Skip to main content
"مساحاتنا"... تطبيق إلكتروني لنساء غزة المعنفات
يوسف أبو وطفة ــ غزة

برمجت الفلسطينية آلاء هتهت وفريقها تطبيق "مساحاتنا" الذي يسهّل وصول النساء والفتيات الضحايا والناجيات من العنف المبني على النوع الاجتماعي إلى مزودي الخدمات النسوية متعددة القطاعات من المؤسسات العامة في قطاع غزة.

شاركت هتهت ضمن مسابقة "هاكثون" التي أقيمت في أغسطس/ آب الماضي لإنجاز التطبيق، بين 18 مبرمجة شابة قسمن إلى ثلاثة فرق وتم الخروج منه بثلاثة نماذج تجريبية بشأن التطبيق، قبل أن يتم الاستقرار على مجموعة واحدة مكونة من 6 مبرمجات لتنفيذ التطبيق وإخراجه إلى النور.

استغرقت عملية تنفيذ التطبيق قرابة الـ8 أشهر عمل خلالها المركز مع الفريق المبرمج على مراحل كانت بدايتها إخضاع أفراده لتدريب خاص بشأن المفاهيم الخاصة بالعنف ضد الفتيات والمرأة والهدف المراد تحقيقه من التطبيق والمعايير العامة للعمل. ويعتبر "مركز الإعلام المجتمعي" هو المشرف على تنفيذ التطبيق واحتضانه داخل المؤسسة وربطه مع بقية المؤسسات التي تعمل في مجال مناصرة المرأة أو تقدم خدمات مرتبطة بالنساء والفتيات المعنفات للوصول إلى أكبر عدد منهن. 
يتميز التطبيق بسهولة الاستخدام وسرية المعلومات، إذ لا يشترط على الفتيات والنساء المستخدمات ذكر أسمائهن أو الإفصاح عن هوياتهن، في حين يكتفي بإدخال رقم الهاتف الذكي الخاص بهن للتواصل معهن من المؤسسات المراد الحصول على الخدمة منها. وفور تسجيل الدخول، تطرح مجموعة من الأسئلة على المستخدمات اللاتي من خلال الإجابة عنها تزوّدنَ بأسماء المؤسسات التي يمكن أن تقدم الخدمة التي تحتجن إليها، فيما تبقى الإجابة سرية. ويوفر التطبيق مجموعة من الخدمات عبر المؤسسات التي نُسق معها، منها الدعم النفسي والخدمات الصحية والخدمات القانونية وخدمات التمكين الاقتصادي، إلى جانب خدمات تقديم المأوى. ويعتبر "مركز الإعلام المجتمعي" وسيطاً في هذه المهمة، وينتهي دوره بمجرد تواصل المرأة أو الفتاة مع المؤسسة.

تقول المبرمجة آلاء هتهت إن حصولهن على تدريب مكثف سبق عملية تنفيذ التطبيق على أرض الواقع ساهم في مساعدتهن في اختصار المدة الزمنية والوقت في عملية برمجة وتطوير التطبيق بطريقة تجعله أكثر سهولة ويسر. وتضيف هتهت، متحدثة لـ"العربي الجديد"، أنهن عمدن إلى تصميم التطبيق ليكون ملائماً لوصول هذه الفئة المعنفة من النساء والفتيات بما يلائم حالتهن النفسية والاجتماعية والظروف التي يعشن فيها وبما يكفل خصوصية حالاتهن.

تدريب مكثف سبق عملية تنفيذ التطبيق على أرض الواقع

وبحسب المبرمجة الفلسطينية، فإن السرية والخصوصية تعتبر من العقبات التي قد تمنع النساء من التواصل مع أي جهة لا تراعي هذه المسألة، وهو ما تم توفيره من خلال برمجة التطبيق بطريقة تكفل هذه النقطة. وانحصرت الصعوبات التي واجهها الفريق خلال عملية بناء التطبيق على غياب الخبرة في ما يخص العنف الذي تتعرض له النساء، وهو ما تمت معالجته بتوفير نماذج حية، إلى جانب صعوبات انقطاع التيار الكهربائي وضعف شبكات الإنترنت. 
في موازاة ذلك، تقول مسؤولة المشاريع في "مركز الإعلام المجتمعي" خلود السوالمة إن فكرة العمل على إنجاز تطبيق جاءت ضمن مشروع يهدف إلى تحسين مستوى الحماية للنساء والشباب من العنف المبني على النوع الاجتماعي. وبدأت الخطوات العملية على أرض الواقع لإنجاز التطبيق في مايو/ أيار عام 2021، حين كان الهدف الرئيسي تسهيل وصول الفتيات والنساء المعنفات إلى المؤسسات والمراكز التي تقدم الخدمة بطريقة آمنة وسرية وبما يكفل خصوصية كل حالة.
وفي أعقاب انتهاء عملية البرمجة الخاصة بالتطبيق التي استغرقت 3 أشهر، أخضع للتجربة مع ثلاث مؤسسات تقدم الخدمات في مجال العنف المبني على النوع الاجتماعي، وجرب التطبيق مع 45 حالة من فئات عمرية مختلفة وحالات اجتماعية متنوعة، بهدف الوقوف على قدرة التطبيق على تحقيق هدفه. وتضيف مسؤولة المشاريع في "مركز الإعلام المجتمعي" أن عشرات التحميلات للتطبيق جرت خلال طرحه عبر متجر تطبيقات "غوغل" للهواتف التي تعمل بنظام "أندرويد"، وأن التطبيق أطلق بشكل نهائي خلال مارس/ آذار الحالي، بعد إتمام كافة مراحل العمل فيه.
ويضم التطبيق حالياً 21 مركزاً ومؤسسة ومزود خدمة يمكن للنساء التواصل معها، في حين يقدر عدد الخدمات المقدمة للفتيات والنساء من خلال هذه المراكز وعبر نافذة التطبيق بـ37 خدمة مختصة في مجال العنف المبني على النوع الاجتماعي. وتمثلت الصعوبات التي واجهها "مركز الإعلام المجتمعي" خلال العمل على التطبيق في كون أن غالبية المبرمجين والتطبيقات تميل إلى أن تكون التطبيقات ذات بعد ربحي، بخلاف تطبيق "مساحاتنا" الذي يوفر خدمة مجتمعية من دون أهداف ربحية، وهو الأمر الذي تم تجاوزه.

يذكر أن "مركز الإعلام المجتمعي" مؤسسة أهلية مستقلة غير ربحية تأسست في غزة عام 2007، "سعياً لتطوير نهج إعلامي مستدام يسلط الضوء على القضايا المجتمعية، ويعزز قيم الديمقراطية والمساواة وثقافة حقوق الإنسان، ويعطي أولوية لقضايا المرأة والشباب، معتمداً على النهج القائم على حقوق الإنسان"، وفق ما يشير عبر موقعه الإلكتروني.