"كيرب يور إنثوسيازم" في موسم جديد: ليس الوباء أسوأ ما حصل

"كيرب يور إنثوسيازم" في موسم جديد: ليس الوباء أسوأ ما حصل

06 يناير 2022
لا يخيّب لاري ديفيد آمال متابعي المسلسل (إتش بي أو)
+ الخط -

في 26 ديسمبر/كانون الأول الماضي، بثت شبكة "إتش بي أو" الحلقة العاشرة والأخيرة من مسلسل "كيرب يور إنثوسيازم" بموسمه الحادي عشر الذي يبدو أنّه لا يقيم وزناً لجائحة "كوفيد-19"، وكأنّها ليست أسوأ ما يمكن أن يحصل في حياة مبتكره وبطله لاري ديفيد.

يحاول السبعيني الأصلع في هذا الموسم أن يجد شبكة تلفزيونية لتبث مسلسله الجديد. يبدأ الموسم بالعثور على جثة طافية في المسبح الخاص بمنزل ديفيد، ثم ابتزاز يهدد مسيرته الفنية، بينما هو مشغول باجتماعات أسبوعيّة مع مديرين تنفيذيين ليجد ممولاً لمسلسله، فيدخل "نتفليكس" و"هولو" وغيرهما، باحثاً عن منصة تحتضن ما يمكن أن نسميه نسخة محسنة من "ساينفيلد" Seinfeld، المسلسل الأشهر الذي شارك في كتابته وإنتاجه قبل ثلاثين عاماً.

المثير للاهتمام أنّ ديفيد والمنصة التي تبث مسلسله "إتش بي أو" يوجهان سهام الانتقاد إلى المنصات الأخرى، ساخرين من التعددية الجندرية والحساسيات الكوميدية والصوابية السياسية؛ فكل منصة تقدم فريقها بأسلوب مختلف عن الآخر، وكل فريق من المنفذين يختلف في تعاطيه مع المادة الفنية والقائمين عليها، لكن المشترك أن الكل حذر. لا أحد يمتلك نظرياً شجاعة "إتش بي أو" التي تستقبل ديفيد وملاحظاته ونزقه وهراءه الذي يستهدف كل ما يثير الغضب لو نطقه غيره، كنكاته عن محرقة الهولوكوست، والسود، والصلعان، والعابرين جنسياً، وغيرهم.

لا يخيب لاري ديفيد الآمال، إذ نشاهد المؤامرة التي يخطط لها ثم يقع ضحيتها من أجل تغيير قوانين الولاية الخاصة بالمسابح، ثم تعرضه للابتزاز، ثم محاولته الشخصية ابتزاز أحدهم، للتهرب من ممثلة شديدة الرداءة تحاول المشاركة في مسلسله الجديد. كأن ديفيد هنا يوضح لنا كيف يُصنع بعض النجوم، أولئك الذين نستغرب غياب موهبتهم ولا نعلم بدقة من ابتزوا أو بمن تلاعبوا من أجل الحصول على الدور الذي يلعبونه.

سينما ودراما
التحديثات الحية

يحضر الوباء في المسلسل عبر مواقف عدة صغيرة، أوضحها حين يسخر لاري ديفيد من صديق له يحتكر السوائل المعقمة ومحارم المرحاض، إذ يتعرض هذا الصديق للشتم من قبل "الجميع"، بوصفه واحداً من أولئك الذين تسببوا بأزمة "الرعب من اختفاء محارم المرحاض" التي اجتاحت الولايات المتحدة في بداية جائحة فيروس كورونا. وهنا يمكن أن نفهم المقاربة الساخرة من الوباء. ففي الحقيقة، لم تتهدد حياة فئة واسعة من "الأغنياء" الذين "حجروا" في بيوتهم وقصورهم وحدائقهم الخلفية، وباتوا يعملون من وراء الشاشات، ويتمتعون بمكانهم الخاص المصمم لا لاحتوائهم، بل الترفيه عنهم، وكأن الوباء أصاب فقط الفئات الأقل حظاً، أو تلك التي تضطر فعلياً للعمل تسع أو عشر ساعات في اليوم لتأمين قوتها.

نتعرف في الموسم الأخير من "كيرب يور إنثوسيازم" بسخافة شديدة على جنسانية لاري ديفيد، تلك التي رأيناها سابقاً حين ضُبط مع لعبة بلاستيكية أو مع امرأة مقعدة، لكن هذه المرة هو محط النكتة، إذ نراه يواعد الممثلة لوسي لو التي فجأة لم تعد تنجذب إليه، لأنه اصطدم بجدار زجاجي ظاناً أنه باب. هذه الزلة البسيطة أو الحادث الذي يمكن أن يقع فيه أي أحد حوله من موضوع للرغبة إلى موضوع للشفقة، أشبه بعجوز لا يجيد التفريق بين الباب والجدار، ما غير موقف لوسي لو منه، وكأنها اكتشفت فجأة أنه بحاجة لمن يعينه ويساعده في الانتقال من غرفة إلى غرفة.

حس الدعابة القاسي والقائم على الملاحظات اليوميّة والارتجال لا يزال حاضراً في هذا الموسم، وضيوف الشرف يرسمون على وجهنا الابتسامة حين نراهم محط سخرية ديفيد أو تهكمه، وهنا يمكن أن نقرأ مرة أخرى سبب حضور الشبكات المنافسة على شاشة "إتش بي أو"، إذ لا يهم مقدار التنوع الجندري والانفتاح على كل الأقليات والانصياع إلى سياسات التمثيل، ما يهم هو تقديم النوعية الجيدة، فما هو مضحك لا يعرف نوعاً أو لوناً.

المساهمون