إحالة منصّتي درج وميغافون إلى التحقيق القضائي في لبنان

26 مارس 2025
من احتجاج أمام مصرف خاص في بيروت، 15 يونيو 2023 (فاضل عيتاني/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أحال النائب العام التمييزي في لبنان إخباراً ضد منصّتي "درج" و"ميغافون" بتهم زعزعة الثقة في النظام المالي، مما أثار جدلاً حول حرية الصحافة.
- قناة "أم تي في" دعمت الإخبار، مشيرة إلى ارتباط المنصتين بجورج سوروس، بينما اعتبر "درج" الإخبار كيدياً، منتظرين قرار القاضي لتقديم الوثائق.
- تتزامن هذه الأحداث مع توترات إعلامية وسياسية، حيث حذرت جهات متعددة من استخدام القضاء كأداة قمعية ضد الإعلام البديل والإصلاح.

أحال النائب العام التمييزي في لبنان، القاضي جمال الحجار، الأربعاء، إخباراً مقدّماً من ثلاثة محامين ضد منصّتي درج وميغافون الإعلاميتين إلى النيابة العامة الاستئنافية في بيروت، طالباً إجراء التحقيقات اللازمة واتخاذ القرارات المناسبة بحق المخبر ضدّهم.

ويسند الإخبار الذي نشرت مضمونه قناة أم تي في اللبنانية إلى "درج" و"ميغافون" والقيّمين عليهما، "ارتكاب جرائم النيل من مكانة الدولة المالية، وزعزعة الثقة في متانة النقد الوطني، والحضّ على سحب الأموال من المصارف وبيع سندات الدولة والنيل من هيبة الدولة والاشتراك في المؤامرة عليها وإضعاف الشعور القومي والحصول على أموال خارجية مشبوهة وتمويل حملات إعلامية بهدف ضرب الثقة بلبنان واقتصاده".

ونشرت "أم تي في" عبر موقعها خبر إحالة المنصّتين الإعلاميتين إلى النيابة العامة في بيروت، مدعمةً المقال بمصادر قضائية وقانونية تضغط على القضاء في إطار متابعته للملف، لمحاسبة المنصّتين والملياردير جورج سوروس، للارتباط المباشر بينهما، ومحدّدة المسار الذي يفترض أن يعتمده القضاء خلال تحقيقاته في القضية.

ووضعت مصادر "أم تي في"، القضية بمثابة "اختبار حقيقي، عمّا إذا كان القضاء اللبناني مؤهلاً بالفعل لمواكبة العهد الجديد وخطاب القسم الذي أعلن فيه رئيس الجمهورية جوزاف عون حرباً لا هوادة فيها على الفساد والمجرمين والمرتكبين"، سائلةً: "هل إنّ القضاء فعلاً مؤهل لخوض هذه الحرب أم أننا نحتاج إلى تركيبة قضائية متحرّرة من قيود وأعباء التبعية السياسية التي أرهقت القضاء وفككته في السنوات الأخيرة؟".
من جانبه، قال موقع "درج"، إنه علم من خلال موقع أم تي في بقرار النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار، إحالة الإخبار المقدّم ضده وضد موقع ميغافون من ثلاثة محامين، إلى النائب العام الاستئنافي في بيروت زياد أبي شاكر.

وأشار إلى أنّ "التهم التي يتضمّنها الإخبار، ترقى إلى أن تكون نكتة، لا سيما وأنها تضمّنت اشتراكاً بمؤامرة على النظام المصرفي وحضّ المودعين على سحب ودائعهم، وذروة التهم كانت إضعاف الشعور القومي، وهي عبارة مستمدّة من أدبيات حفلت بها تقارير أنظمة البعث".

وتابع: "محطة أم تي في التي أعطاها الحجار السبق، سارعت إلى تصوير الحدث بوصفه نصراً على صحافيين استهدفوا المصارف بتحقيقات استقصائية، طاولت أصحاب مصارف خالفوا قانون النقد والتسليف واحتجزوا ودائع اللبنانيين، وفي الوقت نفسه، سمحوا لسياسيين ومتموّلين بتحويل أرصدتهم خلال أسبوعي العتمة اللذين أقفلت فيهما المصارف أبوابها".

واعتبر "درج" ومحاموه أنّ "الإخبار مفتعل وكيدي وتحريضي، ولا أساس قانونيا له، وننتظر قرار القاضي أبي شاكر لنتوجّه إليه بالوثائق، التي تؤكّد فراغ الشكوى من أي مضمون يستدعي قبولها".

ويأتي هذا الإخبار، في وقتٍ تشهد الساحة الإعلامية في لبنان هجمات متبادلة بين قناة أم تي في بالدرجة الأولى ومؤسسات صحافية مرتبطة بها، من جهة وبعض المنصّات الإعلامية البديلة والمنظمات الحقوقية والمدنية، رافقت بداية عملية تشكيل نواف سلام حكومته في فبراير/ شباط الماضي، ومن ثم استحقاق تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان، الذي فجّر الخلاف كلياً عشية انعقاد جلسة مجلس الوزراء يوم غد الخميس لحسم الملف.

وكانت قناة أم تي في قد نشرت قبل أسبوع تقريراً عن الإخبار المُقدّم بوجه المنصّتين، واصفةً سوروس بـ"الأخطبوط السياسي الاقتصادي"، وزادت من هجومها الإعلامي على "درج" و"ميغافون" وجمعية كلنا إرادة، وبعض المنظمات الحقوقية المدنية، ربطاً بمواقفها المعترضة على تعيين كريم سعيد حاكماً جديداً لمصرف لبنان، باعتباره مرشح المصارف وبعض أركان السلطة. كما أنّه يشغل منصب رئيس مجلس إدارة شركة غروث غايت كابيتال العاملة في الإمارات، والتي كانت قد موّلت وضع خطة هارفارد للتعافي وحلّ الأزمة الاقتصادية في لبنان، ودعت عام 2023 إلى تحويل كل الودائع إلى سندات دين على الدولة، كما اقترحت نظاماً نقدياً يقوم على الدولرة الكاملة.

وسبق أن شنّت القناة نفسها وجريدتها الورقية نداء الوطن، أكثر من هجوم على جمعية كلنا إرادة والشخصيات القيّمة عليها، خلال عملية تشكيل رئيس الوزراء نواف سلام للحكومة، متهمةً إياها بالمشاركة في تسمية عددٍ من الوزراء، من ضمنهم وزير الاقتصاد الحالي عامر بساط، كما اتهمتها بمحاولة الدفع باتجاه إفلاس المصارف بهدف خصخصتها، فيما اتهمت الأخيرة "أم تي في" باتخاذها الدائم طرفاً إلى جانب المصارف والعمل على حمايتها وتحميل الدولة فقط مسؤولية الأزمة النقدية.
في الإطار، وقّعت أكثر من خمسين جهة نيابية وإعلامية وحقوقية وسياسية بياناً مشتركاً بعنوان "كي لا تقتل الحملات المشبوهة الدولة"، وذلك في وجه الحملة الممنهجة من بعض المصرفيين والنافذين بهدف تكريس إفلاتهم من المحاسبة.

وحذّر البيان من مغبّة الضغط الإعلامي على القضاء في اتجاه تحويله إلى أداة قمعية، وقال: "مع التسليم بحقّ التقاضي واللجوء إلى القضاء الذي يكون مخوّلاً ردع التجنّي والتعسّف، فإنّ ما يدهشنا هو تحوّل الإخبارات والشكاوى ضدّ القوى الإصلاحية ووسائل الإعلام البديلة إلى جزء لا يتجزّأ من الحملات والتحريض إعلامياً ضدّ هؤلاء، كل ذلك في أجواء اعتادت بعض وسائل الإعلام المموّلة من مافيات المصارف التنمّر والتهجّم على أيّ قاض أو قاضية على خلفية اتخاذ أي قرار لا يرضيها".

وأضاف: "إذ أدى الشطط الإعلامي المدفوع من هذه المافيات دوره في التشويش على الجهات القضائية وقدرتها في محاسبة المخالفات المالية بدرجة كبيرة، فإنّ أكثر ما نخشاه اليوم مع رواج هذه الإخبارات والشكاوى والترويج لها أن تنتقل هذه المافيات من الدفاع إلى الهجوم في اتجاه تحويل القضاء من قضاء يحاسب إلى أداة قمعية لفرض سرديّتها وقمع أي معارض لها".

المساهمون