"أوزارك"... كل ما حدث قبل انقلاب السيارة

"أوزارك"... كل ما حدث قبل انقلاب السيارة

08 فبراير 2022
أسرة بيرد تحت تهديد من "الجميع" (نتفليكس)
+ الخط -

يُفتتح الجزء الأول من الموسم الرابع لمسلسل "أوزارك" (نتفليكس)، بحادث سيارة يطيح أسرة بيرد، من دون أن نعلم مصيرهم لاحقاً. هذه اللقطة القادمة من "المستقبل"، يليها اجتماع الأسرة مع عمر نفاراو؛ رئيس ثاني أكبر كارتيل للمخدرات في المكسيك، والذي قرر، بالتعاون مع أسرة بيرد، أن يسلم نفسه و"يغسل" يديه من عمله "القذر"، للتفرغ لأسرته وحماية أطفاله، الذين سيورثهم ثروة "نظيفة" في الولايات المتحدة.
لن نشير أكثر إلى أحداث المسلسل تجنباً لإفساده للمتابعين، لكن سنحاول أن نقرأ تَحرُك القوى الجديد، والنفس المقطوع الذي يحكم الشخصيات؛ فالتهديد بالموت أصبح أشد، وأسرة بيرد تحت تهديد من "الجميع"؛ الكل يحاول النيل منهم، ولو تغير شكل العمل وأسلوبه، لا تكسب الأسرة ثقلاً جديداً يجعلها قادرة على حماية نفسها، حتى نشاطها السياسي مهدّد، ولا يقدم غطاءً كافياً يحميهم ممن حولهم.
الملفت أن "الأعداء" في المسلسل أصبحوا أوضح، لسنا فقط أمام الكارتيل، بل شركات الأدوية، تلك التي "قتلت من الناس أكثر مما قتل كارتيل المخدرات"، حسب عبارة تُنطق في المسلسل؛ إذ يكشف لنا تدفقُ الأحداث عن طبيعة النظام الاقتصادي في الولايات المتحدة، فـ "قضايا الخير"، تخفي وراءها "شراً" لا بد منه. اللافت أن هذا "الشر" لا حدود له، لا تقف السلطة بوجهه، ولا الأخلاق، ولا "الحياة"، بل كلما اقترب منها، كشف عطبها ومدى سوئها.


يتدفق المسلسل ببطء، ولا نقصد بطء الأحداث، بل ثقل المكان وصعوبة زحزحة العلاقات ضمنه. مع ذلك، هناك عنصر مفاجئ دوماً، بالرغم من تكراره لا يفقد قسوته، ونتحدث هنا عن "القتل"؛ ما من أحد محصن منه، فنظام الخفاء، أي ما قبل "غسيل الأموال"، يتحرك وفق قوانينه الخاصة، تلك التي يستخدم فيها القتل، ليس فقط للتخلص من المشكلة، بل أيضاً لإثبات الجدارة. الأهم، أن هذا القتل يحدد الانتماء، فالأسرة ذاتها ليست معصومة، ولا نتحدث هنا عن أسرة بيرد فقط، نتحدث عن أي "أسرة" يمثّل القتل سلوكاً فيها، ويحدد علاقات الأفراد ضمنها، والأهم، يحدد الأولويات، أي أن هناك حياة يمكن الاستغناء عنها في هذه اللحظة، في سبيل حماية "العمل".
يتسع قطاع العمل في هذا الموسم، وتتغير أولوية توزيعه، خصوصاً أن نظام الظلّ، أو العمل الأسود، لا يستغني عن قوانين النظام الرأسمالي، أو ذاك "الجهد" الذي يتجاهل النظام الرأسمالي أهميته في تكوين رأس المال "الرسمي"؛ فهناك الزراعة المحلية التي تدعم القاطنين الأصليين، متمثلين بـ دارلين سنيل، وهناك "المغامرون الرأسماليون" المتمثلون بأسرة بيرد، والشركة العابرة للقارات، كـ الكارتيل، وحيتان السوق المحلي، مثل شركة الأدوية، كلها تتصارع في سبيل "الثروة" ومراكمة الربح، وهذا أبرز الموضوعات التي تتكرر على طول المسلسل، الشكل الرأسمالي للعمل لا يختلف داخل وخارج الدولة، التي تفشل دوماً في تقنين مراكمة الثروة ودفع الاستغلال، بل تتحول إلى "سلاح" بيد رأس المال للوقوف بوجه "المنافسين/الأعداء".

سينما ودراما
التحديثات الحية

اللافت في هذا الموسم، هو أن "القوى/المؤسسات" التي سبق ذكرها، أصبحت متساوية في النفوذ، ما يعني اشتداد القتل، خصوصاً أن لا رادع يقدر على إيقافه، لا السلاح ولا القانون ولا السلطة. بالتالي، الحسابات تصفى بناء على النوايا لا على "الأرقام"، وهذا بالضبط ما يتطابق مع منطق النظام الرأسمالي ذاته، هو يتوقع الأزمة، ويتفاداها أو "يفنيها" قبل حصولها، لذلك يحافظ على مرونته وقدرته على التأقلم. مهما تغير "اللاعبون"، النظام قادر على التأقلم وإدخالهم في اللعبة، وإن كانت نواياهم حسنة أو بريئة.

لا نكتشف في نهاية هذا الجزء معنى لقطة البداية (حادث السيارة)، ولا نعرف بدقة متى حدث، خصوصاً أننا لا نعرف أي شيء عن الجزء الثاني؛ إذ لم يُبث الفيديو الترويجي، وما من تصريحات أخرى حول ما يمكن أن نراه، فالحلقة الأخيرة تركتنا معلقين، مقطوعي الأنفاس، من دون أن نعلم من "سيُقتل" وكيف ستتغير اللعبة في المستقبل.

المساهمون