اعتداء "أمني" على إعلامية لبنانية وزوجها المحامي أمام طفليهما

اعتداء "أمني" على إعلامية لبنانية وزوجها المحامي أمام طفليهما

04 يناير 2021
الإعلامية كلارا جحا (تويتر)
+ الخط -

"ما تضربو ما تضربو رح يموت"... بهذه العبارات كانت تصرخ ابنة المحامي جيمي حدشيتي والإعلامية في قناة "الجديد" اللبنانية كلارا جحا، وهي ترى والدها يتعرّض للضرب على يد عناصر من قوى الأمن الداخلي في اعتداء موثق بمقطع فيديو أثار غضب روّاد مواقع التواصل الاجتماعي.

صراخ ابنة الستّة أعوام وشقيقها (5 أشهر)، ضجّت به "ساحة تويتر" منذ يوم أمس، التي تحوّلت إلى منصّة استنكر من خلالها الناشطون وزملاء جحا الصحافيون ما حصل، ويتكرّر في الفترة الأخيرة، مع الإعلاميين والمحامين بشكل خاص، واستنكروا استمرار توقيف المحامي حدشيتي وتجاوز الأصول القانونية في التحقيقات.

تروي كلارا جحا، لـ"العربي الجديد"، ما حصل مع زوجها قبالة "قاروط مول" في محلّة غاليري سمعان في منطقة الشياح- ضواحي بيروت، بسبب "موقف سيارة"، وتقول: "نزل زوجي لشراء بعض الأغراض، وبسبب الزحمة والسيارات التي تقف في أكثر من صفّ، بقيت مع ولدَي في السيارة بحال أرادت إحدى السيارات المرور، عندها يمكنني أن أقود السيارة إفساحاً في المجال لخروجها، وهذا ما يحصل عادة، مع الجميع، وفجأة، أتى عنصر الدرك، وتحدّث إليّ بطريقة فوقية وغير مؤدبة وطلب مني إزاحة السيارة، وبدأ بتصويرنا، وتحرير محضر الضبط".

وتضيف جحا، لـ"العربي الجديد": "نحن تحت القانون، ولا مانع من دفع محضر الضبط، رغم أن سيارتنا لم تكن الوحيدة المركونة بهذه الطريقة، وبمجرّد علمه بأني كلارا جحا التي تعمل في قناة الجديد، بدأ يشتم صاحب القناة والتلفزيون، ويقول إنه يريد توثيق اللحظة لإظهار الفساد عندنا أمام الرأي العام، وما إلى ذلك. عندها سألته ما الرابط بين المخالفة الآن والقناة؟ ولماذا هذا الكمّ من الشتائم الذي انهال علينا ولا دخل له بما يحصل؟ وقلت له إنه بإمكاني أيضاً حمل هاتفي مثلك وتصوير الحدث وهذا ما فعلته".

وتتابع جحا: "اتصلت بزوجي، وأخبرته بما حصل بينما كان متجهاً إلى السيارة، فتوجّه إلى العنصر واعترض أمامه على التعرّض لي، وتصويري، قبل أن يحصل تلاسن بينهما، ويأتي عنصر آخر، الذي سرعان ما تلقى اتصالاً، بدأ الاعتداء على زوجي أمام ولدَي وضربه على رأسه، فراحت ابنتي تصرخ وتبكي وهي ترى والدها يتعرّض للضرب، ولا تزال حتى الساعة قلقة عليه وتخشى أن يكون قُتِلَ، وتعاني من تروما بسبب ما رأته"، لافتة، إلى أنّ "زوجها حافظ على أعصابه قدر الإمكان احتراماً للبزة الأمنية، ولمهنته كمحامٍ، رغم الضرب، وهو يُحاسب اليوم على الشتمِ!".

وتشير إلى توجه مديرة الأخبار والبرامج السياسية في القناة مريم البسام وفريق من العمل إلى المكان، وكذلك فعل نقيب المحامين في بيروت ملحم خلف، الذي اعترض على الاعتداء الذي طاول المحامي حدشيتي، وأنها ليست المرة الأولى التي يعتدي بها عناصر أمنيون على محامين، وذهبنا إلى فصيلة الشياح، لاتخاذ صفة الادعاء، وإذا بهم يريدون الادعاء علينا أيضاً، وطلبوا مني توقيع سند إقامة للخروج، والإبقاء على زوجي موقوفاً حيث تعرّض أيضاً للضرب وهذا ما رفضته، وبقيت موقوفة مع عدد من المحامين، إلى أن تطوّرت الأمور وانتقل الملف من قاضٍ الى آخر، وكذلك أحيل زوجي إلى فصيلة أخرى هي حمانا، من دون أن نعرف الأسباب، حيث صدرت إشارة بتوقيفه.

وتقول جحا: "حتى الساعة لا أفهم ما حصل ويحصل، ولماذا يعامل زوجي وكأنه معتقل، وما هي القصة الحقيقية وراء هذه التصرفات، فهل هي تصفية حسابات بين النقيب خلف، ووزارة الداخلية وقوى الأمن أم أن هناك أمراً آخر؟ طالبنا بسحب الكاميرات من المكان وحتى اللحظة لم يتم ذلك وهذا تمييع للتحقيق".

وتوقف المحامون اليوم عن العمل بناءً على البيان الذي أصدرته نقابة المحامين في بيروت أمس الأحد، والتي يجتمع مجلسها اليوم بشكل طارئ لاتخاذ الموقف المناسب، "في ضوء التعدي الصارخ على المحامي حدشيتي والتجاوز الفاضح للقاضي المولج بالتحقيقات في هذه القضية لكل الأصول القانونية، واتخاذه قراراً سورياليّاً بتوقيفه واحتجاز حريته عن غير حق، بمخالفة وقحة للقوانين المرعية الإجراء، ضارباً بكل الأسس الأخلاقية السامية التي تربط المحاماة بالقضاء، تنفيذاً لرغبات غير واضحة المعالم وتكريساً لقبضة الأجهزة الأمنية على مؤسسات الدولة"، يقول البيان.

وأطلق سراح حدشيتي والعنصر الذي اعتدى عليه بعد ظهر اليوم الإثنين.

بدورها، استنكرت وزيرة الإعلام في حكومة تصريف الأعمال منال عبد الصمد ما حصل، وغرّدت: "شو ما كان السبب ومين ما كان المسبب، مشهد مريب ومعيب! إهانة إعلامية وزوجها المحامي وضرب الأب أمام أطفاله من قبل رجل أمن وصراخ الأطفال خوفاً على حياة والدهم.. أي مظهر حضاري نعكس! هل كل شخص يأخذ حقه بيده؟ هل أصبحنا في "شريعة الغاب"؟ عمل مُدان ومستنكر ومرفوض!".

وتوالت الاستنكارات من نقيب محرري الصحافة اللبنانية جوزيف القصيفي، والزملاء الإعلاميين والصحافيين، وتغريدات التضامن مع جحا وزوجها لما تعرّضا له من اعتداء جسدي ولفظي أمام طفليهما، مطالبين بتحرّك وزير الداخلية لمحاسبة العناصر واتخاذ تدابير مسلكية بحق المعتدين.

في المقابل، أصدرت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي بياناً أشارت فيه إلى أنه "بالتّحقيق لدى الفصيلة المعنيّة، تبيّن أن الإعلامية كانت قد ركنت مركبتها الآلية بطريقة مخالفة أمام مجمّع "قاروط مول" تعيق حركة السير، ولما طلب منها الشّرطي إزالتها من مكانها رفضت باعتبار أنّها تنتظر انتهاء زوجها من شراء بعض الحاجيّات، فقام بتصوير المخالفة ثم عاد أدراجه إلى التقاطع من دون أن يتّخذ أي إجراء".

وتابع البيان: "لدى عودة زوجها من المجمّع المذكور بعد اتصالها به، توجّه فوراً باتجاه التقاطع (ولو غادر حينها فوراً مع زوجته، لما حصل الإشكال) وبدأ بشتم العُنصر واتَّهمه بضرب زوجته، عندها حضر درّاج لمعالجة هذه المشكلة، فتعرّض بدوره من قبل المحامي لكلمات نابية وقام بدفعه، عندها اضطرّ الدرّاج إلى الدّفاع عن نفسه".

ولفتت إلى أنه "خلال التحقيق داخل الفصيلة توجّه المحامي من جديد بإهانة للدرّاج، ممّا أدّى الى ردّة فعل من قبل الأخير ومحاولة التعرّض له، فتمّ منعه من ذلك. بناء على إشارة القضاء، جرى توقيف الدرّاج والمحامي في حينه، وترك عنصر الإشارة والإعلامية لقاء سندَي إقامة، بحيث عاد القضاء وترك الموقوفَيْن بموجب سندي إقامة في اليوم التّالي".

واتهمت المديرية العامة بعض وسائل الإعلام بـ"التجني دائماً على قوى الأمن الداخلي، وهم عالمون أنّهم بهذه الطريقة وفي هذه الظروف المصيريّة، يساهمون في ضرب المدماك الأساس في الوطن وهو الأمن".

من جانبه، قرر مجلس نقابة المحامين، بعد الاجتماع الطارئ، استمرار التوقف عن العمل غداً الثلاثاء مع تنفيذ وقفة رمزية للمحامين في قصور العدل تضامناً مع المحامي حدشيتي.

المساهمون