"روسيا اليوم" تحتكر "العمالة الأجنبية"

"روسيا اليوم" تحتكر "العمالة الأجنبية"

26 نوفمبر 2021
متجر "روسيا اليوم" الإلكتروني لا يدر أرباحاً على الشبكة (ألكسندر شيتشيرباك/تاسّ)
+ الخط -

كشفت وسائل إعلام روسية أن شبكة قنوات "آر تي" (روسيا اليوم) الحكومية، الممولة من الكرملين، طالبت متجراً روسياً بدفع نصف مليون روبل (نحو 7 آلاف دولار)، ووقف بيع قمصان مكتوب عليها "عميل أجنبي"، قالت القناة إنها سجلت هذه العبارة علامةً تجاريةً تابعة لمتجرها الإلكتروني في يونيو/ حزيران من العام الماضي.  

وبعد طرح متجر Feelosophy قميصاً أصفر في أغسطس/ آب الماضي، مكتوباً عليه "عميل أجنبي"، لدعم موقع "ميدوزا" وجميع المواقع والأفراد الذين أدرجتهم السلطات الروسية في قائمة العملاء الأجانب، احتجت قناة "آر تي" على استخدام المتجر علامة "عميل أجنبي"، وأرسلت خطاباً للمتجر في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تضمن قائمة طويلة بمنتجات يحظر على القائمين على المتجر طرحها والإتجار بها. 

وكشف رئيس ومؤسس متجر Feelosophy غيوري ساربيكيان أن الطلب لم يكن الأول من نوعه، فقد طالبته "آر تي"، في ست رسائل سابقة، بعدم عرض المنتجات على موقع التسوق الإلكتروني أو في المتجر الواقع في موسكو، لكنه أكد أنها المرة الأولى التي تطالب فيه الشبكة الحكومية بتعويضات مالية عن استخدام العبارة. وأوضح أنّ الرسالة الأخيرة تصف القمصان التي تنتجها شركته بأنها مزيفة، وكشف أن "آر تي" شددت في رسالتها على عدم جواز استخدام عبارة "عميل أجنبي" على الستر والقمصان وعدد واسع من المنتجات الأخرى التي تستخدم فيها تقنيات الطباعة على الصحون والأكواب والدفاتر، وغيرها، ورأى أن الهدف هو إخافته ودفعه إلى التوقف عن بيع هذه المنتجات.

ونقل موقع "ميدوزا" عن محامي الحقوق الفكرية أرتيوم ليبيديف قوله إن شبكة "آر تي" تملك الحق في المطالبة بمصادرة وإتلاف جميع البضائع التي كتب عليها "عميل أجنبي"، وفقاً للقوانين المتبعة في روسيا لحماية الحقوق الفكرية. ورجح محامو Feelosophy، في تصريحات لموقع "ناساياشيويه فريميا" أن الشبكة التلفزيونية الحكومية تريد افتعال ضجة وعدم التوصل إلى تسوية بالتراضي بين الطرفين، ولفتوا إلى أن "آر تي" طالبت المتجر بدفع التعويض في غضون سبعة أيام، وهي أقل بثلاث مرات من المدة التي حددها القانون الروسي للتوصل إلى تسوية سلمية بين طرفي النزاع من دون اللجوء إلى المحكمة، كما أوضح المحامون أن التعويض الذي طلبته "آر تي" كبير نسبياً مقارنة بالحد الأدنى في روسيا لحالات مشابهة، وأن الشبكة مطالبة بإثبات الضرر الذي لحق بها جراء استخدام العلامة التجارية في حال طالبت بمبلغ أكبر من 125 دولاراً.

ورداً على طلبات "آر تي"، قدم موقع "ميدوزا" طلبات تسجيل عبارة "العميل الأجنبي" و"صحافة" علاماتٍ تجاريةً. وشدد رئيس تحرير الموقع إيفان كولباكوف على أن "ميدوزا" لا تريد احتكار علامات "عميل أجنبي" أو "صحافة"، حتى لو منحت هيئة براءة الابتكارات الموقع مثل هذا الحق، موضحاً أنهم يفعلون ذلك حتى تتاح للجميع الفرصة لاستخدامها من دون أي قيود. 

وأدرج موقع "ميدوزا" في قائمة "العملاء الأجانب" في 23 إبريل/ نيسان الماضي، بحجة الحصول على تمويل من منظمتين  أجنبيتين غير حكوميتين، والحصول على عقد حكومي للترويج السياحي لدولة لاتفيا مقابل 74.3 ألف يورو. وكشف الموقع، الصيف الماضي، أن كثيراً من المعلنين أوقفوا إعلاناتهم على صفحات الموقع، ما اضطر القائمين عليه إلى خفض النفقات بشكل حاد، والتخلي عن مكتبين تابعين للموقع في موسكو وريغا، وتجميد العمل مع الكتاب من خارج المؤسسة، وتقليص معاشات الموظفين ما بين 30 و50 في المائة، بسبب تراجع دخل الإعلانات التي كانت تشكل المصدر الرئيس للتمويل. 

وناشدت "ميدوزا" قراءها ومتابعيها الدعم المادي لمرة واحدة، أو حسب الاستطاعة، لتواصل عملها. وتسعى "ميدوزا" إلى المحافظة على وجودها اعتمادًا على تجربة صحيفة "نوفايا غازيتا" المعارضة التي تعتمد منذ سنوات في تحقيقاتها وعملها اليومي على تبرعات القراء، ولكنها أيضاً عرضة لفقدان هذا المصدر مع تصنيفها ضمن "العملاء الأجانب". 

تُمول شبكة "آر تي" التي بدأت البث باللغة الانكليزية في 2005، ثم توسعت إلى اللغات العربية والإسبانية والفرنسية والألمانية لاحقاً، من الموازنة الحكومية. وحسب تحقيقات موقع "إنسَيدر"، في مارس/ آذار الماضي، فقد حصلت الشبكة على 52.3 مليار روبل لتمويل نشاطاتها في العام الحالي. وحسب خبراء تحدثت إليهم " ميدوزا"، فإن متجر "آر تي" الإلكتروني لا يدر أرباحاً على الشبكة، ويهدف أساساً للترويج لها كإحدى أدوات القوة الناعمة الروسية.

وافتتح متجر RT على الإنترنت في ديسمبر/ كانون الأول 2018، ويعرض قبعات وسترات مبطنة وقمصاناً وغيرها من المنتجات التي تحمل اسم الشبكة، وإضافة إلى ذلك، يعرض الموقع أغطية خضراء دافئة كتب على بعضها "أنعم من عشب حديقة البيت الأبيض"، وكذلك قمصاناً قطنية سوداء مكتوباً عليها "عميل أجنبي" و"العميل الأجنبي".

وذكرت القناة سابقاً أن إصدار الهدايا التذكارية المكتوب عليها عبارة "عميل أجنبي" جاءت رداً على إجبار الحكومة الأميركية مكتب القناة في الولايات المتحدة على التسجيل كعميل أجنبي. 

ومعلوم أن وزارة العدل الأميركية طلبت من "آر تي"، في سبتمبر/أيلول 2017، أن تتسجل بصفة "عميل أجنبي"، بعد أن خلصت الاستخبارات الأميركية إلى أنّ الشبكة "وسيلة الإعلام الرئيسية التي يستخدمها الكرملين للدعاية في العالم". واتهمت السلطات الأميركية الشبكة بأنها شاركت في حملة التضليل الإعلامي المفترضة التي يقف وراءها الكرملين خلال الحملة الرئاسية الأميركية في 2016، والتي فاز فيها الرئيس السابق دونالد ترامب. 

التزمت الشبكة بالطلب في 13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، وبعدها بأيام، أقر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رداً على ذلك قانوناً يتيح لروسيا تصنيف وسائل إعلام أنها "عميل أجنبي"، وحينها أدرجت وزارة العدل الروسية إذاعتي "صوت أميركا" و"أوروبا الحرة" اللتين يمولهما الكونغرس الأميركي في قائمة العملاء الأجانب التي توسعت حالياً إلى أكثر من 88 مؤسسة وفرداً، ما يجعل العمل الصحافي في روسيا صعباً للغاية نظراً للايحاءات السيئة لكلمة عميل في الذاكرة الروسية، وارتباطها تحديدًا بالجواسيس والعمالة لأعداء روسيا الراغبين في وقف تطورها.

المساهمون