"صباحيات دوزيم"... ثرثرة في الموضة والصحة والجمال

"صباحيات دوزيم"... ثرثرة في الموضة والصحة والجمال

22 نوفمبر 2021
يُعاني البرنامج من ضعف على مستوى مادة الصحة (يوتيوب)
+ الخط -

لا أعتقد بوجود امرأة مغربيّة اليوم في حاجة إلى العناية بمطبخها وصحتها وجمالها وأناقتها، من خلال مُشاهدة وتتبّع برنامج "صباحيات دوزيم" (2021) الذي تُواصل القناة الثانية داخل التلفزيون العمومي إنتاجه وعرضه منذ سنوات، وجعله أشبه بأيقونةٍ بصريّة مُفزعة تتكرّر إلى ما لا نهاية. وعلى الرغم من كون البرنامج يُقدّم مُحتواه على أساس الموضة والصحة والطبخ والجمال، يفطن المُتابع منذ المَشاهد الأولى، أنّ الأمر يتعلّق بالدردشة والضحك من دون أيّ مجهود مبذول، على مستوى التقديم وإجادة تقنياته وحرفته، فالخطاب بسيط ويغلب عليه الاجترار والضحك أكثر ممّا يُقدّمه من مجموعة فوائد للناس. 

من المفترض بالمُقدّمة أنْ تمتلك معرفة عامّة بالتيارات الفنّية وآخر صيحات الموضة، بل أيضاً تحصين معارف في الصحة والتجميل ومدى تأثير هذا الأخير، على صحة المرأة وجسدها وملامحها بمرور الزمن، لا لتقديم حلقاتٍ في هذا المجال، وإنّما فقط من أجل تحقيق تواصل مع ضيف الحلقة والوصول إلى تناغمٍ منشود معه.

ففي "صباحيات دوزيم" تبدو المُقدّمات كأنهن مشغولات بالشهرة والجانب الأيقونيّ لصورهن أكثر من المعرفة الجماليّة، مع افتقارهن إلى الخبرة في مجال الإعلام الفنّي، مع أنّ البرنامج يُعرض منذ سنوات وتعمل القناة الثانية على الاستمرار في الاستثمار فيه كمُنتجٍ بصريّ يدرّ عليها عائداتٍ مادية كبيرة، من دون أنْ تُفكّر هذه الجهة يوماً في إمكانية تجديد حلقاته وتقديمه بحلّة أفضل من خلال الاعتماد على مُقدّمات يمتلكن من الخبرة الفنّية، ما يجعل البرنامج يتجدّد من تلقاء نفسه. وذلك على خلفية ما يحفل به المغرب من مُصمّمات وخبيرات وعارضات أزياء كبيرات يعترف بنجاعتهن العالم في مجال التصميم والصحة والديكور.

أمّا على صعيد المضمون، فيبدو البرنامج كأنّه يعيش في غيبوبة الماضي. فهو يُروّج لأنواع من اللباس والتصاميم ماضوية الشكل والمُحتوى، لم يعُد لها أثر داخل الحياة الاجتماعية أو الأوساط الفنّية في المغرب المعاصر. ما كان تراثاً البارحة، قد يُصبح موضة اليوم، إذا ما أجاد الفنّان إبداعه وتصميمه وإعادة خلقه كمنتوجٍ فنّي جديد على جسد القديم. لكنّ هذه المُعادلة السهلة، تغدو صعبة داخل البرنامج، إذ يجري الاكتفاء بالقديم وإضافة أشياء بسيطة مثل الحلي أو العقيق عليه بدعوى أنّه روسيكلاج معاصر. 

كذلك، يُعاني البرنامج من هشاشة مُفرطة على مستوى مادة الصحة، إذْ يتم تقديم معلوماتٍ قديمة وإن بحضور متخصّصين. فالبرنامج لا يستند إلى معلومات علمية جديدة تُنشر هنا وهناك بفرنسا، ويبرع في كتابتها خبراء وصحافيون متخصصون في عالم الصحة بما يستجيب لتحوّلات الواقع الصحي العالمي على مستوى مستحضرات التجميل وعلاقتها بجسد المرأة وجمالها. يأتي كلّ هذا رغم أنّ وسائل التواصل وصفحات المجلات الرقمية العالمية وبرامج التجميل المُنتشرة على قنوات التلفزيون العالمي، جعلت المرأة المغربيّة تذهب مباشرة إلى مَنابع هذه المعرفة وأضحت تمتلك من الخبرة الصحية والجمالية، ما يجعلها في نفس تجربة مُقدّمات "صباحيات دوزيم".

لكن، ما الذي يجعل حقيقة من قناة تلفزيونية تُفكّر في إنتاج محتوى فنّي بهذا الارتباك المُفرط؟ إذا كان الأمر يدخل في باب معرفة الصحة وتمثلات الجمال، فإنّ المرأة المغربيّة قطعت أشواطاً طويلة في هذا المجال، بسبب حجم التأثير الذي تُمارسه مجلات غربية تصل بانتظام إلى أكشاك الصحافة المغربيّة، وتجعلها في خضم التحوّلات التي تطاول الجسد. إنّه لمن الصعب الاعتراف في كون "صباحيات دوزيم" برنامج يهتم بالمرأة المغربيّة، بسبب ما تفتقره المقدّمات من ميكانيزمات المهنة ومعجم الفنّ والموضة والصحة. وأيضاً في وقتٍ يستغل فيه التلفزيون العموميّ غياب برامج الصحة والتجميل داخل المغرب، ما جعله يخلق هالة مُصطنعة ويحتكر فكرة البرنامج، وما يُمكن أنْ يلعبه على مستوى التصميم والديكور من دور خلّاق في تغيير علاقة المغاربة بالفضاءات العامّة والخاصّة، والتعامل مع الجمال كـ"حقّ" مشروع وضرورة وجودية داخل الحياة الاجتماعية.

المساهمون