"توأم روحي": مفاجآت جيّدة لم تكتمل

"توأم روحي": مفاجآت جيّدة لم تكتمل

20 سبتمبر 2020
تشارك أمينة خليل في بطولة الفيلم (فيسبوك)
+ الخط -

جانبان يُشكّلان أهمية الفيلم المصري "توأم روحي"، للمخرج عثمان أبو لبن والمؤلّفة أماني التونسي:

الأول، أنّه ثاني تعاون بين الكاتبة والمخرج، بعد "قصّة حبّ" (2019)، المعروض بنجاح في فبراير/ شباط من العام الفائت، والمنتمي إلى النوع الرومانسي (كما في عنوانه). ورغم عدم وجود نجوم في بطولته، ورغم تواضع مستواه عموماً، حقّق "قصّة حبّ" إيرادات بلغت 11 مليون جنيه مصري، وكان مؤشّراً، تسهل قراءته، على إقبال الجمهور على أنواعٍ سينمائية أخرى غير الحركة والغموض.

الثاني: هذا ثاني فيلم مصري يُعرض في صالات السينما في زمن كورونا، بعد نجاح كوميديا "الغسّالة" (2020) لعصام عبد الحميد، الذي بلغت إيراداته 12 مليوناً ونصف مليون جنيه مصري لغاية الآن. بالتالي، فإنّ نجاح "توأم روحي" أو عدم نجاحه سيكون مؤشّراً مهمّاً على مدى "عودة" الصناعة بشكل حقيقي.

"توأم روحي"، مرة أخرى، ليس من بطولة نجوم شباك تذاكر. ممثلوه هم حسن الرداد، وأمينة خليل، وعائشة بن أحمد. يبدو من عنوانه وملصقه الرسمي أنّه كالسابق (قصّة حبّ)، بانتمائه إلى دراما المراهقين ورومانسيتهم. ولعلّ هذا ما يُفاجئ في "توأم روحي"، منذ الحدث المؤسّس في الدقائق الأولى، أي أنّه غير منتمٍ أصلاً إلى النوع الرومانسي، على عكس عناصره الدعائية التي تُشير إلى ذلك، بل إلى نوع "سايكو ـ دراما"، أو الدراما المعتمِدة على مرضٍ نفسي.

قصّة الفيلم جيّدة ومختلفة عن السينما المصرية (وإنْ تشابهت مع أفلام أجنبية)، وهذا مفاجئ. مفاجأة كان يُمكنها أنْ تحضر لو أنّه بقي جيداً حتى النهاية، لكنّه فَقَد ذلك سريعاً بسبب تفاصيل وآفاتٍ معتادة.

عُمر (الرداد) ثريٌّ ومتزوّج من حبيبته ليلى (خليل)، ويبدو سعيداً للغاية. في شهر العسل، تَغرق ليلى في البحر، فيعاني اكتئاباً وحزناً. ومع ضغط والدته والمحيطين به، يتردّد على طبيبة نفسية (الممثلة الراحلة رجاء الجداوي في آخر أدوارها)، فتبدأ معه تجربة علاج جديدة، ترتكز على جعله يحلم بحياةٍ أخرى يقابل فيها حبيبته.

هذا يُدخله في عوالم مختلفة كلّ مرة، محاولاً فيها اللحاق بحبيبته الراحلة، لكنّ فتاة غامضة يتكرّر ظهورها في كلّ حلمٍ من أحلامه. تفتح القصّة مجالاً كبيراً للابتكار، على مستوى القصص وأشكال العوالم. هناك أحلام، يمكنها التحرّر من قواعد كثيرة، والتلاعب بالحكايات والصورة السينمائية. لكن هذا لا يحدث، ويمكن تفهّم ذلك واعتبار أنْ له علاقة بالإمكانات الإنتاجية، وكذلك الخوف من صنع مخاطرات زائدة في فيلمٍ مختلف أصلاً بفكرته.

ما أفْقَدَ "توأم روحي" لياقته فعلياً، بشكل يصعب تفهّمه ويجعله يزداد ثقلاً مع مساره الحكائيّ، كامنٌ في قصصه

ما أفْقَدَ "توأم روحي" لياقته فعلياً، بشكل يصعب تفهّمه ويجعله يزداد ثقلاً مع مساره الحكائيّ، كامنٌ في قصصه: تبدأ ضعيفة وغير مُثيرة للاهتمام، ومع حكاية أخرى، يتلمّس المُشاهد النمط الذي سيسير عليه كلّ مرة، وهذا يحدث بالضبط من دون مفاجآت وإضافات حقيقية. كذلك، يحاول صنّاعه التوفيق بين أكثر من نوع سينمائي، وهذا مُزعج رغم أنّ الأفلام التجارية المصرية تعتاده.

فرغم أنّ نوعه الأساسي "سايكو ـ دراما"، وإدراك صنّاعه بهذا، وبأنّ الرومانسية نوع جانبي (نظراً إلى طبيعة قصّته)، إلّا أنّهم مُصرّون على "حَشر" مَشاهد كوميدية خارج السياق، تَكسر الأجواء الكئيبة التي يُفترض بهم تضمين حكايته بها، فـ"يخرج" الجميع من الفيلم مع تطوّر الأحداث، خصوصاً أنّ أداء ممثلي الأدوار الرئيسية فاتر جداً، تحديداً حسن الرداد، الذي يؤدّي أول بطولة له بعيداً عن الكوميديا، فقدرته على التعبير والانغماس في الشخصية محدودة للغاية، وفي لحظات كثيرة كان يخرج منها لقول "إيفّيه" أو إيماءة ما تُشبهه هو.

نجح "توأم روحي" في تحقيق إيرادات جيدة، ستتجاوز غالباً إيرادات "قصّة حب"، وهذا جيّدٌ للسينما في مصر، لأنّه فيلم مختلف قليلاً، رغم عيوبه. ويُنتظر أنْ يكون صنّاعه أكثر جرأة في فيلمهم المقبل، وألّا يكتفوا بفكرة جيدة ونوع سينمائي غير مُعتاد.

المساهمون