أحكام بسجن وضاح خنفر وصحافيين تونسيين تصل إلى 32 عاماً في قضية "إنستالينغو"

05 فبراير 2025
خلال وقفة احتجاجية سابقة أمام نقابة الصحافيين التونسيين (فيسبوك)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أصدرت المحكمة الابتدائية في تونس أحكاماً مشددة بحق عدد من الصحافيين والسياسيين في قضية "إنستالينغو"، شملت أحكاماً بالسجن لسنوات طويلة ضد شخصيات بارزة مثل وضاح خنفر وراشد الغنوشي وهشام المشيشي.
- انتقدت المعارضة التونسية هذه الأحكام ووصفتها بأنها "سياسية" و"ظالمة"، مشيرة إلى استخدام القضاء كأداة لقمع الصحافيين والمعارضين، بينما دعت النقابة الوطنية للصحافيين إلى إطلاق سراح الصحافية شذى الحاج مبارك.
- القضية التي بدأت منذ 2021، تُعتبر مُسيّسة من قبل المعارضة، وسط انتقادات حقوقية لنظام الرئيس قيس سعيّد بتقييد الحريات واستقلالية القضاء بعد التعديلات الدستورية.

أصدرت الدائرة الجنائية الثانية في المحكمة الابتدائية في العاصمة تونس، اليوم الأربعاء، أحكاماً قضائية مشددة بحق صحافيين ومدونين وشخصيات سياسية تونسية، بتهمة "المساس بأمن الدولة"، في القضية المعروفة إعلامياً باسم "إنستالينغو". وأبرز الصحافيين الذين طاولتهم الأحكام الفلسطيني وضاح خنفر الذي يشغل منصب رئيس منتدى الشرق، علماً أنه شغل منصب المدير العام لشبكة الجزيرة بين عامي 2008 و2011. وقد حكم على خنفر غيابياً بالسجن لـ32 عاماً. ولم يصدر عنه أي تعليق على هذا الحكم.

وضاح خنفر حصد الكثير من الألقاب، أبرزها تصنيفه في المرتبة الثامنة بين أكثر الشخصيات العربية تأثيراً في العالم العربي عام 2008، وفق مجلة أريبيان بزنس، والمرتبة الأولى بين الإعلاميين العرب. وفي 2010، حل في المرتبة السادسة ضمن أقوى عشر شخصيات عربية، وفق تصنيف مجلة فوربس.

وفي القضية نفسها، حُكِم على رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، وهو من أبرز معارضي الرئيس قيس سعيّد، بالسجن 22 عاماً، علماً أنه محكوم في قضايا أخرى، لكن هذا الحكم هو الأشد بحقه مقارنة بالأحكام السابقة الصادرة منذ توقيفه في العام 2023، وعلى رئيس الوزراء السابق هشام المشيشي غيابياً بالسجن 35 عاماً، في حين حُكِم على الصحافية شذى الحاج مبارك بالسجن خمس سنوات، وعلى المدون سليم الجبالي بالسجن لمدة 12 عاماً، وعلى المدون أشرف بربوش بالسجن ستة أعوام، علماً أنهم يقبعون في السجن منذ أكثر من عام. كما حُكِم على الصحافية شهرزاد عكاشة غيابياً بالسجن لمدة 27 عاماً، وهي تقيم في تركيا منذ أكثر من عام.

انتقدت المعارضة الأحكام الجديدة، ووصفتها بأنها "سياسية" و"ظالمة". وفي تعليقه على الأحكام الابتدائية، قال نقيب الصحافيين زياد دبار لوكالة فرانس برس: "هذا الحكم ظالم وثقيل، ويدل على أن القضاء أصبح سيفاً مسلطاً على رقاب الصحافيين". كما أصدرت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين بياناً، اليوم الأربعاء، خصت فيه شذى الحاج مبارك، وقالت فيه إنها فوجئت "بإصدار الدائرة الجنائية الثانية في المحكمة الابتدائية حكماً قاسياً يقضي بسجن الزميلة الصحافية شذى الحاج مبارك بخمس سنوات على خلفية عملها الصحافي في شركة إنتاج إعلامي". وأشارت النقابة، في بيانها، إلى أن قاضي التحقيق في محكمة سوسة كان قد أسقط التهم عن شذى الحاج مبارك في 2023 حين أكد أنها تقوم بأعمال صحافية لا علاقة لها بالتهم الموجهة إليها وقرر إيقاف التتبع وبطاقة الإيداع في حقها. لكن دائرة الاتهام نقضت قرار قاضي التحقيق، وقررت إيداع الصحافية السجن واتهامها بـ"التآمر على أمن الدولة الخارجي" و"إتيان أمر موحش ضد رئيس الجمهورية". وعبرت النقابة عن "تضامنها التام والمطلق مع الزميلة الصحافية شذى الحاج مبارك وعائلتها"، ودعت إلى إطلاق سراحها، وأعلنت انطلاقها في إجراءات استئناف الحكم الصادر في حقها.

القضية التي يطلق عليها اسم "إنستالينغو"، نسبة إلى شركة إنتاج محتوى رقمي، يعتبرها المتهمون مُسيّسة. باشر القضاء التونسي التحقيق في هذه القضية منذ العام 2021، وحوكم في إطارها نحو خمسين شخصاً، بينهم المتحدث السابق باسم وزارة الداخلية محمد علي العروي والقيادي في حركة النهضة السيّد الفرجاني. وحُكم على العروي بالسجن 16 عاماً، وعلى الفرجاني 13 عاماً.

رفض راشد الغنوشي (83 عاماً)، المثول أمام القضاة خلال الجلسة التي انطلقت الثلاثاء الماضي في "غياب القضاء المستقل"، وفقاً لمحاميه. أدين في هذه القضية كل من صهر الغنوشي وزير الخارجية السابق رفيق عبد السلام وحكم عليه بالسجن 34 عاماً، ونجله معاذ وابنته سمية بالسجن 35 عاماً و25 عاماً. كما صودرت كل أملاك الغنوشي والمشيشي والفرجاني.

انتخب قيس سعيّد رئيساً عام 2019، وقرر احتكار السلطات في البلاد عام 2021 حين أقال رئيس الحكومة هشام المشيشي، ووضع أسس نظام سياسي يمنح صلاحيات واسعة للرئيس على حساب البرلمان. حل سعيّد أيضاً البرلمان الذي كان يرأسه الغنوشي، وأُقرّ دستور جديد في البلاد، ونظمت انتخابات تشريعية في 2023 ورئاسية في نهاية 2024 فاز فيها سعيّد بأكثر من 90% من الأصوات.

وتوجه منظمات حقوقية تونسية ودولية انتقادات شديدة إلى نظام سعيّد، وتؤكد أنه "يقمع الحريّات في البلاد". لكن الرئيس التونسي يكرر أن "الحريّات مضمونة". ويلاحق العشرات من المعارضين السياسيين الموقوفين بتهم تتعلق بـ"التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي". كما شهدت تونس في الأشهر الأخيرة عدداً من المحاكمات لصحافيين، حيث يقبع في السجن كل من الصحافيين محمد بوغلاب ومراد الزغيدي وبرهان بسيس وسنية الدهماني الذين ينفذون عقوبات سالبة للحرية تراوح بين ثمانية أشهر وسنتين. وكانت منظمة مراسلون بلا حدود قد نبهت من التعديل الدستوري الذي "منح الرئيس صلاحيات تشريعية واسعة على حساب الضوابط والتوازنات التي كانت قائمة حتى ذلك الحين، مما قوَّض الفصل بين السلطات، وشكل تهديداً كبيراً لمنجزات الثورة التونسية في ما يتعلق بحرية الصحافة"، وحذرت من أن "إضعاف استقلالية القضاء يثير العديد من المخاوف بشأن تفسير القيود التي ينص عليها بما يخدم المصالح السياسية تحت ذريعة الضرورات الأمنية".

المساهمون