أفلام عربية في "سالونيك الوثائقي 2025": نضالٌ وتمرّدٌ على واقع بلغة سينمائية

07 مارس 2025
"خرطوم": يوميات أفرادٍ في بلد الحروب الأهلية (الملف الصحافي)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- "أبو زعبل 89" لبسام مرتضى: يستكشف الفيلم العلاقة المعقدة بين المخرج ووالديه الناشطين سياسيًا في مصر، وتأثير نضالهما على حياته الشخصية، مع التركيز على التحديات والخيبات في تلك الفترة.

- "رفعت عيني للسما" لندى رياض وأيمن الأمير: يروي الفيلم قصة ثلاث شابات من صعيد مصر يسعين لتحقيق أحلامهن الفنية، ويبرز التحديات المجتمعية والتقاليد الصارمة التي يواجهنها.

- "يلا باركور" لعريب زعيتر: تستكشف المخرجة ذكرياتها وهويتها في غزة من خلال رياضة الباركور، مسلطة الضوء على التناقض بين الفرح والواقع الصعب في حياة سكان غزة.

 

أفلامٌ عربية تُعرض في برامج مختلفة في الدورة الـ27 (6 ـ 16 مارس/آذار 2025) لـ"مهرجان سالونيك الدولي للأفلام الوثائقية"، بعد جولة لها في مهرجانات، بعضها مُصنّف فئة أولى، كـ"برليناله" و"كانّ".

(*) "أبو زعبل 89" لبسام مرتضى: يريد المخرج المصري الشاب فهم مسائل سابقة في حياته، زمن الاعتقالات السياسية لوالديه. يجهد في تبديد غموضٍ في علاقة له بهما، يُفترض بها أنْ تكون طبيعية وعادية، لكنّ أهوال العيش في مصر، في عهودٍ رئاسية ماضية (أنور السادات وحسني مبارك تحديداً)، تجعلها (العلاقة) غير طبيعية وغير عادية. يسعى إلى إجابات، لعلّه يُدرك استحالة الحصول عليها كلّها، أو استحالة الحسم والتأكيد. مع هذا، يفتّش عنها، لعلّها تمنحه نوعاً من راحة مطلوبة.

النضال السياسي لوالديه، محمود مرتضى وفردوس البهنسي، المنفصل أحدهما عن الآخر أعواماً عدّة، قبل رحيل الوالدة في مرحلة تصوير "أبو زعبل 89"؛ هذا النضال السياسي منبثقٌ من التزام أخلاقي وثقافي واجتماعي قناعات وعقائد، تنكشف لاحقاً خيبة منها، وألمٌ وانكسار.

لن يُصوّر بسام مرتضى هذا مباشرة، فالسرد البصري يلتقط المُخبّأ فيُظهره، ويُفكّك تفاصيل تُشغل باله، فيعرضها أمام كاميرا (مدير التصوير: ماجد نادر. مُصوّرون: محمد الحديدي وأحمد أبو الفضل. مشاركة في التصوير: محمد فتحي) غير مدّعية وغير متفذلكة، بل صائبة في مباشرتها، التي (المباشرة) غير حاجبة احتيالات بصرية متواضعة لتبيان ذاتٍ وجوهر حكاية ونواة عيشٍ وخفايا انفعال.

(*) "رفعت عيني للسما" لندى رياض وأيمن الأمير: سيرة ثلاث شابات مصريات دافعٌ إلى معاينة أحوال بيئة واجتماع وسلوك وأحلامٍ ورغبات. ماجدة ترغب في "السفر" إلى القاهرة لدراسة المسرح، فهي تريد أنْ تُصبح ممثلة. هايدي عاشقة الباليه، تطمح إلى احتراف الرقص، فتمارسه وتحصل على شهرةٍ بفضله. مونيكا التي، رغم أنّ صوتها جهوريّ أجشّ، تُصرّ على الغناء واحترافه، بهدف بلوغ مرتبة مهمّة من الشهرة في الغناء العربي.

إنهنّ من قرية "البرشا"، إحدى قرى مدينة "ملوي" في صعيد مصر. يواجهن تقاليد صارمة عبر ممارسة فنون الشارع، ويُقدّمن أنفسهنّ فنانات يلتزمن مهناً جديرة بالثقة والمتابعة. لديهنّ طاقة وحماسة كبيرتان، فينظّمن عروضاً مسرحية، تطرح مسائل حسّاسة في تلك البيئة.

(*) يلا باركور" لعريب زعيتر: ببلوغها أربعة أعوام، "تسافر" عريب إلى غزة، وترى البحر للمرة الأولى. لتلك اللحظة (سحر البحر وابتسامة والدتها الفلسطينية) تأثير دائم. بهذا، تُعرّف إدارة "مهرجان برلين السينمائي" وثائقيّ زعيتر، المعروض في "بانوراما الوثائقي" في الدورة الـ75 (13 ـ 23 فبراير/شباط 2025).

 

 

مشهد فيديو لشباب يمارسون رياضة الباركور على الشواطئ الرملية لغزة كافٍ لإثارة شعور بالحنين إلى الماضي في ذات زعيتر وروحها. فرح هؤلاء الرياضيين الشباب متناقض وأصداء الانفجارات البعيدة: "في شوقها إلى إعادة الاتصال بماضيها، تتواصل مع فريق الباركور، وتُصادق أحمد". معاً، يتنقّلان في ما تبقى من غزة: استكشف مقبرة، مركز تسوّق مُهدّم، بقايا مطار. بهذا كلّه، يكشف أحمد حقائق قاسية عن الحياة في غزة، فتكتشف عريب زعيتر عمق الصراعات التي يواجهها القطاع وناسه. أمّا رغبة أحمد في الهروب من بلده، فتُثير مشاعر متضاربة في المخرجة، التي تُدرك قسوة الفراغ العاطفي الذي يمكن أنْ يجلبه رحيل كهذا.

إذاً، هناك الأبعد من مجرّد تصوير رياضة، يحترفها شبابٌ يعيشون في "أكبر سجنٍ على الأرض". وهناك ما وراء الرغبة الصادقة لعريب زعيتر في تصوير عادي لشباب ورياضة. فرحلتها هذه بحثٌ عن ذكريات لاستعادتها، وتنقيبٌ في معنى الهوية والانتماء والإرث المؤلم لوطنٍ تغادره ذات مرّة: "عندما يغادر الإنسان وطنه، يشعر بالإثارة لاستكشاف أماكن جديدة، والتعرّف بثقافات مختلفة. لكنْ، مع مرور الوقت، يطغى الحنين على هذه الحماسة، ويبحث عن الاستقرار والراحة النفسية اللذين لا يتحقّقان إلاّ في المكان الذي ينتمي إليه حقاً، حيث جذوره وتاريخه" ("فاصلة"، موقع إلكتروني سينمائي سعودي، 25 فبراير/شباط 2025).

(*) "خرطوم" لأنس سعيد وراوية الحاج وإبراهيم سنوبي وتيمية م. أحمد وفيل كوكس: بدوره، يُعرض الفيلم في "بانوراما الوثائقي" في الدورة نفسها لـ"برليناله". عام 2022، يبدأ أربعة مخرجين سودانيين وكاتب/مخرج بريطاني تصوير يوميات خمسة سودانيين في الخرطوم، وأحلامهم وانفعالاتهم وتطلّعاتهم: صبيّا شوارع يبحثان في النفايات عمّا يُمكن بيعه، لشراء قميصين جميلين. خادمة الله أمّ عزباء تبيع الشاي وتدرس الرياضيات لتصنع عملاً خاصاً بها. جواد متطوّعة في لجنة المقاومة، فتواجه نظاماً عسكرياً حاكماً. أمّا مجدي، الموظّف المدني، فيهرب من حياة المكتب.

قبيل بدء التصوير، يتحكّم نظام عسكري بالبلد بعد إطاحته الحكومة المدنية، ثم تندلع حربٌ بين الجيش وميلشيات قوات الدعم السريع، فيتشرّد أكثر من عشرة ملايين شخص. يستعين الفيلم بالتحريك والشاشة الخضراء وتسلسلات الأحلام.

المساهمون