استمع إلى الملخص
- تتغير قوائم الاستماع سنوياً مع بروز وعودة بعض الفنانين، مثل مجدي الزهار وإسلام كابونجا، واستمرار شيرين عبد الوهاب في مكانتها، رغم تناقضات القوائم التي لا تعكس دائماً تفضيلات الجمهور.
- تعاني المنصات مثل "أنغامي" و"سبوتيفاي" من تصنيفات غير دقيقة، مما يثير تساؤلات حول تأثيرها في توجيه نسب الاستماع، ويبرز الحاجة إلى معلومات تفصيلية لفهم تفضيلات الجمهور الموسيقية.
كانت إحصائيات وقوائم نسب الاستماع للمنصات الرقمية تشكّل مفاجأة في السنوات الأخيرة، لأنها جاءت بعد الفترة الانتقالية من نهاية عصر الكاسيت والأسطوانات إلى عصر الاستماع الرقمي. وبعد أن استقرت هذه المنصات، فاجأتنا بخريطة الاستماع والأذواق المختلفة للجمهور العربي، وواجهنا الأسماء الجديدة والأنواع الموسيقية الصاعدة، مثل الراب والمهرجانات، وغيرها من الظواهر الجديدة. يبقى السؤال: هل تكشف قوائم الاستماع حقاً عن أذواق الجمهور وتفضيلاتهم الحقيقية؟
بالنظر إلى قوائم عام 2024، سنكتشف أنها تبدو متشابهة مع السنوات الأخيرة، ولا تخرج عن التوقعات والمألوف، فهناك العديد من الأسماء الثابتة والمشتركة بين القوائم، مثل استمرار مغني المهرجانات المصري عصام صاصا في الصدارة في السنوات الأخيرة، فهو الآن في المركز الأول على منصة سبوتيفاي في مصر، والأول في فئة المهرجانات على "أنغامي"، وكذلك استمرار عمرو دياب في صدارة "أنغامي" عربياً، وفي المركز الثاني على "سبوتيفاي" في مصر.
أغاني وحاضرون وغائبون
هناك مساحة دائماً متغيرة في قوائم نسب الاستماع، متعلقة بأصحاب أغاني منتشرة، فهم يمثلون الجانب المتغير كل عام في القوائم؛ فالعام الماضي كانت المفاجأة في وجود أصحاب أغان رومانسية، سواء مستقلة أو بوب، مثل المطربين محمد سعيد وفريد، ولكن اختفوا تماماً في عام 2024، وكانت المفاجأة في عودة الأغاني الشعبية والمهرجانات بنسبة كبيرة. إلى جانب عصام صاصا، هناك مجدي الزهار وإسلام كابونجا في مراتب متقدمة في قوائم "سبوتيفاي"، وهناك محمود الليثي الذي تحتل أغنيته الشعبية "عم المجال" المركز الثاني على "يوتيوب".
الملاحظ أيضاً هذا العام هو عودة جيل الوسط من مطربي البوب المصريين إلى الصدارة، مثل رامي صبري وتامر عاشور ورامي جمال، فجاء تامر عاشور رابعاً في قائمتي "سبوتيفاي" و"أنغامي"، واحتل رامي صبري المركز الثاني على "أنغامي" والتاسع على "سبوتيفاي"، واستمرت أيضاً شيرين عبد الوهاب في الوجود الثابت بمعدل الاستماع نفسه في السنوات الأخيرة، رغم قلة إصداراتها، فهي في المركز الثامن على "سبوتيفاي"، والخامس على "أنغامي"، وألبومها "نساي" الذي صدر في 2016، ما زال في قائمة أكثر خمسة ألبومات استماعاً على "سبوتيفاي" منذ ثلاثة أعوام.
اللافت هذه المرة في القوائم، هو وجود أغان في الأكثر استماعاً، وعدم وجود أصحابها في ترتيبات متقدمة، والعكس أيضاً؛ فمغني المهرجانات مجدي الزهار لديه أغنيتان في قائمة أكثر عشر أغان استماعاً، ومنها أغنية في المركز الثالث في مصر، ولكنه ليس موجوداً في قائمة أكثر عشرة مغنين استماعاً على "سبوتيفاي"، والأمر نفسه مع تووليت. في حين أن عصام صاصا، صاحب المركز الأول، لا توجد له سوى أغنية واحدة في المركز الخامس، وهي دويتو مع محمود الليثي بعنوان "سيبك من اللي خلع".
اللافت أيضاً، أن منصة سبوتيفاي اقتصرت في العالم العربي على مصر فقط، وأنتجت قوائم منفصلة للسعودية والمغرب، ما لا يعطينا صورة دقيقة عن خريطة الاستماع في كل المنطقة العربية. أما "أنغامي"، فاتخذت أسلوباً آخر في ترتيب القوائم بتصنيف المطربين بحسب جنسياتهم وتصنيفاتهم الموسيقية، ما أتاح لها ذكر أسماء العديد من المغنين في قوائم مختلفة، من دون تحديد من الأكثر استماعاً في المطلق، ما عدا عمرو دياب الذي يحظى بدعم المنصة بسبب التعاقد الحصري السابق بينهما.
تصنيفات غير دقيقة
تبدو سياسة "أنغامي" في الإحصاء نتائجها غير دقيقة ولا تشير إلى شيء، فهناك تصنيف للمطربين المصريين واللبنانيين والعراقيين، من دون النظر إلى نوعية إنتاجاتهم الغنائية. مثلاً، صنفت المطربة التونسية أميمة طالب في قوائم الأكثر استماعاً في فئة المطربين من شمال أفريقيا، رغم أن إنتاجها الغنائي خليجي فقط، وهي مقيمة بالفعل في الخليج، وكذلك نانسي عجرم وإليسا وسميرة سعيد اللواتي جاء معظم إنتاجهن باللهجة المصرية، ورغم ذلك يحضرن في قوائم أخرى بحسب جنسياتهن.
أما "يوتيوب"، فاكتفى بنشر أكثر عشر أغان استماعاً على المنصة، وأولها أغنية "هيجيلي موجوع" لتامر عاشور، التي قد نستطيع القول إنها الأغنية الأكثر نجاحاً هذا العام، بفضل وجودها في الأكثر استماعاً في جميع المنصات، والأولى على "سبوتيفاي" أيضاً، وهناك أغان أخرى ناجحة ومطربين في القوائم، ولكن من الصعب حصر من الأكثر استماعاً في المطلق عربياً، بسبب اختلاف المنصات وطريقتها في الحصر والترتيب.
قد نفسر ذلك بأن كل منصة أصبح لها جمهورها الخاص وعاداتهم السماعية المختلفة، فيبدو أن مستمعي "سبوتيفاي" يفضلون أغاني المهرجانات والراب، ومستخدمي "أنغامي" يفضلون أغاني البوب، أما جمهور "يوتيوب" فهم الأكثر تنوعاً، ولكن تبدو السيطرة واضحة للأغاني المغاربية على قائمة "يوتيوب"، بوجود أربع أغان من المغرب والجزائر من أصل عشر، وتظهر اهتمامات كل منصة في طريقتها في الترويج لمطربيها المفضلين ووضعهم في الصدارة، ما يفتح الباب أمام التساؤلات والشكوك حول حجم تدخل كل منصة في توجيه نسب الاستماع والتأثير عليها بالإعلانات، أو بوضع الأغاني في الترشيحات وقوائم التشغيل ودفعها بالخوارزميات، أو بالدعاية لها بوضعها في قوائم منفصلة تظهرها في الصدارة.
تحرمنا قوائم الاستماع على المنصات من ميزة مهمة ورئيسية فيها، وهي حجم المعلومات التفصيلية المتوفرة لديها عن المستمعين وسلوكهم وأعمارهم ومواقعهم الجغرافية، لذلك قد يوضح لنا الكشف عن بعض هذه المعلومات المزيدَ عن أنفسنا وموسيقانا، أكثر ممّا يفعل حصرها في قوائم أكثر عشر أغان استماعاً وأكثر عشرة مطربين استماعاً. فمثلاً قد نحتاج إلى معرفة من هم أكثر المطربين بحثاً، وعدد مشتركين وعدد مستمعين عن قصد، ومن هم الأكثر إعجاباً، لأنه لن يتساوى من يدخل المنصة للاستماع إلى مطرب بعينه أو أغنية بعينها، بمن استمع لأغنية فقط، لأن الخوارزميات رشحتها له مراراً، هذا قبل أن تكون هناك تصنيفات للجمهور بناء على المواقع الجغرافية وسلوك الاستماع والخريطة العمرية، وليس تصنيفات لجنسيات المطربين فقط.