"ذا بريدج" لـ ستينغ... ابتسامة لا يزيلها موس الحلاقة

أخيراً، أطلق نجم الروك الإنكليزي، جوردن سومنر، المعروف بـ ستينغ (1951)، ألبومه السادس عشر، "الجسر" THE BRIDGE. يضم الإصدار ثلاث عشرة أغنية. تتوزع فيه أنماط محددة من موسيقى (روك – بوب – الموجة الجديدة – ريغي – جاز). تصنيفات نجدها مكررة في كثير من الأغاني التي قدمها ستينغ في مجمل مسيرته الغنائية، خاصة تلك التي تفرّد فيها بعد انفصاله عن فرقته الأساسية، "ذا بوليس"، التي تأسست عام 1977، ثم توقفت عام 1984.

ليس سهلًا، في أعمال ستينغ، إيجاد ثيمة موحدة تجمع بينها. لكنه، في هذا الإصدار، يفتقر إلى التجديد. أما من ناحية الكلمة والقوالب الشعرية؛ فإننا نتلمّس صوراً ومجازاتٍ متنوعة ومسهبة. وهذا يشفع للعمل رتابته الطاغية في معظم أغانيه.

يستهل ستينغ، في الأغنية الافتتاحية RUSHING WATER، بألحان موسيقى الروك. انطباع رشيق وحيوي يتجلى في لحن ثابت قوامه الدرامز والغيتار، مع خلفية لإيقاع إلكتروني يمسك بمسار الأغنية، بما يلائم النص الشعري. تَتَوجّه كلمات الأغنية إلى الإنسان، يحثه فيها على الاستمرار والعزيمة في مواجهة ضغوط الحياة؛ فيقول في أحد مقاطعها:  What we have here is so easy to solve... Just takes a firm purpose and some resolve.

تتسلل الألحان المتنوعة في أغنية If its love. أنغام مختلفة. ريثم متقلب. كلها مفعمة بالطاقة، يتخللها إقحام لآلة الساكسفون، لتضفي لمسةً دافئة لموسيقى الجاز، فتعكس لنا مناخًا مخضبًا بأجواء موسيقى السبعينيات والثمانينيات، مظللة بمفردات شعرية تمتاز بصور ومجازات تعبر عن ملكة الحب وتأثيره على الإنسان: Where could this smile have come from?Its amuscle that I raeely use).

يتكرر الأمر في أغنية HARMONY ROAD من حيث التوزيع الموسيقي. القضية المطروحة بين سطور هذه الأغنية تشكل وعيًا سيسولوجيًا لحال المجتمعات. انعكاس البيئة والمكان على الإنسان لهما النصيب الأكبر في التأثير السلبي على شخصيته وقراراته. لا يولّد العنف إلا العنف، فيبقى السؤال: So how can you make aliving when all you have is apocket knife? قد لا يجد ابن هذه البيئات بديلًا للنجاة سوى المغادرة والرحيل، للبحث عن فرصة حياة أفضل. لكن، في اعتقاد ستينغ أنّ الغلبة للمنشأ؛ فيلمّح إلى قوة الانتماء في خوالج الإنسان وأحلامه.

يخصص ستينغ بعض الأغنيات ذات الطابع الهادئ، من دون تكلف في مزج الألحان، أو في طريقة الغناء. نبضات مستقرة تموج بين رتابة وخفةٍ نجدها في أغنيات مثل loving you ،for her love ،the bells of st. Thomas, و waters of tyne.

تتجلى الحالة السردية في النص الشعري لأغنية CAPTAIN BATEMAN. سؤال الحب والحياة أمام تعريف الحرية، والتفاوتات الأخلاقية، يؤديها ستينغ، وفق بناء قصصي يتقاطع مع نغمات الروك وسحر الفلوت. وقد لا تختلف أغنية THE HILLS ON THE BORDER عن سابقتها. ألحان متنوعة وفق توزيع موسيقي، ضم فيه آلة الهارمونيكا التي أضفت جوًا ريفيًا على الأغنية. بناء قصصي تكثر فيه الصور الشعرية، التي تشير فحواها إلى مناجاة الذات، وإنارة العتمة في دواخلنا. وهي رسالة يتبناها الإصدار بين كثير من مقاطعه الشعرية، ونلمسها في صوت ستينغ وأدواته المختارة في تركيبة الألبوم ككل.

وتتجلى الرسالة أكثر في الأغنية الرئيسية التي حملت عنوان الألبوم THE BRIDGE؛ إذ تميزت برقّة ألحانها التي تناسب أجواء الميلاد، وبشعريتها العالية التي تلخص سطورها غاية ستينغ في رسالته لهذا العالم الذي يمر بأزمات خطيرة، على رأسها جائحة كورونا.

عالم تبدأ وتنتهي مشكلاته إذا عرف الإنسان كيف يكون جسراً مضيئاً لنفسه أولاً، حتى يصل إلى غيره، فبذلك تصبح العلاقات بين بني البشر أقل شقاوة وأكثر سعادة (Some of us the bridge) بشرط أن ينطلق المرء في سبيل سعادته، من نفسه أولاً. وهو أمر ليس يسيراً تحقيقه إذا ما عرف الإنسان طريقه إلى ذاته: But the bridge is deep inside the mind, invisible to most