاً لجنودهم، المرهقين من مراكمة الجماجم.
احنا البلد الي فيها دولفين وما فيها خبز .
— Basem pal #Gaza (@Basem_gaza1988) January 11, 2025
صياد يصطاد دولفين على بحر خانيونس جنوب غزة..❤️ pic.twitter.com/d1NCvzYbnF
ولم يكن ينقص هذه الماكينة الدعائية سوى أن تذيّل صدمتها بعبارة "يا للهول"، حتّى تكتمل الفاجعة فقد "تحوّل الدلفين إلى وجبة عشاء لعائلة فلسطيني من سكان خانيونس"، كما ذكر موقع واينت، وهو يعزي العالم بالمصير الذي آل إليه الدلفين في مِعدِ الغزيين.
أمّا التعليقات من جانب الإسرائيليين على مواقع التواصل الاجتماعي أو على مواقع وسائل الإعلام الإسرائيلي فلم تقل صدمةً و"حزناً"، فيما أُرفقت غالبيتها بمضامين عنصرية تتهم الفلسطينيين بأنهم "غير رؤوفين بالحيوانات"، متمنيّة أن "يبتلعهم الدلفين في المرة القادمة".
أمّا صحيفة معاريف فاعتبرت أن حالة ذعر انتشرت في الشبكة، لا بسبب الجرائم التي يرتكبها جيش الاحتلال منذ أكثر من عام، بل بسبب افتخار الفلسطيني بعدما شارك صورته مع الدلفين على شبكات التواصل الاجتماعي.
من جهتها، تناست القناة 12 العبرية أن جيش الاحتلال يحظر على الفلسطينيين في غزّة الصيّد حالياً، وزعمت أن الفلسطيني "اصطاد الدلفين بشباكه"، متجاهلةً تماماً التأثيرات المناخية التي تطاول البحر المتوسط، وسائر بحار ومحيطات العالم، والتي جرفت الدلفين إلى الشاطئ.
للمفارقة نشرت القناة نفسها مع غيرها من وسائل الإعلام الإسرائيلي مقطع فيديو، اليوم، يوثّق جرف مياه البحر سمكة قرش بطول متر ونصف إلى شاطئ مدينة الخضيرة جنوبي حيفا، في واقعة تماثل تماماً واقعة الدلفين، وهذه المرّة لا ناقة للغزيين فيها، ولا جمل.
من جهتها، لفتت سلطة الطبيعة والحدائق الإسرائيلية إلى أنّ فصيلة الدلفين الذي أكله الغزيّون تعيش عادةً في مياه البحر العميقة، ونادراً ما تسبح في المياه الضحلة أو الشواطئ، وفي حال وصولها إلى هناك "يصعب إنقاذ حياتها، نظراً لحساسيتها الشديدة"، ما يعني أن الدلفين بجميع الأحوال كان سيلقى حتفه، في بطون الفلسطينيين الجوعى، أو جُثّة هامدة على الرمال.