"تيد لاسو"... العالم في ملعب كرة قدم
"تيد لاسو"... العالم في ملعب كرة قدم
مدوّن لبناني وخبير دعائي على مواقع التواصل الاجتماعي. يُعدّ ويُنتج برنامجاً تلفزيونياً لبنانياً.
المسلسل التلفزيوني الذي قد يكون الأوسع انتشاراً في المرحلة المقبلة هو "تيد لاسو". الأمر لا يقتصر على عدد الجوائز التي فاز بها المسلسل المعروض على منصّة "آبل تي في بلس"، بل على مجموعة كبيرة من العوامل، أبرزها الطاقم التمثيلي والقصة.
يقوم الممثل جيسون سوديكيس بدور البطولة، وهو يلعب دور مدرب كرة قدم أميركي متفائل ومحفّز، قرّر خوض التحدّي المتمثل في تدريب فريق كرة قدم في إنكلترا. عُرض الموسم الأوّل لأول مرة على "آبل تي في بلس" في أغسطس/آب 2020، لكنه اكتسب قوة وشهرة أوسع مع إصدار الموسم الثاني في يوليو/تموز 2021.
هناك العديد من الأسباب التي تجعل المشاهد متعلّقا بمتابعة "تيد لاسو". أحيانًا، من الممتع مشاهدة الناس وهم يتصرفون بلطف، الأمر الذي تفتقر إليه معظم المسلسلات والأفلام الرائجة أخيراً. يجمع "تيد لاسو" العديد من أنواع الأنماط التلفزيونية في عمل واحد. إنه عمل كوميدي، لكنّه في نفس الوقت نوع من الدراما الصادقة، مع ذكاء وبعض الدهاء السياسي. العمل يحتوي على تكتيكات رياضية، وفي نفس الوقت رومانسية، مع التركيز على أهمية الصداقة.
تبدو شخصيات العمل حقيقية، وبالإمكان إيجادها في محيطنا. ورغم أنّه من السهل أن تقع البرامج التلفزيونية في قوالب نمطية ذات شخصيات جانبية، لكن "تيد لاسو" يتجنّب هذا الأمر، بإعطاء كل ممثّل في العمل دوراً وجانباً من قصّته في خلال معظم الحلقات. لكن، كما أشار أحد المعجبين على موقع "تويتر"، فإن جاذبية "تيد لاسو" تكمن في أن جميع الشخصيات تشعر بأنها حقيقية، ولديها قصصها الخاصة لترويها. وكتب حساب FaceofBoaz: "إنه عرض يتألف بالكامل من الشخصيات الرئيسية. كل شخصية لها قلب وروح ومشاكل وانتصارات".
أمر آخر مهم في المسلسل، هو أنّ الصداقات متنوّعة وغير مثالية دائمًا. من المسؤولة عن المنتخب ريبيكا، وكيلي، وصولًا إلى المدرب بيرد؛ فإنّ الصداقات التي بنتها هذه الشخصيات المعقّدة على التلفزيون، هي بصدق ملهمة للعلاقات الحقيقية في الحياة. وهي مريحة للغاية للمشاهدة. المسلسل يحفّز فكرة أنّ كل شخص عليه بذل أقصى ما لديه، حتى لو كانت النتيجة غير مرضية. وحتى عندما نفشل أو نخسر مرحلة من ما كنّا نعمل على بنائه، هذا لا يعني أنّ علينا الحزن والبكاء، بل الفرح والتخطيط للمرّة القادمة والتحدّي المقبل. في الوقت الذي يبدو فيه كل شيء كارثيًا في المسلسل، تجد بعض الشخصيات في العمل الطريقة المناسبة للتحفيز على الاستمرار مع عدم إنكار الفشل أو الإخفاق.
العمل أيضًا يرسم مسارًا لطريقة تلقّي الأخبار اليومية المُقلقة، حول العقبات والمشكلات العملية والصحية في كل منعطف تقريبًا. فالابتعاد عن وسائل التواصل، والتركيز على النفس والتواصل مع الأصدقاء هو صلب ما يركّز عليه المسلسل. وعلى الرغم من أن العديد من العروض والمسلسلات اختارت تضمين أحداث عام 2020 من جائحة كورونا وغيرها، إلا أنّ هذا العرض لم يتحدث عن أيّ منها، ما جعله بمثابة استراحة ترحيب من جميع الأخبار المحزنة في العامين الماضيين. لكنّ العمل طرح عددًا كبيرًا من المشاكل والخيبات التي تواجه أي إنسان في العالم، مع جرعة كبيرة من الإيجابية في مواجهة تلك الصعوبات، بالطبع مع المدرّب لاسو.
وعلى الرغم من أنه من الجيد الشعور بالإحباط في بعض الأحيان، فإن هذه الشخصية هي مثال رائع على قوة التفاؤل. هذه السمة الشخصية تجعل العرض أكثر إثارة للمشاهدة. في بعض الأحيان، تكون أفضل بداية هي مجرد الإيمان بأن الأمور ستكون على ما يرام، والمضي قدمًا لمحاولة جعل هذا الاعتقاد حقيقة. إلى جانب ذلك، العرض يركّز ويعالج قضايا الصحة العقلية. فقط لأن لاسو لديه قدر لا ينتهي من التفاؤل، لا يعني أنه لم يعش كثيرًا من المآسي. يُظهر المسلسل فوائد الذهاب للعلاج وتعلّم ضرورة التحدّث عن المشاكل، واحتضان الضعف لتقوية النفس. تيد لاسو وغيره من الرجال الذين يشاهدون العمل ليسوا مضطرين إلى كبت مشاعرهم، وعليهم أن يتذكّروا دائمًا أنّ الحصول على المساعدة ليس شيئًا يجب الخجل منه أبدًا.
الحوار في العمل مبهج للغاية، مع الكثير من الاقتباسات التي خرجت من هذا العرض التي لا تتعلق فقط بالحوار التلفزيوني، ولكن في الحياة العملية اليومية. لكن من أكبر الانتقادات الموجهة إلى العرض أنه يمكن أن يشعر، في بعض الأحيان، أنه بالإمكان التنبؤ به بعض الشيء. لكن هذا في الواقع، ممكن أن يكون من الأسباب التي تجعله مريحًا، خاصة للأشخاص الذين يتجنّبون الأعمال التي تحتوي على إثارة وتشويق.
المسلسل مريح لأنه لا يحتوي على هذه المنحدرات المجنونة أو التقلبات الدرامية. يوضح العمل قوة العمل الجماعي مع التأكيد على خطورة التنمّر وسلبياته الكثيرة. ليس من الصعب على برنامج تلفزيوني عن فريق رياضي أن يدور حول قوة العمل الجماعي، لكن "تيد لاسو" يضع رسالة عن قوة المجموعة مع بعضها داخل وخارج الملعب. هذا ما يحتاجه العالم، أكثر من أي وقت مضى، فكل مكان عمل هو ملعب "تيد لاسو" بطريقة مصغّرة.
يذكر أنّ الموسم الأوّل من "تيد لاسو" رُشّح لـ 20 جائزة Primetime Emmy Awards، ليصبح الكوميديا الأولى الأكثر ترشيحًا في تاريخ جائزة Emmy. وحصد سبع جوائز Emmy بموسميه الأوّلين.
المسلسل يُعرض حصريًا على منصّة عرض "آبل تي في بلس" التي تحتاج لاشتراك شهري قيمته 4.99$. ويحصل كل شخص يبتاع منتجًا جديدًا من شركة "آبل" على اشتراك مجاني لمدة سنة كاملة بخدمة العرض.
