إنتاج مضادات حيوية بالتحرير الجيني

إنتاج مضادات حيوية بالتحرير الجيني

03 ديسمبر 2021
(رمسيس ماتي/الأناضول)
+ الخط -

اكتشف باحثون طريقة جديدة لإنتاج مضادات حيوية معقدة، تستغل التحرير الجيني، لإعادة برمجة مسارات الأدوية المستقبلية المطلوبة بشكل عاجل، لمكافحة مقاومة مضادات الميكروبات، وعلاج الأمراض المهملة والأوبئة.
في دراسة جديدة نُشرت في دورية Nature Communications، اكتشف باحثون من جامعة مانشستر طريقة جديدة للتعامل مع إنزيمات خط التجميع الرئيسية في البكتيريا، والتي يمكن أن تمهد الطريق لجيل جديد من العلاجات بالمضادات الحيوية.
وفق الدراسة، يشير المؤلفون إلى إمكانية استخدام التحرير الجيني (تقنية كريسبر كاس) لخلق إنزيمات جديدة للببتيد غير الصبغي (NRPS) - وهو من المركبات الثانوية التي تنتج عادة عن طريق الكائنات الدقيقة مثل البكتيريا والفطريات - وتنتج مضادات حيوية مهمة سريرياً.
وتعد الببتيدات غير الصبغية من الإنزيمات المنتجة للمضادات الحيوية الطبيعية مثل البنسلين. ومع ذلك، حتى الآن، كان تحرير هذه الإنزيمات المعقدة لإنتاج مضادات حيوية جديدة وأكثر فاعلية يمثل تحدياً كبيراً.
أحدثت تقنية التحرير الجيني المعروفة باسم "كريسبر/ كاس 9" ثورة في العلوم البيولوجية، استحقت عليها مطوِّرتا هذه التقنية؛ الفرنسية إيمانويل شاربنتييه، والأميركية جينيفر داودنا، جائزة نوبل في الكيمياء لعام 2020. تعتمد تقنية التحرير الجيني، كريسبر، على دليل من الحمض النووي الريبوزي RNA، يمكنه تحديد الجزء المراد تعديله بدقة، ومن ثم يقوم إنزيم CAS9 بقص الحمض النووي عند هذا الجزء ليسمح بإجراء التعديل المطلوب.
تسبب عدوى مقاومة مضادات الميكروبات (AMR) قرابة 700 ألف حالة وفاة كل عام على مستوى العالم. ومن المتوقع أن يرتفع العدد إلى 10 ملايين، ما يكلف الاقتصاد العالمي قرابة 100 تريليون دولار بحلول عام 2050. كذلك تهدّد مقاومة مضادات الميكروبات العديد من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، مع 28 مليون شخص إضافي يمكن أن يجبروا على العيش في فقر مدقع بحلول عام 2050 ما لم يتم احتواء مقاومة مضادات الميكروبات.

وقال جيسون ماكفيلد، أستاذ الكيمياء الحيوية في جامعة مانشستر والمؤلف الرئيسي في الدراسة، إن عملية تعديل الجينات يمكن أن تستخدم لإنتاج مضادات حيوية محسنة، وربما تؤدي إلى تطوير علاجات جديدة تساعد في مكافحة مسببات الأمراض والأمراض المقاومة للأدوية في المستقبل.
ويوضح ماكفيلد في تصريح لـ"العربي الجديد" إن ظهور مسببات الأمراض المقاومة للمضادات الحيوية، هو أحد أكبر التهديدات التي تواجهها البشرية اليوم. وأن طريقة تحرير الجينات التي طورها فريقه، هي طريقة فعالة وسريعة للغاية لهندسة الإنزيمات المعقدة، التي يمكن أن تنتج تركيبات جديدة للمضادات الحيوية ذات الخصائص المحسنة.
تمكنت الكائنات الحية الدقيقة، مثل البكتيريا التي تعيش في التربة، من تطوير إنزيمات تخليق الببتيد غير الصبغي، التي تجمع وحدات بناء تسمى الأحماض الأمينية في منتجات الببتيد، وغالباً ما يكون لها نشاط قوي جداً من المضادات الحيوية. يتم اشتقاق العديد من المضادات الحيوية المهمة والمستخدمة بكثرة حول العالم من إنزيمات الببتيد غير الصبغي، مثل البنسلين، وفانكوميسين، ودابتوميسين.
ومع ظهور بعض مسببات الأمراض القاتلة التي تقاوم كل هذه المضادات الحيوية الموجودة حالياً، فإن أحد الحلول التي قد تكون أمام الباحثين هو ابتكار مضادات حيوية جديدة بخصائص محسنة يمكنها التعامل مع آليات مقاومة مسببات الأمراض. ومن بين هذه الجهود، الطريقة التي ابتكرها مؤلفو الدراسة لتحرير جينات إنزيمات الببتيد غير الصبغي.

وشدد المؤلف الرئيسي في الدراسة على قدرة الفريق الآن على استخدام تحرير الجينات لإدخال تغييرات مستهدفة على هذه الإنزيمات المعقدة، ما يتيح دمج سلائف الأحماض الأمينية البديلة في هياكل الببتيد، ويمكن أن يؤدي إلى طرق جديدة لصنع مضادات حيوية محسنة لمكافحة مسببات الأمراض الناشئة المقاومة للأدوية.

المساهمون