"حرب الغد"... الوحوش في يقظتهم من الجليد

"حرب الغد"... الوحوش في يقظتهم من الجليد

13 يوليو 2021
يتملّق العمل قضية الاحتباس الحراري (أمازون)
+ الخط -

يبدو أنّ الممثل الأميركي، كريس برات، لا يستطيع التخلص من الأدوار النمطية التي ألصقت به، فهو المغامر الساذج ذو المهارات العالية، والقادر على مواجهة أشد الصعاب بينما يطلق النكات التافهة. هذا ما شاهدناه في "حرّاس المجرة" و"الحديقة الجوراسيّة"، والآن يتكرر الأمر في فيلم "حرب الغد" (The Tomorrow War)، الذي بثته أخيراً شبكة "أمازون برايم".
يظهر برات في هذا الفيلم كجندي سابق يعمل أستاذاً في المدرسة عام 2022. لكن في ذاك العام، وأثناء بطولة كرة القدم الأميركية، تظهر سحابة في الملعب، ويخرج منها جنود بشريون قادمون من عام 2051، ليزفوا للبشرية خبراً لا يمكن توقعه، نهاية العالم ستكون في عام 2052؛ فهناك كائنات فضائيّة تلتهم الجميع، وتقضي على كوكب الأرض، والحلّ هو تجنيد الناس من الماضي لأجل محاربتهم.
لا يحوي الفيلم ما يثير المخيلة، خصوصاً أنّنا سنتوقع ما يحصل، فبعد انضمام دان فورستر (الشخصية التي يلعبها كريس بات) إلى فريق من المدنيين للذهاب إلى المستقبل، من أجل الحصول على مصل قادر على القضاء على الكائنات الفضائية، يموت الجميع، لكن ينجو بات وآخر عينة من المصل بسبب عودته إلى الماضي.


يحوي الفيلم كلّ ما يمكن لأفلام السفر في الزمن أن تحويه، يلتقي بات ابنته في المستقبل، ويعيد النظر في دوره كأب، وينقذ ابنته من براثن الوحش، ثم يضحي بها شابة ليعود إليها في الماضي وهي طفلة، ليعدها أنّه لن يخذلها أبداً.
لكن، ما الذي يحصل للكائنات الفضائيّة؟ نظن بداية، أنّ النهاية قادمة لا محالة، مقاربة عدميّة كانت قادرة على تركنا نتأمل في حالتنا، لكنّ الوحوش لم تأتِ فجأة في المستقبل، كانوا في الأرض منذ البداية، وسبب ظهورها هو الاحتباس الحراري؛ إذ نكتشف أنّها نائمة في القطب الشمالي، والذي مع الذوبان التدريجي لثلوجه، تنطلق هذه الوحوش وتنتشر في الأرض. وهنا، يظهر الحل ساذجاً، إذ ينطلق بات مع فريقه، فاقد الأمل، في مهمة مستحيلة للقضاء على الوحوش في نومها الجليدي، وهذا ما يحصل، وينتهي الفيلم نهايةً سعيدة، كأيّ وجبة استعراضية أميركية.
نكتب بهذه اللغة الساخرة كوننا أمام فيلم لا يقدم جديداً، حتى على مستوى تكوين الوحوش والمعارك بينهم وبين البشر... لا يوجد ما يثير الاهتمام، ناهيك أنّ حس الدعابة في الفيلم يسقط في الابتذال في كثير من الأحيان، خصوصاً أنّ الحرب التي يخوضها دان فورستر ضد الزمن، تبدو شديدة السهولة؛ فخلق الثقوب السوداء والتنقل بينها يبدو شأناً عادياً، والمشكلة فقط هي وجود الكائنات الفضائيّة، من دون أي صعوبة علمية أو تقنيّة قد تهدد حيوات أولئك الذين يتنقلون بين الزمن.

يخفي الفيلم هوية "الأعداء" عن المدنيين غير المستعدين للحرب، وتكون المواجهة الأولى بينهم فقط عند الوصول إلى "المستقبل". هذا الاختفاء ربما محاولة لترك المدنيين يعيشون على أعصابهم، وكأنّ الخطر القادم من المستقبل خفي، لا يمكن تحديد شكله إلى لحظة مواجهته، ويمكن النظر إلى هذا الشأن كإحالة إلى ما نشهده الآن؛ فنحن لا نعلم شكل الكوارث المقبلة ولا مصدرها، وننتظر فقط أن تحدث وتقضي علينا. لكنّ "العبرة" في الفيلم المليء بالخطابيّة، هو أنّ علينا النظر في سلوكنا نفسه، فالمشكلة كما يبدو هي الاحتباس الحراري، وتقصيرنا نحن كبشر في الحفاظ على كوكبنا.

لكنّ المفارقة في هذه الفرضية، التي تقوم عليها حبكة الفيلم، هي أن اللوم في الاحتباس الحراري لا يقع على المدنيين الغافلين، بل على الشركات الكبرى وما تنتجه من غازات ومواد ملوثة قادرة فعلاً على القضاء على الحياة البشريّة، ما يتركنا نحن، كالمدنيين في الفيلم، ضمن مواجهة غير عادلة، وندفع حياتنا ثمناً مقابل أخطاء كان من المفترض أن تتولاها الدول المسؤولة، حرفياً، عن ضمان حياتنا وحياة الأجيال القادمة، لا ترك الأمر لحملات التوعية ولوم المدنيين على كلّ مشكلة يعاني منها الكوكب.

المساهمون