أمنيون يهددون إعلاميين: حرية الصحافة التونسية في خطر

أمنيون يهددون إعلاميين: حرية الصحافة التونسية في خطر

09 أكتوبر 2020
ينص قانون حماية القوات المسلحة على الترخيص المسبق للعمل الإعلامي (ياسين قايدي/الأناضول)
+ الخط -

تعرف العلاقة بين الصحافيين التونسيين والأمن التونسي توتراً غير مسبوق بسبب عرض قانون "زجر الاعتداءات على القوات الحاملة للسلاح". هذا القانون الذي ينصّ أحد فصوله على ضرورة الحصول على ترخيص مسبق قبل القيام بأي عمل إعلامي في الشارع التونسي ومنح حصانة للقوات الحاملة للسلاح اعتبرته الكثير من المنظمات التونسية، ومنها النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، مقيداً للحرية ومن شأنه أن يعود بالإعلام التونسي إلى مربع الاستبداد الأول تحت مسمّى حماية الأمنيين.

وأكدت عضو المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين فوزية الغيلوفي، لـ"العربي الجديد"، أن "النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين رفضت هذا القانون سابقاً منذ بداية طرحه سنة 2013 ولا تزال ترفضه وتعتبره تهديداً كبيراً لواحد من أهم مكاسب الثورة التونسية وهو الحق في التعبير وحرية والصحافة، لا سيما أنّ هذا القانون يمنح امتيازات خاصة للقوات الحاملة للسلاح يمكن أن توظف بطريقة تعسفية. فمشروع هذا القانون يعتبر طريقاً لعودة العقوبات السالبة لحرية المواطنين وعودة إلى دولة البوليس التى حكم بها بن علي تونس واعتمدها سياسة لتكميم الأفواه".

وأضافت: "لقد شاركنا سابقا في جلسات استماع في مجلس نواب الشعب وعبرنا باسم الصحافيين التونسيين عن رفضنا لتمرير مشروع هذا القانون وطالبنا باستبداله بإحداث صندوق اجتماعي للقوات الحاملة للسلاح لمساعدتهم وعائلاتهم في حالات الإصابة أو الوفاة، كما طالبنا بتوفير كل الوسائل اللوجستية لتوفير الحماية للقوات الحاملة للسلاح أثناء عملهم دون تقييد للحريات الفردية والعامة".

موقف النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين والمنظمات الحقوقية كان محل نقاش في عدد من البرامج الإعلامية وخاصة الإذاعية التي فتحت الباب للنقاش في الموضوع، معتبرةً أن هذا القانون انتكاسة حقيقية لحرية الصحافة في تونس إذا ما تمّ تمريره.

وهو موقف لم يعجب على ما يبدو بعض منتسبي القوات الأمنية التي قام البعض منها بعمليات تحريض على الصحافيين وتهديدهم. فقد تداولت مجموعة من الأمنيين، نهاية الأسبوع الماضي، صور الصحافي في إذاعة "موزاييك أف أم" الخاصة، أمين قارة، على خلفية انتقاده لاعتداء أمني خلال برنامج "أحلى صباح". وانطلقت إثر بث الحصة حملة تحريض على الصحافي تم فيها انتهاك حياته الخاصة، وتضمنت تعليقات من أمنيين تهدد باستغلال نفوذهم للتضييق عليه. وتلقى قارة رسائل خاصة من حسابات أمنيين على مواقع التواصل الاجتماعي تضمنت عبارات نابية وتهديدا بفعل يعاقب عليه القانون، كما هدد أصحاب الرسائل الصحافي بمضايقته والتنكيل به والاستعمال غير المشروع للسلطة ضده.

كما تعرضت الإعلامية وصال الكسراوي، وهي مقدمة برنامج سياسي على أمواج إذاعة "شمس أف أم"، إلى المضايقة والتهديد، حيث تداولت مجموعة من الأمنيين صور الصحافية مرفقة بعبارات تحريض وانتهاك لحياتها الخاصة. وتضمنت تعليقاتهم عبارات نابية تقوم على التمييز على أساس النوع الاجتماعي وتهديدات صريحة بالتضييق عليها والتنكيل بها والاستعمال غير المشروع للسلطة ضدها. كما قام أمنيون بتهديدها مباشرة بالانتقام منها ومضايقتها.

تهديدات بالتنكيل طاولت أمين قارة ووصال الكسراوي

في هذا السياق، أصدرت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، مساء الأربعاء، بياناً عبرت فيه عن تضامنها المطلق مع الصحافيين ضحايا حملات التحريض والتشويه لما لها من آثار نفسية واجتماعية عليهم، وحذرت من صمت وزارة الداخلية المتواصل على الحملات التي يقوم بها أمنيون في حق بعض الصحافيين وناشطي المجتمع المدني. 

كما دعت وزارة الداخلية إلى فتح تحقيق جدي في ما يمارسه رجالها من تهديد باستغلال نفوذ وممارسة أعمال انتقامية ضد الصحافيين وحملتها مسؤولية أي تبعات قد تحصل نتيجة ذلك، معبّرةً عن تمسكها بحقها في ملاحقة المعتدين، واضعةً تحت تصرف ضحايا حملات التحريض والتهديد طاقمها القانوني للقيام بالإجراءات المناسبة. 

وحذرت النقابة من خطورة الحصانة التي يقدمها مشروع القانون الأساسي المتعلّق بحماية القوات الحاملة للسلاح في ظل تواصل التجاوزات الأمنية في حق الصحافيين والمواطنين، ودعت كافة منظمات المجتمع المدني إلى الوقوف جميعاً في وجه محاولة منح الحصانة للأمنيين أمام القانون إزاء ما يمارسونه من اعتداءات.

المساهمون