"فايك"... الأخبار الكاذبة على خشبة المسرح

"فايك"... الأخبار الكاذبة على خشبة المسرح

30 مايو 2022
الهدف الرئيسي من "فايك" هو أن يكون بناؤها الفنّي مُثيراً للاهتمام (من المخرج)
+ الخط -

في إطار الدّورة الخامسة للمهرجان الدّولي للمسرح والثٌّقافات، عرضت فرقة "مسرح السّابعة مساء" في عرض مسرحيّتها "فايك" في القاعات المسرحية المغربية، بعد توقّف المهرجان أكثر عامين بسبب جائحة كورونا. ووركّزت النّسخة الخامسة للمهرجان هذا العام على العُروض المحلية، بهدف دعم جُهود الفنّانين المغاربة.

في هذا الحوار، يتحدّث مُؤلّف ومخرج مسرحية "فايك" أيوب نعيم لـ"العربي الجديد" عن مسرحيته وتجربته في المهرجان. 

يقول نعيم: "قبل أن أدخل مجال التّأليف والإخراج المسرحي، كنت أعمل صحافياً في جريدتي (الإيكونوميست) و(ليزيكو)، وتعود بداياتي في المجال لارتيادي معهد الفنون الدرامية في مدينة الدّار البيضاء حيث قضيت سبع سنوات من التّدرب على فُنون المسرح، بالموازاة مع دراستي الجامعية في كلية العلوم القانونية. إلى أن قرّرت في أحد الأيّام الجمع بين شغفي للكتابة وشغفي للمسرح، بأن أكتب نُصوصاً مسرحيّة، ولأنّني أنتمي للجسم الصحافي، فإنّ أوّل المواضيع التّي كتبت عنها ارتبطت بشكل أو بآخر بما تُعانيه المهنة من مشاكل".

وعن سبب اختياره الأخبار الزائفة موضوعاً لمسرحيّته، يكمل: "فكرت في تناول موضوع الأخبار الزّائفة لأوّل مرّة، بعدما أرسل لي والدي خبراً زائفاً جرى تداوله على تطبيق (واتساب)، مُعتقداً أنّه خبر صحيح، وحين سألته إن كان على علم بمدى صحّة ما بعثه لي، أخبرني أنّه لا يستطيع أن يُميّز بين خبر صحيح وآخر زائف. فقرّرت بعدها، رفقة الفرقة المسرحية التّي أنتمي لها، فرقة "مسرح السّابعة مساءً"، العمل على نصّ مسرحي يُعالج الموضوع، وهكذا بدأت المُغامرة".

ويشرح أيوب: "عندما بدأت التّفكير في كيفية تناول الموضوع، حاولت أن أجد أُسلوب مُعالجة مسرحي يكون سهل الاستيعاب من طرف أكبر عدد من النّاس، فاخترت أن أشتغل بداية على شخصية "المختار"، وهو عامل توصيل، سيتعرّض في يوم من الأيام لمُشكلة بسيطة، سيتمّ تحويرها لاحقاً من طرف الصّحافة الصفراء، والتّلاعب بها لتُصبح خبراً كاذباً يتضمّن العديد من المُغالطات، لتُصبح المُشكلة بعد ذلك قضيّة رأي عام. وهكذا أوصلنا إلى الجمهور فكرة مفادها: لقد كُنتم شاهدين على ما حدث، ورأيتم كيف تحوّلت مشكلة بسيطة إلى قضية لم تكُن تحتاج كُلّ ذاك الاهتمام الإعلامي".

المسرحية تعالج موضوع الأخبار الزائفة من منطلق كوميدي، عن ذلك يضيف أيوب: "في الحقيقة هي كوميديا سوداء، وقد اخترناها لأنّنا رأينا فيها أفضل وسيلة لتوصيل مدى "تفاهة وعبثية" موضوع الأخبار الزّائفة، كما أنّ أسلوبنا المسرحي هو أسلوب مُعاصر، يستلهم آليات اشتغاله من الكثير من "الثيمات"، إذ نعتمد بعض أساليب مسرح العبث، والمسرح الكلاسيكي، والمسرح الكوميدي من خلال أعمال مُؤسس "الكوميديا الرّاقية" جان بابتيست مُوليير مثلاً. لكن يبقى الأساس في نصّنا المسرحي هُو الكوميديا السّوداء. أنا أُؤمن بمقولة يابانية مفادها أن لا شخص مهما كانت عظمته يُمكن أن يتفوّق على من يشتغلون جماعة، لذلك فإنّ اشتغالنا على المسرحية جرى بطريقة جماعية، من خلال الاشتغال في بيئة تحتضن أفكار الجميع، وتستقبل اقتراحاتهم بخُصوص آليات الاشتغال، وكما كان مُتوقّعاً، فالنّتيجة كانت رائعة، وأُحسّ بالفخر تجاه فريق العمل".

المسرحية تركّز على إثارة الحواس، ولكنها في نفس الوقت تتضمن نفسًا إبداعياً واضحًا، يقول أيوب: "حاولنا عدم الانسياق وراء إثارة الحس كثيراً، وركّزنا على عُنصر المُتعة، فالتّركيز على الجانب التّحسيسي بشكل مُباشر، قد يُسقطنا في مقاربة (إعطاء الدّروس)، وهذا ليس الهدف من مسرحيتنا، إذ أرى أنّ استمتاع الجمهور بعمل ما قد يُساهم أكثر في إيصال الرسالة، أمّا التّحسيس المُباشر فأعتقد أنّه لا يحترم ذكاء الجمهور، ففضّلنا أن نترك لهم مساحة لإدراك الموضوع. أمّا الهدف الرّئيسي من "فايك"، فهو أن يكون بناؤها الفنّي مُثيرا للاهتمام ومُمتعاً بالنّسبة للجميع، بمعنى أن يستمتع بها حتّى من لا يهُمّه موضوع الأخبار الزّائفة".
 

المساهمون