"فيسبوك" ساحة الحرب السياسية التونسية ونقاشاتها

"فيسبوك" ساحة الحرب السياسية التونسية ونقاشاتها

25 اغسطس 2021
الجدل يستعر في مواقع التواصل ويخفت في الإعلام (الشاذلي بن إبراهيم/نورفوتو)
+ الخط -

ما زالت القرارات التي أعلن عنها الرئيس التونسي قيس سعيد يوم 25 يوليو/ تموز، ومددها أمس، تثير الكثير من الجدل في تونس بين مناصر لها ومعارض، خصوصاً أنها جمدت عمل البرلمان وأطاحت الحكومة واستأثر من خلالها سعيد بالسلطتين التشريعية والتنفيذية. جدال لا نجد له صدى كبيرًا في وسائل الإعلام التونسية السمعية والمرئية والمكتوبة، بينما نجده مستعرًا في مواقع التواصل بشكل كبير. فقد أصبحت الصفحات الفيسبوكية واحدة من الفضاءات الأساسية للجدل السياسي في تونس، يحاول فيها كل طرف نشر قراءته لما يحصل داعمًا أو رافضًا له.

عدد من الصفحات الفيسبوكية تخوض حربًا في ما بينها للانتصار للرئيس التونسي أو لحزب حركة "النهضة". وقد نشطت هذه الصفحات بشكل كبير في الفترة الأخيرة، ومنها صفحات مساندة للرئيس التونسي أهمها "الصفحة الرسمية لمساندي الرئيس قيس سعيد" والتي تضم 47 ألف مشترك، وصفحة "قيس سعيد رئيس للجمهورية التونسية" التي يشترك فيها 12 ألف مشترك، وصفحة "كلنا قيس سعيد" التي تضم 200 ألف مشترك، وهي صفحات تمّ إنشاؤها سنة 2019 لمساندة ترشح قيس سعيد للانتخابات الرئاسية، وظلّت تُواصل نشرها للأخبار المساندة له بعد فوزه. ولئن عرفت هذه الصفحات بعض التراجع سنة 2020، لكنها عادت بقوة بعد أواخر يوليو 2021 لترفع لواء الدفاع عن خيارات سعيد وتشن هجمات على خصومه، خصوصاً حركة النهضة التي كانت تحوز أغلبية في البرلمان التونسي التي تمّ تجميد أعمالها.

في المقابل، تساند حركة النهضة صفحات عدة تدافع عن خياراتها دون أن ترتبط بها بشكل مباشر. ومن أهم هذه الصفحات صفحة "دوسيات (ملفات) 51" التي تضم 147 ألف مشترك، وصفحة "اللعبة السياسية" التي تضم 62 ألف مشترك وصفحة "الشبح السياسي" التي تضم 100 ألف مشترك. هذه الصفحات أعلنت منذ ليل 25 يوليو 2021 رفضها لقرارات الرئيس التونسي معتبرةً ما حصل انقلاباً على الديمقراطية التونسية، داعيةً إلى رفض هذه القرارات والتنديد بها من خلال نشر مقالات وتعليقات ومقاطع فيديو.

الحرب التي تخوضها هذه الصفحات لا يعلن أيّ طرف سياسي، سواء الرئيس التونسي والمحيطين به، أو حركة النهضة، أنها تابعة له، لكنّها تعبر عن نظرتهم، في ما يعتبرها البعض في تونس "حربًا بالوكالة" تخوضها الصفحات الفيسبوكية دفاعاً عن هذا الطرف أو ذاك. ليست ظاهرة الصفحات الفيسبوكية المناصرة للأطراف السياسية جديدة في تونس، بل بدأ بروزها للعيان منذ انتخابات سنة 2014.

ويعود اهتمام الأحزاب السياسية والفاعلين السياسيين في تونس بالصفحات على "فيسبوك" إلى الإقبال الكبير للتونسيين على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً "فيسبوك"، الذي يستخدمه أكثر من 7 ملايين في البلاد. كما أصبح "فيسبوك" المصدر الرئيسي للأخبار في تونس، وهو ما زادت في تأكيده الرئاسة في عهد قيس سعيد، إذ إنّها تخلّت عن خطة الناطق الرسمي باسمها لتُصبح صفحة رئاسة الجمهورية على الموقع الأزرق هي المصدر الأول للأخبار المتعلقة بقرارات وأنشطة الرئيس التونسي. وهو ما بدا جليًا عند إعلان الرئيس قيس سعيد لقراراته يوم 25 يوليو، إذ إنّه لم يعلنها عبر التلفزيون الرسمي أوالإذاعة الرسمية مثلما جرت العادة، بل اكتفى ببثّ مباشر عبر صفحة رئاسة الجمهورية في "فيسبوك".

المساهمون