الإعلام في خمس دول عربية: الحريات مهددة والتشريعات مقيدة

الإعلام في خمس دول عربية: الحريات مهددة والتشريعات مقيدة وتدخلات وهيمنة الحكومات مستمرة

23 مايو 2022
طالب التقرير بإنشاء مراكز متخصصة لتقديم المساعدة القانونية للإعلاميين (محمد الشاهد/Getty)
+ الخط -

أصدر مركز حماية وحرية الصحافيين، اليوم الإثنين، تقريراً عن حالة الحريات الإعلامية في العالم العربي لسنة 2021، حمل عنوان "تحت التهديد"، وشمل خمس دول عربية، هي: الأردن وفلسطين ولبنان وتونس والمغرب. 

ويهدف التقرير إلى الكشف عن حالة الإعلام بشكل عام، والعاملين فيه، والبيئة السياسية، والاقتصادية، والقانونية التي يعملون فيها، ومدى تأثيرها على الحريات الإعلامية المتاحة في الدول الخمس. 

وخلُص التقرير إلى أن الحريات الإعلامية في المنطقة العربية بشكل عام، وفي الدول الخمس بشكل خاص، محاصرة، وتخضع للتقييد في بعض الدول، ومفقودة ومهددة بشكل جدي في دول أخرى، مؤكداً أن أمام شعوب هذه المنطقة وقتاً طويلاً، ونضالاً ضخماً حتى تشم نسائم الحرية.  

وأكد التقرير أن الدول العربية تتشابه نسبياً في خصائصها ومشكلاتها، مشيراً إلى ما وصفه بالسيطرة الواسعة للسلطة التنفيذية على السلطتين القضائية والتشريعية.  

وأشار التقرير إلى تصنيف الدول الخمس في مؤشر الحريات الإعلامية حول العالم الذي تصدره منظمة بيت الحرية، فالأردن وفلسطين مصنفان دولتين "غير حرّتين"، بينما تونس ولبنان والمغرب صُنفت دولاً "حرّة جزئياً" وبتراجع واضح. 

وأشار إلى تشابه الأوضاع الاقتصادية في الدول الخمس مع فروقات طفيفة، إلى جانب التقارب الشديد في البيئة التشريعية، خاصة في العقوبات السالبة للحرية في قضايا الرأي سواء أكانت بتهم القدح والذم، أو تعكير الصفو العام، أو غيرها من التهم الفضفاضة، وجاءت قوانين مكافحة الإرهاب لتصب الزيت على النار، وتضيف عقوبات جديدة ومغلظة إلى قائمة العقوبات الطويلة.

وأشار التقرير إلى أن التنصت على الهواتف الجوالة، والضرب، والمنع من التغطية، والتهديد، والرقابة المسبقة، والذاتية، هي قواسم مشتركة للانتهاكات في الدول الخمس كلها، إلا أن كل دولة من الدول الخمس تنفرد، أو يزيد فيها نوع من معين من الانتهاكات، ونتيجة سيطرة السلطة التنفيذية على السلطة القضائية، أو خضوع السلطة القضائية لتوازنات سياسية، أو طائفية، والتشريعات ذات الصياغات الفضفاضة تُتطبق قضائياً بشكل غير منصف، وفي بعض الأحوال بشكل جائر. 

وأضاف أن الدول الخمس تحاول بكل ما تستطيع محاصرة الإعلام الرقمي سواء بسن تشريعات، أو بتطبيق نصوص قانونية جائرة على المدونين والإعلاميين الذين يعملون فيه، كما أن الحكومات الخمس تنظر للإعلام على أنه ملف أمني تسعى للسيطرة عليه من دون أن تحاول إنقاذه. 

ووفقاً للدراسة الاستطلاعية التي أجراها مركز حماية وحرية الصحافيين على عينة من الصحافيين في الدول الخمس، بالتعاون مع نقابات الصحافيين في كل من فلسطين وتونس والمغرب، في حين جرى التعاون مع مؤسسة مهارات ونقابة المحررين وتجمّع "نقابة الصحافة البديلة" في لبنان؛ فقد تبين أن التدخلات الحكومية في الأردن تأتي على رأس ما يواجهه الصحافيون هناك من تحديات وبنسبة تصل إلى 90 في المائة، كما أن 96.6 في المائة من الصحافيين والصحافيات المستجيبين يرون أن الحكومة لا تحرص على صون استقلالية وسائل الإعلام، ويعتقد 96.6 في المائة من الصحافيين والصحافيات أن القوانين تجيز حبس الإعلاميين، لذلك كانت الرقابة الذاتية في الأردن أكثر من غيرها في الدول الأخرى، وبنسبة وصلت إلى 93.3 في المائة من العينة. 

ويرى 69 في المائة من الصحافيين الفلسطينيين عدم وجود معايير معلنة وشفافة لتصنيف المعلومات في المؤسسات العامة، كما أن نسبة عالية بلغت 72 في المائة يعتقدون أن الحكومة تمارس الرقابة على الإنترنت، فيما أقرت الغالبية العظمى من الصحافيين، وبنسبة 84.4 في المائة، بأن الحكومة تعمد إلى حجب مواقع على الإنترنت تنقل أخباراً أو بيانات أو معلومات؛ وهو ما يؤكد أن الرقابة على الإنترنت وحجب المواقع أمران يرتبطان بالمعلومات وتوافرها، ويعتبران من المشكلات الرئيسية هناك. 

إعلام وحريات
التحديثات الحية

ويشكو 95.5 في المائة من الصحافيين في لبنان من أن الحكومة لا تقدم دعما لوسائل الإعلام، والنسبة نفسها 95.5 في المائة من الصحافيين يرون أن الحكومة لا تحرص عن صون استقلالية وسائل الإعلام؛ إضافة إلى أن 77.3 في المائة يقرون بأن الأجهزة الأمنية تقوم بالاعتداء على الإعلاميين أثناء قيامهم بالتغطية الصحافية. 

وأقر 100 في المائة من الصحافيين في تونس بوجود حالات اعتداء جسدي، أو لفظي، على الإعلاميين عام 2021، كما يرى 80 في المائة من الصحافيين والصحافيات أن هناك بطئاً في تحديد المسؤولين في قضايا الاعتداء على الإعلاميين والإحالة إلى المحكمة، و80 في المائة من الصحافيين لا يعتقدون أن القوانين تدعم الاستثمار في وسائل الإعلام، وهو ما يؤكد أن الإعلام في تونس يحتاج إلى وقفه تدعمه على المستويين المالي والأمني. 

وفي المغرب، يرى 70 في المائة من المستجيبين أن القوانين تجيز حبس الإعلاميين، كما يرى 75 في المائة من العينة أن الإعلاميين يتعرضون لانتهاكات من قبل النيابة العامة و/أو القضاة، وهذا هو الأخطر. وعلى الرغم من وجود قانون للحصول على المعلومات في المغرب، فإن 95 في المائة من العينة يقولون إن هناك تشريعات تحمي حق السلطة في حجب المعلومات. 

ودعا التقرير منظمات المجتمع المدني لتشكيل تحالف واسع يضم خبراء قانونين، وإعلاميين، وأعضاء برلمان، في الدول التي تتمتع بسلطة تشريعية، لوضع نصوص بديلة لجرائم الرأي التي تتضمنها قوانين العقوبات، والمطبوعات، ومكافحة الإرهاب، والجرائم الإلكترونية، ومراجعة قوانين إتاحة المعلومات في الأردن، ولبنان، وتونس، والمغرب؛ لضبط المفاهيم، وتقليل الاستثناءات، ووضع مسودة تشريع فلسطيني لتداول المعلومات. 

وطالب التقرير من نقابات الصحافيين والمحامين في الدول الخمس بالبدء بإنشاء مراكز متخصصة لتقديم المساعدة القانونية للإعلاميين، ورفع كفاءتهم المهنية، ورفع كفاءة المحامين العاملين في تلك المراكز.

المساهمون