"الصقر وجندي الشتاء": البحث عن البطل الضائع

"الصقر وجندي الشتاء": البحث عن البطل الضائع

27 ابريل 2021
كابتن أميركا جديد وطائش ومتردد (ديزني)
+ الخط -

بدأ هذا العام مع دخول عالم مارفل السينمائي مرحلته الرابعة، تلك التي نتابع فيها حكايات الأبطال الخارقين الأقل شهرة، أولئك الذين عرفناهم في الأفلام السابقة من دون أن يلعبوا دور البطولة. وفي هذه المرحلة، التي تطغى على إنتاجاتها المسلسلات، بثت منصة ديزني مسلسل "واندا فيجين" Wanda vision.

وأخيراً، تبث المنصة مسلسل "الصقر وجندي الشتاء" The Falcon and the Winter Soldier، الذي تدور أحداثه بعد الجزء الأخير من سلسلة أفلام Avengers end game، أي بعد القضاء على ثانوس وعودة نصف البشرية إلى الحياة، والأهم موت الرجل الحديديّ. قبل الحديث عن المسلسل، لا بد من الإشارة إلى أن كابتن ستيف روجرز، أو كابتن أميركا، الأبيض، المحافظ، محارب النازيين ومنقذ العالم، ليس موجوداً، كونه قرّر العودة إلى حياته العاديّة في الفيلم الأخير، بعد أن سلم درعه لزميله "الصقر"، مع ذلك يظهر درع كابتن أميركا ضمن شعار المسلسل.

في عالم ما بعد العودة، أو عودة نصف البشرية، الأوضاع متأزمة، الخلافات والفقر والفروقات الاجتماعية اشتدت بين من بقوا ومن عادوا من العدم. والأهم، هناك كابتن أميركا جديد، طائش، متردد، لا يعلم بدقة دوره.. كذلك، هو من يحمل درع كابتن أميركا، ذاك الذي تخلى عنه الصقر كونه لم يجد نفسه مناسباً ليكون بديلاً لستيف روجرز. ضمن هذه الفرضيات والشروط، يسائل الصقر المُلون/الأسود هويته، إذ لا يعلم ما دوره بدقة في هذا العالم. لذا، نراه يتعاون مع جندي الشتاء من أجل الوقوف بوجه تنظيم إرهابي أبيض (إن صح التعبير). جماعة تحاول إثبات وجهة نظرها المعادية للـ"سلطة"، عبر استعادة مصل سريّ يكتسب من يتعاطاه قوة خارقة، ذات المصل الذي "صَنع" كابتن أميركا.

يعيد المسلسل، بالرغم من إتقانه، تكرار ذات الرسائل السياسية عن صراع الهويات، إذ نكتشف وجود كاتبن أميركا ملون، أسود، يعيش في عزلة بعد أن سُجن وطبقت عليه الاختبارات الطبيّة وأخفي عن العلن. والسبب بسيط، بحسب ما يقال في المسلسل؛ إذ لا يمكن لأسود أن يكون بطلاً أميركياً يحمل علم الولايات المتحدة على صدره. على النقيض، فإن كابتن أميركا الجديد، أبيض، ومُدلل، ومتسرع. وبسبب عصبيته وعدم استحقاقه لمكانته، يقتل واحداً من الجماعة الإرهابية علناً وأمام أعين الناس، لينتهي به الأمر مُجرداً من رتبه ومسرّحاً من الجيش، لتترك الساحة فارغةً للصقر، كي يصبح هو كابتن أميركا.

لن نشير إلى تفاصيل المسلسل وتدفق الحكاية، لكن ما يثير الاهتمام هو الرهان على الهامشيين، ومعاناة ضحايا ثانوس، أبطالاً ومواطنين، إذ نكتشف معيشتهم في الظل، خارج زمن القتال، ونرى كيف يعجز الصقر عن الحصول على قرض من البنك بسبب دخله المنخفض. كما نشاهد رحلة جندي الشتاء للتعافي والتخلص من مشكلاته العقلية في واكاندا، ثم تحوله إلى شخص لطيف ذي حس دعابة، لكن بلا حياة اجتماعيّة، وهذا ما يجعله مختلفاً عما سبق، إذ كان غامضاً، لا يتحدث كثيراً ومنزوياً على نفسه.

لا يوحي المسلسل، بعد نهايته، بما يمكن أن يحدث لاحقاً، بالرغم من إشارات إلى تنظيمات سريّة ومؤامرة حكوميّة، إلى جانب نجاة أحد "أشرار" الأفلام الماضيّة، الذي تعاون مع الصقر وجندي الشتاء لاسترجاع المصل السري بعد أن ساعداه في الفرار من السجن. ونقصد هنا هيلموت زيمو، ذاك الذي فجر مبنى الأمم المتحدة سابقاً.

ما يلفت الانتباه في المسلسل أننا أمام "أشرار" أو جماعة إرهابية تمتلك قضية وطنيّة، في إحالة إلى تلك الفئة "البيضاء" التي وجدت نفسها محرومة من "القوة"، وبحاجة لها كي تستعيد مكانتها، لكنها تستخدم الوسائل الخاطئة. هذه الرسالة السياسية واضحة بشدة في المسلسل، خصوصا أن العنف الذي تلجأ له تلك الفئة التي ترى نفسها محرومة هو محاولة لإثبات وجهة نظرها. نجد أنفسنا أمام عنف موجه ضد الطبقة السياسية التي تتجاهل ما يحصل "على الأرض". وهنا يتحفنا الصقر في الحلقة الأخيرة بخطاب وطنيّ وعقائدي، عن ضرورة الوحدة الوطنية والقتال لأجل الوطن، الأمر الذي يتركنا حائرين: هل نحن أمام أبطال خارقين أم متحدثين باسم الطبقة الواعية من المواطنين؟

المساهمون