"مستطيلات" الجزيرة العربية... هياكل حجرية منذ 7000 عام

"مستطيلات" الجزيرة العربية... هياكل حجرية منذ 7000 عام

10 مايو 2021
تشير الدراسة إلى وجود علاقة بين بناء المستطيلات والبيئة (فيسبوك)
+ الخط -

كشفت دراسة جديدة إن الهياكل الحجرية القديمة التي عثر عليها في موقع شاسع في شمال غرب المملكة العربية السعودية ويضم 1000 من هذه الهياكل، يعود تاريخها إلى أكثر من 7000 عام، مما يجعلها أقدم من الأهرامات المصرية وهياكل ستونهنج في المملكة المتحدة.

ووفقا للدراسة التي نشرت يوم 30 إبريل/ نيسان في مجلة "أنتيكوتي" سميت هذه الهياكل بالمستطيلات تيمناً بالكلمة العربية التي تعبر عن الشكل المستطيل. وقد اكتشفت هياكل "موستاتيل" لأول مرة في السبعينيات، لكنها لم تحظ باهتمام كبير من الباحثين في ذلك الوقت. 

صنعت هذه المستطيلات من كتل متراكمة من الحجر الرملي يزن بعضها أكثر من 500 كيلوغرام، ويتراوح طول الواحد منها بين 20 متراً وأكثر من 600 متر، لكن جدرانها كانت ترتفع 1.2 متر فقط.  لم يتم تصميم هذه الهياكل الطقسية للاحتفاظ بأي شيء، وقد وثقت الدراسة حجم المشهد الطقسي الواسع في شمال غرب الجزيرة العربية بما يعد أول دليل على أن هذه الهياكل كانت تستخدم في ممارسة طقوس تعود إلى أواخر الألفية السادسة قبل الميلاد.

تقول المؤلفة المشاركة في الدراسة، ميليسا كينيدي، وهي باحثة ما بعد الدكتوراه في التاريخ القديم في جامعة غرب أستراليا، في تصريح لـ"العربي الجديد" إن الدراسة تعد أول دليل على أن شبه الجزيرة العربية كانت موطنا لمشهد طقسي ضخم في أواخر العصر الحجري الحديث، وأن معتقدات دينية مماثلة ربما كانت موجودة في منطقة واسعة. 

وتضيف كينيدي: "في الوقت الحالي، لا نعرف سوى القليل جداً عن العصر الحجري الحديث في شمال غرب شبه الجزيرة العربية، وبدأت نتائج هذه الدراسة وغيرها في سد هذه الفجوة في معرفتنا". في المستطيلات، تحيط الجدران الطويلة بفناء مركزي، مع منصة مميزة من الأنقاض، أو "رأس" في أحد طرفيها ومداخل في الطرف المقابل. تم إغلاق بعض المداخل بالحجارة مما يشير إلى أنه قد يتم إيقاف تشغيلها بعد الاستخدام. وأظهرت التنقيبات في أحد الأجنحة أن مركز الرأس يحتوي على حجرة بها شظايا من قرون وجماجم الماشية. 

يظهر التأريخ بالكربون المشع للجماجم أنها تعود إلى ما بين 5300 و5000 قبل الميلاد، مما يشير إلى أن هذا كان عندما تم بناء هذا المستطيل تحديداً (الذي عثر فيه على العظام). وهو ما يعني أن هذه الهياكل تشكل معاً أقدم المناظر الطبيعية الطقسية واسعة النطاق في أي مكان في العالم، والتي سبقت هياكل ستونهنج في المملكة المتحدة بأكثر من 2500 عام.

وتشرح المؤلفة المشاركة في الدراسة أن هذه الهياكل كانت مهمة للغاية بالنسبة لسكان المنطقة القدامى، حيث إن بعضها كان يستوعب قدراً كبيراً من العمالة والموارد للبناء. كما كان لها أيضا دور اجتماعي مهم بالإضافة إلى دورها الديني. وقد يؤدي هذا الاكتشاف إلى إعادة كتابة فهمنا للطوائف في شبه الجزيرة العربية في هذا الوقت السحيق. 

كما تشير الدراسة إلى وجود علاقة بين بناء المستطيلات والبيئة، إذ تم بناء هذه الهياكل خلال مرحلة الهولوسين الرطبة، وهي الفترة بين 8000 و4000 قبل الميلاد حين كانت خلالها شبه الجزيرة العربية وأجزاء من أفريقيا أكثر رطوبة، وما أصبح الآن صحارى كانت أراضي عشبية. لكن حالات الجفاف كانت لا تزال شائعة. ويرجح الباحثون ارتباط هذه المستطيلات الغامضة بتجمع سنوي تعبدي أو احتفالي. وترى كينيدي أنه من المحتمل أن يكون سكان المنطقة قد رعوا الماشية واستخدموها كقرابين لمعبوداتهم القديمة لحماية الأرض من تأثيرات تغير المناخ.

دلالات

المساهمون