أخبار مدفوعة وتحت الطلب تغزو الولايات الأميركية

أخبار مدفوعة وتحت الطلب تغزو الولايات الأميركية

20 أكتوبر 2020
تركز الصحف والمواقع على الولايات المتأرجحة (أليكسي روزنفيلد/Getty)
+ الخط -

برزت في الولايات المتحدة الأميركية شبكة إعلامية سريعة النمو، تضم نحو 1300 موقع إخباري إلكتروني، محاولة سدّ التراجع في الصحافة المحلية حول البلاد. لكن الشبكة لم تؤسس على المبادئ التقليدية للصحافة، بل على أجندة دعائية يتولاها محافظون عبر عشرات الناشطين السياسيين ومديرين تنفيذيين ومتخصصين في العلاقات العامة، وفق ما كشف تحقيق لصحيفة "نيويورك تايمز".

وأوضحت "نيويورك تايمز"، يوم الأحد، أن المواقع الإخبارية هذه تضم عناوين مثل "ماين بزنس ديلي" Maine Business Daily و"دي موين صن" Des Moines Sun و"آن أربور تايمز" Ann Arbor Times و"إمبَير ستايت توداي" Empire State Today، وتنشر مواضيع حول أحداث سياسية ومجتمعية محلية أو وطنية. لكن خلف الكواليس، تتحكم مجموعات سياسية وشركات علاقات عامة بالقصص المنشورة، بهدف الترويج لمرشح جمهوري أو مؤسسة أو شركة أو تشويه سمعة المنافسين.

وأفادت "نيويورك تايمز" بأن الشبكة يدير معظمها بريان تيمبوني، وهو مراسل تلفزيوني تحول إلى مجال الأعمال الرائدة عبر شبكة الإنترنت، مستفيداً من تراجع المؤسسات الإخبارية المحلية لما يقرب من عقدين من الزمن.

أسّس تيمبوني الشبكة بمساعدة أشخاص آخرين، بينهم مستشار في إدارة العلامات التجارية في تكساس وشخصية إذاعية محافظة في شيكاغو. لم يرد تيمبوني على محاولات "نيويورك تايمز" التواصل معه حول هذه المسألة.

الصحيفة الأميركية بينت أنها كشفت تفاصيل العملية عبر إجراء مقابلات مع أكثر من ثلاثين موظفاً وعميلاً حاليين وسابقين، بالإضافة إلى الاطلاع على آلاف رسائل البريد الإلكتروني الداخلية بين المراسلين والمحررين على مدى سنوات.

وأشارت إلى أن الشبكة التي يديرها تيمبوني تظهر مدى انتشار المنصات الإخبارية المحلية الممولة من الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الولايات المتحدة، لافتة إلى أن الليبراليين أنفقوا ملايين الدولارات في شبكات مثل "كوريير" Courier التي تضم 8 مواقع بدأت بتغطية الأخبار المحلية في الولايات المتأرجحة خلال العام الماضي. الناشطون المحافطون يديرون مواقع مماثلة، مثل مجموعة "ستار نيوز" Star News في تينيسي وفرجينيا ومينيسوتا.

لكن تلك الشبكات تدير عدداً محدوداً من المواقع الإخبارية الإلكترونية، بينما شبكة تيمبوني تضم تحت مظلتها أكثر من ضعف المواقع في سلسلة صحف "غانيت" Gannett الأكبر في البلاد، وفقاً لـ"نيويورك تايمز".

وأوضحت "نيويورك تايمز" إلى أن شبكة تيمبوني لا تنشر أخبار زائفة بالضرورة، لكن نشاطاتها ترتكز على الخداع وتتجاهل مبدأي الإنصاف والشفافية. ولفتت إلى أن مواقع إخبارية معدودة تابعة للشبكة تكشف عن تمويلها، علماً أن المؤسسات الإخبارية التقليدية لا تقبل الدفع مقابل المقالات، كما تشترط "لجنة التجارة الفيدرالية" تصنيف الإعلانات التي تشبه المقالات بوضوح على أنها إعلانات.

معظم المواقع زعمت في صفحاتها التعريفية أنها تهدف إلى "تقديم معلومات موضوعية تعتمد على البيانات ومن دون تحيز سياسي". لكن في إبريل/نيسان الماضي، ذكّر محرر في شبكة العاملين المستقلين بأن "العملاء يريدون تركيزاً محافظاً سياسياً على قصصهم"، طالباً منهم "تجنب كتابة القصص التي تركز فقط على مشرّع ديمقراطي، ومشروع قانون، وما إلى ذلك"، وفقاً لرسالة بريد إلكتروني اطلعت عليها "نيويورك تايمز".

وكشفت الصحيفة أن حجم الخداع في هذه المواقع الإخبارية أُخفي لسنوات، عن طريق عقود الالتزام بالسرية التي وقعها كتّاب وشبكة من الشركات التي تديرها. وقد تلقت هذه الشركات 1.7 مليون دولار على الأقلّ من حملات سياسية تابعة للجمهوريين ومجموعات محافظة، استناداً إلى سجلات الضرائب وتقارير تمويل الحملات، وهي المدفوعات الوحيدة التي يمكن تتبعها في السجلات العامة.

ووفقاً لتحقيق "نيويورك تايمز"، يعين محررو شبكة تيمبوني أشخاصاً مستقلين للعمل من الولايات الأميركية وخارجها، ويدفعون بين 3 و36 دولاراً مقابل القطعة الواحدة. ويرفق المحررون المهام الموكلة للكتّاب المستقلين عادة بتعليمات دقيقة عمن يجب إجراء مقابلات معهم وما اللازم كتابته. ويحدد هذه التعليمات عملاء تتعامل معهم الشبكة، وتكون المقالات معظم الأحيان حولهم.

من بين البيانات التي اطلعت عليها الصحيفة الأميركية رسالة من بائع يعمل لدى شبكة تيمبوني ويعرض على أحد الزبائن شراء حزمة قيمتها ألفي دولار، تتضمن 5 مقالات وإصدارات إخبارية غير محدودة. 

ومن بين ما نشر في تلك المواقع مقالات تروج للسيناتور الجمهوري ليندسي غراهام وروي بلانت، وأخرى تهاجم رئيسة برلمان ميْن الديمقراطية ساره جدعون التي تنافس الجمهورية سوزان كولينز في الولاية، إضافة إلى مقالات تنتقد تعاطي الحكومة المكسيكية مع وباء فيروس كورونا بطلب من خوان ديفيد ليل الذي عمل في شركة الاستشارات "بيركلي ريسرتش غروب"، ومقالات تسلط الضوء على سياسيين جمهوريين محددين في إلينوي بطلب من المجموعة المحافظة غير الربحية "إلينوي أوبرتشنتي غروب" التي دفعت 441 ألف دولار أميركي لشركات تيمبوني، وفق ما بينت سجلات الضرائب الخاصة بها.

المساهمون