استمع إلى الملخص
- الأجور وبدل التدريب: أُعلن عن رفع الحد الأدنى للأجور للعاملين في القطاع الخاص، مما أثار نقاشاً حول أجور الصحافيين وبدل التدريب والتكنولوجيا، الذي يُعتبر وسيلة ضغط لدعم مرشح معين.
- تفتيت الأصوات والمشاركة النسائية: يواجه الصحافيون تحدي تفتيت الأصوات، خاصة بين النساء، مع دعوات لتجاوز العرف السائد بانتخاب زميلة واحدة فقط، والتركيز على الكفاءة.
فور إعلان القوائم النهائية لمرشحي مجلس نقابة الصحافيين المصريين بدأت أزمات تلوح في الأفق، وتثير مخاوف الناخبين والمرشحين على حد سواء. فمن المقرر أن توجه الدعوة إلى الجمعية العمومية للانعقاد في 7 مارس/آذار المقبل، للنظر في جدول الأعمال وإجراء الانتخابات، وفي حالة عدم اكتمال النصاب القانوني بحضور نصف الأعضاء على الأقل من إجمالي مَن يحق لهم التصويت يُؤجل اجتماع الجمعية العمومية إلى الـ21 من الشهر نفسه، ويكون الانعقاد صحيحاً بحضور ربع عدد الأعضاء.
وأبرز ما شغل الصحافيين والمراقبين خلال الفترة الماضية هو السجال الذي دار في أعقاب مقال كتبه رئيس تحرير صحيفة الفجر الكاتب الصحافي عادل حمودة، يصف فيه نقيب الصحافيين خالد البلشي بأنه "بوسطجي" يحيل أزمات الصحافيين إلى المجلس الأعلى للإعلام من دون بذل مجهود من جانبه. وكتب حمودة في المقال المذكور الذي نشرته "الفجر" في 29 يناير/كانون الثاني الماضي: "الأهم أن دور النقابة على ما يبدو انحصر في وظيفة البوسطجي، ليس في مشكلة 'الفجر' فقط، وإنما في مشاكل أخرى تواجهها أيضاً. لا تستطيع النقابة أن تحل مشكلة عدد من أعضائها لا يتقاضون البدل النقدي الشهري، فلا يذهب النقيب أو من يفوضه إلى وزير المالية للتفاهم معه في زيادة المخصصات لحل المشكلة، وإنما يستسهل مجلس النقابة التصرف بأن يكتفي بدور البوسطجي ويرفع الأمر إلى المجلس الأعلى للإعلام".
البلشي رد على حمودة عبر "فيسبوك" حيث كتب: "يبدو أن هناك مَن يريد جرنا لمعركة لا تليق بنا، لكننا مصرون على خوض تنافس انتخابي شريف". وبعد نقاشات حادة وصلت إلى حد التطاول في بعض الأحيان، أراد البلشي طي هذا الملف الجانبي الذي يطغى على انتخابات النقابة، بدعوته للصحافيين بالرقي في الحوار. وكتب: "انطلاقاً من حرصي على احترام الرأي والرأي الآخر، والتزاماً بالتقاليد النقابية العريقة التي تعلمناها من أساتذتنا الكبار، وحرصاً على أن يظل الحوار بيننا راقياً، بعيداً عن أي ملاسنات لا تليق بنا، وبمهنتنا، ونقابتنا العريقة، وسعياً لإرساء نموذج يُحتذى به في إدارة الاختلاف - كما سعيت دائماً خلال مسيرتي المهنية والنقابية - فإنني أود أولاً تأكيد تقديري واحترامي لجميع الأساتذة الأجلاء الذين أسهموا في تاريخ مهنتنا، وأجدد دعوتي للجميع لأن نجعل من هذه الانتخابات نموذجاً للمنافسة الشريفة؛ وبناءً على ذلك، أدعو الجميع إلى وقف أي سجالات حول النقاش الدائر بيني وبين الأستاذ الكبير عادل حمودة، فقد مارست حقي في الرد على ما كتبه، في خلاف نقابي وليس شخصياً، وبذلك أعتبر الموضوع من جهتي منتهياً. أما ما يتعلق بالجانب النقابي، فهو متروك للإجراءات المعتادة في مجلس النقابة. إنني أرجو أن نوجّه جهودنا إلى نقاش جاد حول قضايا مهنتنا قبل انعقاد جمعيتنا العمومية المرتقبة، وسنظل مصرّين على خوض تنافس انتخابي شريف، دون أن ننجرّ إلى أي تلاسن لا يليق بنا جميعاً".
أزمة أخرى أطلت بالتزامن مع اقتراب انتخابات مجلس نقابة الصحافيين المصريين عندما أُعلِن رفعُ الحد الأدنى للأجور للعاملين في القطاع الخاص إلى 7 آلاف جنيه مصري (نحو 140 دولاراً) بدلاً من 6 آلاف جنيه (نحو 120 دولاراً)، على أن يتم تطبيقه بدءاً بالأول من مارس. أعاد القرار الحديث بين الصحافيين حول ما يتقاضونه في الصحف والمواقع الإلكترونية، والذي لا يتجاوز في كثير من الأحيان نصف الحد الأدنى للأجور. وبالطبع طاول النقاش الحديث عن بدل التدريب والتكنولوجيا الذي يحصل عليه الصحافيون النقابيون من وزارة المالية، والذي يقدر بنحو 3800 جنيه (نحو 75 دولاراً).
غالباً ما تغازل السلطات المصرية الصحافيين بزيادة مقدرات بدل التدريب والتكنولوجيا، بالتزامن مع موعد إجراء انتخابات نقابتهم، في محاولة للدفع بمرشح معين -يطلق عليه مرشح الدولة- للفوز بإعلان نجاحه في التفاوض لرفع قيمة البدل. في الأصل، كان البدل يصرف مقابل ما تحصل عليه الدولة من نسبة 36% من ضرائب الصحف وإعلاناتها، لكنه مع الوقت تحول إلى وسيلة ضغط من جانب الحكومة على الصحافيين وتدعم من خلاله مرشحها الذي يعد بزيادته حال فوزه. وعلى مدار العقود الماضية شهد البدل عدة زيادات اقترنت بانتخابات النقابة، حيث بلغ 20 جنيهاً في عهد النقيب الراحل إبراهيم نافع، ثم 100 جنيه في أوائل التسعينيات في عهد مكرم محمد أحمد، وتوالت الزيادات حتى وصلت إلى 290 جنيهاً عام 2003، ثم 330 جنيهاً، وعام 2007 وصل إلى 530 جنيهاً، ثم 610 جنيهات، ثم 760 جنيهاً، ثم 900 جنيه عام 2011، بعدها ارتفع إلى 1200 جنيه عام 2013، بعدها أصبح 1380 جنيهاً، ثم 1680 جنيهاً، ثم 2100 جنيه، ثم 2520 جنيهاً في يوليو/تموز 2021، ثم ارتفع ليصبح نحو 3 آلاف جنيه. وكانت آخر زيادة للبدل تلك التي أعلنها المرشح على مقعد النقيب في انتخابات الصحافيين عام 2023، رئيس تحرير صحيفة الأخبار القومية خالد ميري.
كما برز خلاف من نوع آخر بشأن مخاوف تفتيت الأصوات بين المرشحين "تحت السن" خاصة النساء. وكانت اللجنة المشرفة على انتخابات التجديد النصفي لنقابة الصحافيين قد أعلنت في 13 فبراير/شباط الحالي كشوف المرشحين على مقعد النقيب، وستة من أعضاء المجلس. وبلغ عدد المرشحين 53 مرشحاً، بينهم عشرة مرشحين على مقعد النقيب، و43 مرشحاً لعضوية مجلس النقابة، بينهم ست نساء فقط.
وغالباً ما يتهم الصحافيون بتفتيت الأصوات حال إعلانهم دعْمَهم أكثر من مرشحة في الانتخابات، إذ جرت العادة على انتخابات مرشحة واحدة في مجلس النقابة، تكثف كل كتلة جهودها لدعم المرشحة الأقرب للفوز بدلاً من تفتيت الأصوات على الأخريات. هذه الأزمة كتبت عنها النقابية السابقة حنان فكري التي أعلنت عدم خوضها الانتخابات لفتح الباب أمام أخريات، وقالت: "أكتب إليكم اليوم بكل تقدير وامتنان، شاكرة ثقتكم الغالية ودعواتكم الكريمة التي تلقيتها للترشح مجدداً لعضوية مجلس نقابة الصحافيين (...) المشهد الحالي، وما يصاحبه من زخم في ترشح الزميلات، دفعني إلى إعادة التفكير، ليس تخوفاً أو تراجعاً، بل إيماناً بضرورة مواجهة عُرف سائد في الجمعية العمومية للصحافيين، وهو الاكتفاء بانتخاب زميلة واحدة فقط للمجلس، كما جرت العادة على مدار دورات عديدة سابقة. وبالتالي فإن ترشح عدد كبير من الزميلات في ظل هذا العرف، وذلك الزخم يجعل فرصة فوز زميلة واحدة بعضوية المجلس أمراً عسيراً. فتأتي النتيجة إما فوز صاحبة الخبرة السابقة لدورات متتالية، وتفويت الفرصة على أخريات، ومنع ضخ دماء نسائية جديدة في عروق العمل النقابي. أو فوز زميلة حديثة العهد والتخلي عن زميلة تتمتع بخبرة سابقة، أو عدم فوز أي واحدة، وهو أمر يختزل قيمة الصحافيات في كونهن عامل توازن نوعي في مجلس نقابة الحريات". ودعت إلى "التخلي عن هذا العُرف المشوه، والتعامل مع انتخابات النقابة بمنطق أكثر موضوعية (...) ومنح الثقة لمن يستحقها، سواء كان صحافياً أم صحافية، فالمعيار الوحيد يجب أن يكون هو الكفاءة والقدرة على العطاء".
ينص قانون نقابة الصحافيين رقم 76 لسنة 1970 على أن الجمعية العمومية للنقابة تعقد اجتماعها العادي في يوم الجمعة الأول من مارس من كل سنة في المقر الرئيسي للنقابة. وتختص الجمعية العمومية بعدد من البنود على رأسها "النظر في تقرير مجلس النقابة عن أعمال السنة المنتهية واعتماده، واعتماد الحساب الختامي للسنة المالية المنتهية، وإقرار مشروع الميزانية الخاصة بالسنة المالية المقبلة، وانتخاب النقيب وأعضاء مجلس النقابة بدلاً من الذين انتهت مدة عضويتهم، وإقرار مشروع اللائحة الداخلية للنقابة. والنظر فيما يهم النقابة من أمور يرى مجلس النقابة عرضها على الجمعية العمومية".