استياء في الجزائر بعد تصريحات لأحد السياسيين ضد الأمير عبد القادر

استياء واسع في الجزائر بعد تصريحات لأحد السياسيين ضد الأمير عبد القادر

18 يونيو 2021
الأمير عبد القادر يعتبر أحد أهم الرموز التاريخية في الجزائر (Getty)
+ الخط -

فجرت تصريحات أدلى بها نجل أحد قادة ثورة التحرير الجزائرية والنائب السابق في البرلمان نور الدين آيت حمودة، وجه خلالها اتهامات طاولت شخصية الأمير عبد القادر مؤسس الدولة الجزائرية، وضد مؤسس الحركة الوطنية الجزائرية مصالي الحاج، والرئيس الراحل هواري بومدين، صخباً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي، ويُعتقد أن يكون لها تداعيات قضائية.

ووُصفت التصريحات "بالسقطة السياسية في حق بطل تاريخي"، فيما أثار بعض المدونين شكوكاً في توقيت بث هذا الحوار، وما إذا كان عبارة عن توجيه وتلهية للرأي العام، بعد النتائج المثيرة للانتخابات النيابية الأخيرة.

وقال نور الدين آيت حمودة، في حوار بثته أمس قناة "الحياة" المحلية الموالية للسلطة، إن الأمير عبد القادر "وبتوقيعه معاهدة التافنة فإنه باع الجزائر لفرنسا، وأحفاده ما زالوا يتلقون إعانات من فرنسا إلى يومنا هذا"، ووصف مؤسس الحركة الوطنية في الجزائر خلال عهد الاستعمار الفرنسي مصالي الحاج بأنه "خائن" (لرفضه إطلاق ثورة التحرير)، كما وجه انتقادات حادة ضد الرئيس الراحل هواري بومدين، وقال إن "الجزائر تعاني إلى اليوم من الألغام التي وضعها بومدين"، ووصفه "بالعقيد الوحيد في العالم الذي لم يطلق رصاصة واحدة في حياته".

وقال مصطفى فرحات، وهو كاتب وإعلامي، إن "الحي يغلب ألف ميت، نور الدين آيت حمودة تمسك بما ظنه حقائق مدعومة بوثائق، فهو لم يسئ للأمير عبد القادر، بقدر ما كشف عن جهله المُذهل بالتاريخ، يفضحه في ذلك عقله القاصر عن تحليل المُعطيات واستنتاج الأحكام"، مضيفاً أن "آيت حمودة أساء لوالده البطل الشهيد عميروش آيت حمودة، وهو خير دليل على أن الآباء لا يؤاخذون بما اقترفه الأبناء. وأنه لا تزر وازرة وزر أُخرى".


وآيت حمودة هو نجل أحد قادة ثورة التحرير الجزائرية آيت حمودة، المعروف بالعقيد عميروش الذي كان من رواد جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، لكن نجله نحى مساراً مغايراً، فاعتنق الفكر التقدم،ي وانتمى إلى "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" (لائكي)، وعرف بتوجهاته المعارضة للثوابت ولكل ما يرمز للهوية العربية الإسلامية.

وعلق الصحافي محمد سيدمو على تصريحات نور الدين آيت حمودة، ووصفها "بالوقحة"، واعتبر أن مطالبة الأخير"بإخراج جثمان الأمير عبد القادر من مقبرة العالية! كلام مقرف وعنيف، من شخص ينتحل صفة المؤرخ، في حق رمز وطني يتفق الجزائريون على أنه مؤسس دولتهم الحديثة وزارع بذرة المقاومة ضد المستعمر التي أثمرت بعد أكثر من قرن الاستقلال"، مضيفاً "نجد في بلادنا من يريدون اغتيال شخصية عظيمة مثل الأمير جمعت كل الصفات النبيلة، من قائد عسكري إلى رجل دولة مؤسس إلى شاعر وأديب ورمز للإصلاح والتسامح بين الأديان".

ودافع الأستاذ الجامعي يحيى جعفري عن الزعيم مصالي الحاج، والذي لا تزال فترة من حياته ومواقفه ملتبسة في التاريخ السياسي في الجزائر، خاصة علاقته برفض دعم مبادرة شباب الحركة الوطنية إطلاق ثورة التحرير عام 1954 كوسيلة للكفاح المسلح لتحقيق الاستقلال، على الرغم من أن مصالي هو أول زعيم طالب باستقلال الجزائر، لكنه كان يعتقد أن الوقت ما زال مبكراً لإطلاق الثورة. ورد جعفري على تصريحات آيت حمودة بحق مصالي الحاج قائلاً إنه "زعيم رغم أنف الرويبضات الذين يؤذيهم وجود رجال مثل الحاج مصالي في تاريخ الجزائر، لما يشكله من مصدر إلهام للأجيال الصاعدة من داخل قبره، فالرجل، وبعد الذي قدمه من تضحيات وما تحمله من صنوف الأذى، أضحى في الخالدين أما شانئوه وأعداؤه فقريبا يطويهم الزمن في الغابرين وشتان بين الثرى والثريا".

لكن مدونين آخرين شككوا في توقيت بث هذا الحوار، وعبر قناة موالية للسلطة، واعتبروا أن ذلك محاولة تقف ورائها السلطة بهدف طرح قضية مثيرة للجدل، لإلهاء الرأي العام وشغله عن متابعة نتائج الانتخابات النيابية المبكرة التي جرت السبت الماضي، وخاصة بعد نجاح أحزاب الموالاة التي ثار ضدها الحراك الشعبي، في العودة عبر بوابة هذه الانتخابات.

وهذه ليست المرة الأولى التي يطلق فيها آيت حمودة تصريحات مثيرة للجدل في قضايا تاريخية، على الرغم من أنه ليس مؤرخاً، إذ كان قد شكك أيضاً في رقم المليون ونصف المليون شهيد، واعتبر أن هذا الرقم مبالغ فيه، وشكك في جهاد ومشاركة عدد من الشخصيات في ثورة التحرير(1954-1962).

ورفعت مؤسسة الأمير عبد القادر، التي تضم عدداً من أحفاده، دعوى قضائية ضد بن حمودة، ويمنع القانون الجزائري الإساءة إلى رموز الدولة والتاريخ الجزائري، اذ كان الشاعر ومدير الثقافة بولاية المسيلة رابح ظريف قضى عام 2020 عقوبة في السجن لستة أشهر، بعد وصفه عبان رمضان، أحد قادة ثورة التحرير، بالخائن.

المساهمون