إصدارات 2020: إنهيار سوق الموسيقى العربية تحت ضربات كورونا
لم تحمل 2020 جديداً على صعيد صناعة الموسيقى العربية، في وقت فقد العالم مجموعة من أهم الموسيقيين الذين قضوا جراء تفشي فيروس كورونا منذ شباط/فبراير الماضي. ومع قرب انتهاء العام أسئلة كثيرة تُطرح، بعدما اتجه معظم المغنين في العالم إلى المواقع والمنصّات البديلة. إذ يرسم هذا التوجه الخطوات الأخيرة للانقلاب الكامل على صناعة الألبوم بمفهومه التقليدي الذي يفترض طرحه على شكل "سي دي" في الأسواق.
في نظرة شاملة لهذا العام "الغريب" على كل الأصعدة، يتبيّن بحسب الأرقام التي كشفتها مواقع التواصل الاجتماعي، بينها "غوغل"، أن أغاني المهرجانات كانت في صدارة المشهد الموسيقي العربي، في تتويج لسنوات من الصعود والنجاح. فتصدّرت مهرجانات حسن شاكوش، وعمر كمال، وحمّو بيكا المنصّات، في ظل تراجع لإصدارات خاصة بالمغنين المعروفين.
ولم يشهد 2020 إصدارات غنائية "قوية" بحسب المفهوم التجاري للكلمة. إذ فشلت كل محاولات طرح أعمال غنائية أمام مجموعة من الأحداث التي ألقت بظلّها على عالم الترفيه وصناعته.
استثناءات قليلة شهدها العالم العربي، بينها نجاح ألبوم عمرو دياب الأخير "سهران" في شهر فبراير/شباط الماضي. حسناً فعل "الهضبة" بطرح عمله باكراً قبل أن تتعطّل الحياة الفنية نهائياً نتيجة الجائحة. من جهتها غابت شيرين عبد الوهاب عن أي إصدار بعد حفلها الأخير الذي أقيم في الرياض نهاية السنة الماضية. كذلك انتظرت أنغام نهاية السنة لإصدار ألبوم كامل باللهجة الخليجية حمل عنوان "مزح" يتضمن 15 أغنية، وقد لاقى رواجًا جيداً. هذه المرة كسبت الفنانة المصرية دعماً سعودياً واضحاً كون معظم صنّاع العمل من المملكة بالدرجة الأولى. ومن المتوقّع أن تبدأ أنغام قريبًا تصوير بعض الأغاني من الألبوم على طريقة الفيديو كليب.
وفي مايو/أيار الماضي أصدر الفنان اللبناني عاصي الحلاني أغنية "بعشقك" بطريقة الفيديو كليب على المنصات التابعة للشركة المنتجة "روتانا"، إلى جانب موقع "يوتيوب"، وحققت الأغنية حوالي 3 ملايين و300 مشاهدة.
أصالة نصري من جهتها، كانت قد سبقت أنغام بنحو 3 أشهر في إصدار ألبوم غنائي يحتوي على 20 أغنية. ألبوم سعودي الهوى والصناعة حمل عنوان "لا تستسلم".
لبنانياً أصدرت نانسي عجرم أغنية "قلبي يا قلبي" بشكل منفرد. وجاء هذا الإصدار بعد أزمة طويلة بدأت بها عامها إثر قتل زوجها لشخص قيل إنه حاول اقتحام منزلهما ليلاً. وقد حققت "قلبي يا قلبي" حوالي 31 مليون متابع على الصفحة الرسمية لعجرم على "يوتيوب". ورغم غياب معظم الفعاليات والمهرجانات والنشاطات بسبب فيروس كورونا حققت المغنية اللبنانية نسبة متابعة عالية على تطبيق "تيك توك" بعد إحيائها لحفلَين في أقل من ثلاثة أشهر. وتصدرت مقاطع من الأغاني التي غنتها في هاتين الحفلتين المواقع الافتراضية.
وقبيل انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس/آب الماضي أصدرت إليسا ألبومها الأخير مع شركة "روتانا" بحسب ما صرحت، وحمل عنوان "صاحبة رأي". اعتمدت إليسا في إصدارها الأخيرة على أغان جديدة، لكنها حافظت على خطّها المعروف في اختيار الكلمات والألحان الهادئة، كنوع من الرسائل المجتمعية المتعلقة بقضايا المرأة والانفتاح على الآخر.
انفجار مرفأ بيروت لم يعط فرصة لـ"صاحبة رأي" لبلوغ ألبومها مراتب متقدمة على عكس ألبوماتها السابقة التي كانت تحقق أرقاماً قياسية من الشهر الأول لصدورها على المواقع والمنصّات البديلة. لكن مع الكارثة البيروتية التي دمرت نصف العاصمة اللبنانية وقتلت أكثر من 200 شخص، صرفت إليسا النظر عن نجاح عملها. لكنها تتحضر حالياً لتصوير أغان من العمل مع المخرجة أنجي جمّال لضمان سعة انتشاره مجدداً.
في الإطار نفسه شكلت جريمة انفجار المرفأ دافعاً لإصدار عشرات الأغاني لفنانين معروفين وآخرين مغمورين كنوع من التحية إلى المدينة المنكوبة.
الشاب خالد أصدر اغنية "اسمها بيروت" وحققت أكثر من مليون و500 ألف متابع على "يوتيوب". كذلك أصدرت يارا، وغسّان الرحباني، ورامي عياش، وفضل شاكر، وعاصي الحلاني، وناصيف زيتون من سورية، مجموعة من الأغاني كتحية للبنان. لتختم نانسي عجرم سلسلة الإصدارات البيروتية بأغنية "بيروت الأنثى"، وهي عبارة عن مقاطع مأخوذة من قصيدة للشاعر الراحل نزار قباني لحنها باسم رزق، وحققت مليونين و600 ألف مشاهدة على صفحة نانسي عجرم "يوتيوب" منذ نشرها في 22 أكتوبر/تشرين الأول 2020.
خليجياً أصدر، نهاية أغسطس/آب الماضي، الفنان حسين الجسمي أغنيته الشهيرة "بالبنط العريض" من كلمات أيمن بهجت قمر، وألحان الجسمي وتوزيع توما، واعتبرت من أكثر الأغاني تداولاً هذه السنة وحققت على صفحته الرسمية أكثر من 324 مليون متابع ومستمع.
وقبل أيام قليلة أصدر الكويتي نبيل شعيل أغنية جديدة بعنوان "بقالي ساعة" ليعود من خلالها إلى اللهجة المصرية بعمل ناجح من كلمات أيمن بهجت قمر وألحان وليد سعد. وبدا واضحًا أن الأغنية تنافس أسلوب الجسمي في اللهجة المصرية، وحققت في خمسة أيام أكثر من مليون ونصف مليون مستمع بحسب "يوتيوب" على الرغم من عدم تبني روتانا لحملة إعلامية خاصة بالفنان الكويتي. علماً أن شعيل كان قد أصدر منتصف مارس/آذار الماضي ألبومًا غنائيًا بعنوان "ندمان"، لكن مع تفاقم أزمة كورونا لم يحقق العمل النجاح المتوقع.
