إسرائيل تتصدر قتلة الصحافيين حول العالم في 2024

13 فبراير 2025
خلال وقفة للصحافيين الفلسطينيين في دير البلح، 8 يناير 2025 (سعيد جرس/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهد عام 2024 ارتفاعاً غير مسبوق في عدد الصحافيين القتلى، حيث قُتل 124 صحافياً، مع تسجيل نسبة كبيرة من الضحايا في فلسطين نتيجة العدوان الإسرائيلي على غزة، مما يعكس تصاعد الصراعات الدولية.

- تصدرت إسرائيل قائمة الدول التي تستهدف الصحافيين، حيث وثقت اللجنة 10 حالات استهداف مباشرة في غزة ولبنان، وتحقق في 20 جريمة قتل أخرى، مع نمط في قتل الصحافيين دون محاسبة.

- كانت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الأكثر دموية للصحافيين في 2024، حيث قُتل 97 صحافياً، مما يعكس اتجاهاً لتكميم وسائل الإعلام عالمياً.

وصل عدد الصحافيين الذين قتلوا خلال العام الماضي إلى مستوى غير مسبوق، ونحو 70% منهم كانوا فلسطينيين قتلتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي، في ارتفاع نسبته 22% مقارنة بعام 2023، ما يعكس "ارتفاع مستويات الصراع الدولي والاضطرابات السياسية والجريمة في أنحاء العالم كافة"، وفقاً للحصيلة السنوية التي أعدتها لجنة حماية الصحافيين (Committee to Protect Journalists)، وهي مؤسسة مستقلة غير ربحية مقرها مدينة نيويورك الأميركية. وفقاً للجنة حماية الصحافيين، فإن 124 صحافياً من 18 دولة قتلوا في 2024 الذي وصفته بأنه العام الأكثر دموية بالنسبة للعاملين في هذه المهنة منذ بدأت بإعداد سجلاتها قبل ثلاثة عقود.

وعدّت لجنة حماية الصحافيين العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة السبب الأول في نسبة ارتفاع الصحافيين القتلى حول العالم، إذ قتلت قوات الاحتلال "82 صحافياً فلسطينياً". عدد الصحافيين الفلسطينيين الشهداء في غزة، خلال الفترة نفسها، أعلى بكثير وفقاً للمكتب الإعلامي الحكومي في القطاع، إذ تعدى مئتي صحافي بحلول نهاية العام الماضي. تختلف الإحصاءات لأن اللجنة تعتمد منهجية مختلفة؛ تعتبر لجنة حماية الصحافيين الحالة "مؤكدة" حين تكون متيقنة من أنّ "الصحافي قُتل كرد انتقامي مباشر على عمله، أو في القتال أو تبادل إطلاق النار؛ أو أثناء تنفيذ مهمة خطيرة".

ورصدت لجنة حماية الصحافيين "ارتفاعاً مثيراً للقلق في عدد عمليات القتل الاستهدافي"، إذ أن "24 صحافياً على الأقل في أنحاء العالم كافة قُتلوا عمداً بسبب عملهم عام 2024". وفي غزة ولبنان، وثقت "10 حالات استُهدف فيها صحافيون على يد الجيش الإسرائيلي، في تحدٍ للقوانين الدولية التي تُعرّف الصحافيين على أنهم مدنيون أثناء النزاع". أفادت اللجنة بأنها تحقق أيضاً في 20 جريمة قتل أخرى تعتقد أن إسرائيل ربما استهدفت فيها الصحافيين تحديداً.

إسرائيل تتبع "نمطاً فتاكاً"

ذكّرت اللجنة بأن إسرائيل تتبع نهجاً في قتل الصحافيين منذ ما قبل العدوان الأخير على غزة. عام 2023، أصدرت اللجنة تقريراً عنوانه "نمط فتاك: 20 صحافياً قتلوا بنيران القوات الإسرائيلية خلال 22 سنة من دون أن يُحاسب أحد"، انطلقت فيه من جريمة قتل مراسلة قناة الجزيرة شيرين أبو عاقلة برصاص إسرائيلي عام 2022، لتوثّق مسؤولية جيش الاحتلال عن مقتل 20 صحافياً على الأقل منذ عام 2001، ووجدت "نمطاً في الاستجابة الإسرائيلية يبدو مصمماً للتملص من المسؤولية. فقد أخفقت إسرائيل في إجراء تحقيقات كاملة بشأن أحداث القتل هذه، ولم تجرِ تحقيقات معمقة إلا عندما يكون الضحية أجنبياً، أو عندما يكون الصحافي القتيل موظفاً لدى مؤسسة إعلامية بارزة. وحتى في تلك الحالات، سارت التحقيقات ببطء شديد، واستغرقت أشهراً أو سنوات، وانتهت بتبرئة الأشخاص الذين أطلقوا النيران".

العام 2024 الأكثر دموية بالنسبة للصحافيين

أشارت اللجنة إلى أن السودان وباكستان حلا في المرتبة الثانية في قائمة الدول حيث قتل العدد الأكبر من الصحافيين والعاملين في المجال الإعلامي خلال عام 2024، حين قتل في كل منهما 6 من ممارسي المهنة. جرائم القتل الأخرى وقعت في هايتي (2) والمكسيك (5) وميانمار (3) وموزمبيق (1) والهند (1) والعراق (2).

الصحافيين المستقلون يمثلون أكثر من 35% (43) من إجمالي جرائم القتل حول العالم عام 2024، بسبب افتقارهم إلى الموارد، ويصل عددهم إلى 43 من إجمالي عدد الصحافيين الذين قُتلوا في 2024. وفقاً للجنة، فإن 31 منهم (الرقم أعلى وفقاً للمكتب الإعلامي الحكومي) هم من الفلسطينيين الذين كانوا يغطّون الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة، حيث لا تزال المؤسسات الإعلامية الأجنبية ممنوعة من الدخول إلا بمرافقة جيش الاحتلال. وكانت لجنة حماية الصحافيين الدولية، وغيرها عشرات من المؤسسات الصحافية والحقوقية حول العالم، قد كررت مطالبتها للسلطات الإسرائيلية والمصرية بالسماح لها بالدخول إلى القطاع لتغطية الحرب.

وهكذا، بقيت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا العام الماضي تصنّف على أنها المنطقة التي شهدت قتل أعلى عدد من الصحافيين والعاملين في وسائل الإعلام، إذ بلغت نسبتهم أكثر من 78% (97) من إجمالي عدد الصحافيين القتلى في العالم، وفقاً للجنة.

وفي خضم سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، سجلت سورية مقتل أربعة صحافيين، ما اعتبرته اللجنة مؤشراً إلى عودة الهجمات المميتة في البلاد التي تتمتع بأحد أسوأ السجلات في إفلات قتلة الصحافيين من العقاب.

وسجلت اللجنة خلال العام الحالي استمراراً في ارتفاع وتيرة قتل الصحافيين، إذ قتل إلى الآن ستة منهم حول العالم.

وعلقت الرئيسة التنفيذية للجنة حماية الصحافيين، جودي جينسبيرغ، على هذه الحصيلة، في بيان اللجنة الذي نشر مساء أمس الأربعاء، وقالت فيه: "اليوم هو الوقت الأكثر خطورة على الصحافيين في تاريخ اللجنة". وأضافت جينسبيرغ:"الحرب في غزة غير مسبوقة في تأثيرها على الصحافيين، وتظهر تدهوراً كبيراً في المعايير العالمية لحماية الصحافيين في مناطق الصراع. لكن قطاع غزة ليس المكان الوحيد حيث يتعرض الصحافيون للخطر. تُظهر أرقامنا أن الصحافيين يهاجَمون في أنحاء العالم كافة". وشددت على أن "ارتفاع حالات قتل الصحافيين جزء من اتجاه أوسع نطاقاً لتكميم وسائل الإعلام على مستوى العالم. هذه قضية يجب أن تقلقنا جميعاً، لأن الرقابة تمنعنا من التصدي للفساد والجريمة ومحاسبة النافذين".

إسرائيل والصين تتصدران قائمة سجّاني الصحافيين في العالم

كانت اللجنة قد أصدرت حصيلتها السنوية للصحافيين المعتقلين حول العالم في يناير/ كانون الثاني الماضي. ووجدت أن عدد الصحافيين السجناء في العالم بلغ 361 في نهاية العام 2024، وأشارت إلى أنّ إسرائيل احتلّت المرتبة الثانية في قائمة الدول التي تسجن أكبر عدد من الصحافيين بعد الصين. في الأول من ديسمبر، كانت الصين تحتجز في سجونها 50 صحافياً، بينما كانت إسرائيل تعتقل 43 صحافياً، وميانمار 35 صحافياً، وفقاً للمنظمة التي اعتبرت أنّ هذه "الدول الثلاث هي الأكثر انتهاكاً لحقوق الصحافيين في العالم".

وأشارت اللجنة إلى أن دولة الاحتلال الإسرائيلي زادت فيها أعداد الصحافيين المعتقلين منذ بدء حرب الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، وذلك في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023. وأكّدت أنّ "إسرائيل حلّت في المرتبة الثانية بسبب استهدافها التغطية الإعلامية للأراضي الفلسطينية المحتلّة". وأضافت أنّ هذا الاستهداف "يشمل منع المراسلين الأجانب من دخول غزة، ومنع شبكة الجزيرة من العمل في إسرائيل والضفة الغربية المحتلة". وأفادت المنظمة غير الحكومية بأنّ إسرائيل التي تعتقل حالياً 43 صحافياً، جميعهم من الفلسطينيين، تجاوزت عدداً من الدول في هذا التصنيف، أبرزها بورما (35)، وبيلاروسيا (31)، وروسيا (30). وأعربت جودي جينسبيرغ عن قلقها، قائلة "إن ارتفاع عدد الاعتداءات على الصحافيين يسبق دائماً الاعتداء على حريات أخرى: حرية النشر والوصول إلى المعلومات، وحرية التنقل والتجمع، وحرية التظاهر...".

المساهمون