استمع إلى الملخص
- فيلم "أنورا" يحقق نجاحاً كبيراً بفوزه بخمس جوائز، منها الإخراج والسيناريو والمونتاج، بينما يحصل "إيمليا بيريز" على جائزتين فقط.
- في فئات التمثيل والسيناريو، يبرز أدريان برودي وكيران كولكن، مع جوائز أخرى في الماكياج والصوت والمؤثرات البصرية، وتتويج "أنا ما زلت هنا" كأفضل فيلم دولي.
مسألتان أساسيتان تلفتان انتباهاً في النسخة الـ97 لجوائز "أوسكار" (الثاني من مارس/آذار 2025): منافسةٌ حادّة بين فيلمي "إيمليا بيريز" للفرنسي جاك أوديار و"أنورا" للأميركي شون بايكر، بعد أشهرٍ على منافسة أولى حاصلةٍ في مسابقة الدورة الـ77 (14 ـ 25 مايو/أيار 2024) لمهرجان "كان" السينمائي، ونيلُ "لا أرض أخرى"، للفلسطيني باسل عدرا والإسرائيلي يوفال أبراهام، بالتعاون مع الفلسطيني حمدان بلال والإسرائيلية راحِل تسور (العربي الجديد، 15 يوليو/تموز 2024)، "أوسكار" أفضل فيلم وثائقي طويل.
أهمية هاتين المسألتين، سينمائياً وأخلاقياً، كامنةٌ في أنّ مناخاً يُسيطر على "أكاديمية فنون الصورة المتحرّكة وعلومها"، مانحة الجوائز، يميل، وإنْ بمواربة تُطلق إشارات بدلاً من المواجهة المباشرة، إلى مناكفة الرئيس دونالد ترامب، العائد إلى البيت الأبيض في 20 يناير/كانون الثاني 2025. فـ"إيمليا بيريز" يضع في واجهة المشهد زعيم كارتل مكسيكي (تجارة المخدّرات) متحوِّل جنسياً، و"لا أرض أخرى" ينقل وقائع فلسطينية حيّة، تعكس منهجاً إسرائيلياً في التدمير والطرد والتغييب والنهب، قبل أنْ تبدأ حرب إبادة جديدة في غزة، رداً على "طوفان الأقصى" (السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023)، أمّا "أنورا"، فيروي حكاية راقصة تعرٍّ تقترن بابن أوليغارشي روسي، ما يستدعي نزاعات عائلية صاخبة.
يمسّ الموضوعان الأولان (شخصية المتحوّل جنسياً، وحكايات أبناء "مسافر يطا" في محافظة الخليل، جنوبي الضفّة الغربية) حساسية رئيس أميركي غير مُتوازن في سلوكه القياديّ، ولديه آراء رافضة للتحوّل والمثلية الجنسيَّين، وللمكسيك ومهاجريها إلى بلده، ولفلسطين التي يرغب في تحويل قطاع غزة فيها إلى ريفييرا. بينما يُصيب "أنورا" وتراً في تلك الحساسية أيضاً، لارتباطه بالأولغارشية الروسية، وعلاقتها بفلاديمير بوتين، في لحظة انفتاح ترامبيّ عليه.
سينمائياً، يتمكّن أنورا" من نيل خمس جوائز من أصل ستة ترشيحات، ما يعني "انتصاراً" على "إيمليا بيريز"، الفائز بجائزتين فقط من 13 ترشيحاً. هذا يُذكِّر قليلاً بالحاصل في مهرجان "كان"، إذْ يُمنح "أنورا" السعفة الذهبية، بينما ينال "إيمليا بيريز" جائزتي لجنة التحكيم، والتمثيل النسائي لممثلاته الأربع: زوي سالدانا (الحائزة على "أوسكار" أفضل ممثلة في دور ثان) وكارلا صوفيا غاسكن (أول ممثلة متحوّلة جنسياً تُرشَّح لـ"أوسكار" أفضل ممثلة) وسلنا غوميز وأدريانا باز.
في حفلة "أوسكار"، يغلب "أنورا" فيلمي "الوحشي (The Brutalist)" لبرادي كوربت و"شرير ـ الجزء الأول (Wicked – Part One)" للأميركي جون أم. تشو، المُرشَّح كلّ واحدٍ منهما لعشر جوائز، فيفوز الأول بثلاثة تماثيل في فئات أفضل ممثل لأدريان بردوي، بعد 23 عاماً على نيله إياها عن دوره في "عازف البيانو" (2002) لرومان بولانسكي، وأفضل تصوير للوي كراولاي، وأفضل موسيقى تصويرية لدانييل بلومبَرغ، بينما ينال الثاني جائزتين فقط في فئتي أفضل ديكور لناثن كراولي ولي ساندلس، وأفضل أزياء لبول تِزْوال.
أهذا قدر أدريان برودي، أنْ يفوز بجائزتي "أوسكار" أفضل ممثل، عن دورين في فيلمين يتناولان الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945) والمحرقة النازية ضد اليهود؟ ربما. فبرودي يؤدّي، في فيلم كوربِت، شخصية يهوديّ مجريّ ناجٍ من المحرقة نفسها، يُدعى لاسلو توت. بينما في رائعة بولانسكي، يؤدّي شخصية فلاديسْلاف شيبلمان، عازف البيانو اليهوديّ البولندي، في الفترة نفسها. لكنْ، ربما يكون لبراعته في التمثيل دورٌ في نيله هاتين الجائزتين، علماً أنّ سيرته السينمائية حافلةٌ بأدوار لافتة للانتباه، لحساسية وعمق في البنى النفسية والانفعالية والاجتماعية والثقافية والتربوية للشخصيات السينمائية.
من جهته، ينتمي Wicked إلى الأفلام الموسيقية، وسيكون أول حلقة من اثنتين مُقتبستَين عن الكوميديا الموسيقية ذات العنوان نفسه (2003)، لستفن شوارتز وويني هولزمان: إلفابا شابّة يسخر الناس منها بسبب بشرتها الخضراء، وغاليندا فتاة مشهورة، تصبحان صديقتين في جامعة "شيز" في أرض "أوز". بعد لقاء مع ساحر أوز الرائع، تصل صداقتهما إلى مفترق طرق.
"أنورا" غير مكتفٍ بـ"أوسكار" أفضل فيلم، التي ينالها المنتجان ألكس كوكو وسامنتا كْوان إضافة إلى بايكر منتجاً، الذي يحصل على جوائز أفضل إخراج وأفضل سيناريو أصلي وأفضل مونتاج، بينما أفضل ممثلة تنالها مايكي ماديسن. أمّا "إيمليا بيريز"، فله، إضافة إلى أفضل ممثلة في دور ثانٍ، أفضل أغنية أصلية، بعنوان El Mal (موسيقى كليمان دوكُل وكاميل، اللذين لهما كلماتها أيضاً إلى جاك أوديار نفسه).
في التمثيل أيضاً، هناك أفضل ممثل في دور ثانٍ: كيران كولكن، عن دوره في "ألم حقيقي (A Real Pain)" لجيسي أيزنبرغ. رغم أنّ زيارتهما إلى بولندا منبثقة من وفاة جدّتهما، يغوض الشقيقان ديفيد وبنجي في تاريخٍ وحكاياتٍ ومفاصل، مع ضرورة تناول المحرقة أيضاً، زمن الحرب العالمية الثانية. أمّا أفضل سيناريو مقتبس، فيناله بيتر سْترانغ عن اقتباسه رواية روبرت هاريس، "اجتماع سرّي (Conclave)"، الصادرة عام 2016، قبل أنْ تُصبح فيلماً بالعنوان نفسه، لإدوارد بيرغر: لانتخاب بابا جديد للفاتيكان، يحصل اجتماع مغلق للكرادلة، فتظهر تحدّيات جمّة، أبرزها نزاع بين توجّهين يتناقض أحدهما مع الآخر: انفتاح وتشدّد.
إلى هذا كلّه، هناك جوائز أخرى أيضاً: أفضل ماكياج وتصفيف شعر لبيار ـ أوليفر بيرسن وستفاني غيّون وماريلين سكارسيلّي عن عملهم في "المادة (The Substance)" لكورالي فارغِت، وأفضل صوت لغاريث جون وريتشارد كينغ ورون بارتلِت ودوغ هامفيل عن عملهم في الجزء الثاني من "كثيب (Dune – Part Two)" لدوني فيلنوف، والفيلم نفسه يحصل على جائزة أفضل مؤثّرات بصرية، لبول لامبرت وستيفن جابيمس وريس سالكومب وغيرد نِفْزر.
أفضل فيلم دولي: "أنا ما زلت هنا" للبرازيلي والتر سالس. أفضل فيلم تحريك: "تدفق (Flow)" لينْت زلبالوديس وماتيس كازا. أفضل وثائقي قصير: "الفتاة الوحيدة في الأوركسترا" لمولي أوبراين وليزا ريمنغتن. أفضل روائي قصير: "أنا لستُ روبوت" لفكتوريا ورمردام وترنت. أفضل تحريك قصير: "في ظلال سيبريس" لشيرين سوهاني وحسين مولايمي.