اكتشاف "القبر 38" من العصر البرونزي... تاج على رأس الغموض

اكتشاف "القبر 38" من العصر البرونزي... تاج على رأس الغموض

16 مارس 2021
عاش الزوجان في وقت كانت فيه ثقافة حضارة الأرغار سائدة في إسبانيا (Getty)
+ الخط -

اكتشف علماء في إسبانيا، أخيرًا، قبرًا سمّوه "القبر 38" من العصر البرونزي. دُفِن في القبر زوجان، وكانت المرأة ترتدي تاجًا مبهرًا مصنوعًا من الفضة. ما قصّة التاج؟ 

أكّد الفريق البحثي أنّ عمر المرأة لا يتجاوز 30 عامًا. كانت مستلقية على ظهرها وساقاها مثنيتان، وزوجها ملقى إلى جانبها. عندما عثر العلماء على رفات الزوجين، كان من الواضح أنَّ أي شخصٍ لم يُدفَن هنا منذ حوالي 3700 عام. كانت المرأة ترتدي مجوهرات فضية في غاية الجمال.على مرفقها سوار وفي إصبعها خاتم. لكن القطعة الأكثر إثارة للاهتمام كانت الإكليل الفضي الضخم الذي لا يزال يغلف جمجمة المرأة. فمن تكون هذه المرأة الموجودة في "القبر 38" والتي قد تكون قد ماتت بمرض السل؟ عُثِرَ على القبر من قبل مجموعة من العلماء الإسبان والألمان. كان لدى الزوجين طفلٌ، ولا بدّ أنه مات بعد الولادة بفترة قصيرة، ودفن الرضيع الذي تم تحديد ارتباطه بالزوجين عن طريق الجينات، في مكان قريب من "القبر 38"، ومن غير المعروف إذا كان للزوجين أطفالٌ آخرون. 

وجد العلماء في القبر 29 قطعة ثمينة كلها تعود للمرأة

عاش الزوجان في وقت كانت فيه ثقافة حضارة الأرغار سائدة في إسبانيا. قبل حوالي 4000 عام، عاش الناس في مجتمعٍ هرمي، إذْ عمل غالبية الناس في الزراعة أو بعض المهن الحرفية. لم يكن يحق للجميع طقوس دفن فخمة أو لائقة. إذْ إن 10 بالمئة فقط من مقابر تلك الحقبة هي فخمة ومليئة بالأشياء الجنائزية والتذكارية، وكلها تعود للنخبة. المميز في ثقافة الأرغار، هو نشوء طلائع نظام سياسي مبكّر. بنى الناس مراكز حضارية ومنازل ضخمة وقاعات واسعة نسبيًا، حتّى أنّ "القبر 38" يقع فعليًا تحت قاعة واسعة من قاعات النخبة تلك، الأمر الذي دفع علماء الآثار على التساؤل حول ما إذا كانت المرأة في القبر تترأس إحدى تلك القاعات. ودومًا ينظر إلى الدولة والسياسة على أنها قضيّة أبوية تخصّ الذكور. ولكن يبدو أنّ الأمر عند ثقافة الأرغار كان مختلفاً، كما يتضّح من المقبرة العائدة إلى العصر البرونزي. 

وجد العلماء في القبر 29 قطعة ثمينة كلها تعود للمرأة. يثير هذا الاكتشاف السؤال حول ما إذا كانت المرأة حاضرة بقوّة في الطبقة السياسية الحاكمة آنذاك. وتم اكتشاف نفس التيجان والمقتنيات الفضيّة في ست مقابر أخرى. عمومًا، مقابر النساء تحتوي على أشياء ذات قيمة، أكثير بكثير من مقابر الرجال. والمبنى الذي وجد "القبر 38" تحته هو مبنى سياسي. ثمة مقاعد طويلة كي يجلس الناس عليها، ومنصّة لإلقاء الخطابات، ومدفأة غير مخصصة للطهي. الغرفة تحتوي على مساحة تتسع لحوالي 50 شخصًا. ويعتقد العلماء أنّ هذا المكان كان لصناعة القرارات وتمريرها وإعلانها على الناس. ربما كانت المرأة مسؤولة عن ذلك، ولكن كل هذا يبقى مجرّد تخمين، إذْ يمكن أنْ تكون المرأة فقط متحدثة وناقلة للقرارات التي كان الرجال يصدرونها. من الصعب الآن ترجيح احتمالٍ على آخر، وخصوصًا أنّ الرجل في "القبر 38" كان يحمل خنجرًا نحاسيًا على مقبضه أربعة مسامير فضيّة. 

هنالك احتمال آخر، هو أنَّ النساء كن يصدرن القرارات، والرجالٌ كانوا يتأكدون من تنفيذها، أي أن السلطة التشريعية كانت بيد النساء، والسلطة التنفيذية بيد الرجال. وربما كان النظام السياسي في زمن الأرغار أكثر حداثة من الآن، مع تقاسم عادل للسلطة وقرار مشترك بين الرجال والنساء، ولكن هذا الأمر غير واضح أبدًا. 

المساهمون