"القوة 47": جنود يديرون معارك هانوي على "فيسبوك"

"القوة 47": جنود يديرون معارك هانوي على "فيسبوك"

18 يوليو 2021
65 مليون مستخدم لـ"فيسبوك" في فيتنام (فرانس برس)
+ الخط -

مشاهير منصات التواصل الاجتماعي في فيتنام، حيث تخوض السلطات معركة شرسة عبر شبكة الإنترنت ضد المعارضة السياسية، هم أشبه بجنود يلعبون دوراً بارزاً تحديداً في الصراع على "فيسبوك".

تضم "القوة 47" ــ وهي وحدة حرب المعلومات عبر الإنترنت التابعة للجيش الفيتنامي ــ آلاف الجنود المكلفين بإنشاء مجموعات على موقع "فيسبوك" موالية للدولة ومراقبة المنشورات فيها وتصحيح "الآراء الخاطئة" عبر الإنترنت، بالإضافة إلى واجباتهم العادية، وفق ما كشفت وكالة "رويترز" الأسبوع الماضي.

تأخذ "القوة 47" اسمها من "التوجيه 47"، وهو وثيقة سياسية صادرة عن الإدارة السياسية العامة للجيش في 8 يناير/كانون الثاني عام 2016. ويقول المحللون إنها أنشئت كبديل لتوظيف "صانعي الرأي" المدنيين ــ أو du luan vien ــ الذين عملوا على نطاق أصغر وأقل نجاحاً.

وفقاً لمراجعة أجرتها "رويترز" لتقارير وسائل الإعلام الحكومية على مستوى المقاطعات والبث من قبل محطة التلفزيون الرسمية التابعة للجيش، أنشأت "القوة 47"، منذ إطلاقها عام 2016، مئات المجموعات والصفحات على "فيسبوك"، ونشرت آلاف المقالات والمنشورات الموالية للحكومة.

قد تكون الشبكة الأكبر والأكثر تأثيراً في جنوب شرقي آسيا

يقول باحثون متخصصون في أنشطة وسائل التواصل الاجتماعي إن المجموعة قد تكون الشبكة الأكبر والأكثر تأثيراً وتطوراً في جنوب شرق آسيا. وهي تلعب الآن دوراً بارزاً في صراع البلاد المتصاعد ضد "فيسبوك".

وصرّح مصدر من "فيسبوك"، لـ "رويترز"، أن شركته أزالت مجموعة تحمل اسم "إيه 47" حشدت أفراداً عسكريين وغير عسكريين للإبلاغ عن منشورات لا تعجبهم على الموقع في محاولة لحذفها. ولفت المصدر نفسه إلى أن المجموعة مرتبطة بـ "القوة 47". متحدث باسم "فيسبوك" أكد حذف بعض المجموعات والحسابات يوم الخميس الماضي، بسبب "تنسيق محاولات الإبلاغ الجماعي عن المحتوى". ووصف مصدر في الشركة هذا الإجراء بأحد أكبر عمليات الحذف التي أقدمت عليها "فيسبوك" بموجب سياسة الإبلاغ الجماعي.

لكن "رويترز" لفتت إلى أن حسابات ومجموعات عدة تابعة لـ "القوة 47" لا تزال نشطة. ونقلت عن مصدرها في "فيسبوك" قوله إن المستخدمين يديرونها بأسمائهم الحقيقية، لذا فإنهم لا ينتهكون سياسات الموقع.

على عكس الصين المجاورة، لا تحظر فيتنام موقع "فيسبوك" الذي يضم بين 60 مليوناً إلى 70 مليون مستخدم في البلاد. كما أن "فيسبوك" هو المنصة الرئيسية للتجارة الإلكترونية في فيتنام، ويدر عائدات سنوية تبلغ نحو مليار دولار للشركة، أي ما يقرب من ثلث إجمالي الإيرادات من جنوب شرق آسيا. كما أصبح المنصة الرئيسية للمعارضة السياسية.

وتسعى الحكومة الفيتنامية حالياً إلى تشديد التدقيق في محتوى البث المباشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي مثل "فيسبوك" و"غوغل"، في آخر تحرك لها لكبح الأنشطة الرقمية التي تتهمها بمعاداة الدولة. وتنص مسودة مشروع مرسوم صادر عن وزارة الإعلام والاتصالات على أنه يجب على منصات وسائل التواصل الاجتماعي العابرة للحدود العاملة في فيتنام توفير معلومات الاتصال لمشغلي الحسابات الذين لديهم أكثر من 10 آلاف متابع أو مشترك.

تقدر الوزارة أن المنصات الفيتنامية الأفضل للتواصل الاجتماعي تضم نحو 80 مليون مستخدم مجتمعة، فيما يسيطر المنافسون الأجانب على 65 مليون مستخدم لـ"فيسبوك" و60 مليون مستخدم لـ"يوتيوب" و20 مليون مستخدم لـ"تيك توك". قالت الوزارة إن المنصات المذكورة "لا تبدي التزاماً كاملاً بالقوانين الفيتنامية"، مضيفة أن الكثير من المحتوى المنشور عبرها "مضلل، ويثير القلاقل والارتباك في المجتمع، ويعزز غياب المساواة بين الشركات المحلية والأجنبية".

عائدات سنوية لـ"فيسبوك" من فيتنام تبلغ نحو مليار دولار، أي ما يقرب من ثلث إجمالي الإيرادات من جنوب شرق آسيا

تتطلب المسوَّدة ــ التي لم يُوافق عليها بعد ــ من مقدمي وسائل التواصل الاجتماعي حظر أو إزالة المحتوى الذي أبلغ عنه في غضون 24 ساعة، بناءً على طلبات "مبررة" من قبل الأفراد الفيتناميين والمنظمات المتضررة.

يذكر أن "منظمة العفو الدولية" (أمنستي) اعتبرت، العام الماضي، أن "فيسبوك" و"يوتيوب" تسمحان لنفسيهما بأن تكونا أداتين للرقابة بيد السلطات الفيتنامية. وأشارت إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي، ولا سيما "فيسبوك" و"يوتيوب"، تتحول إلى "ساحات للرقابة وللجيوش الإلكترونية والمتصيدين الذين ترعاهم الدولة". ولفتت المنظمة إلى انصياع "فيسبوك" للسلطات في فيتنام عبر الاستجابة للشكاوى التي تقدمها لفرض رقابة على المحتوى، وخاصة الانتقادات التي ينشرها ناشطون، علماً أنها محمية بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.

المساهمون