"أفلامنا" تستعيد عاماً مضى: اختيارات دقيقة لنتاجات عربيّة مستقلّة

"أفلامنا" تستعيد عاماً مضى: اختيارات دقيقة لنتاجات عربيّة مستقلّة

26 يناير 2022
يُسري نصرالله: استعادة سينمائيّة لصيف 1961 (جينا غْرانيتو/Getty)
+ الخط -

 

تحت عنوان "أفلامنا 21: نظرة على عامٍ مضى"، كتبت رينيه عويط، مديرة برنامج "أفلامنا"، مقالة استعادت فيها برامج العام الماضي، منشورة على موقع المنصّة كمقدّمة لأول فيلمٍ يُعاد عرضه على شاشتها، "سرقات صيفية" للمخرج المصري يُسري نصرالله (aflamuna.online):

 

تكريم السينما العربية، المساهمة في إتاحة أفضل إنتاجات السينما العربية المستقلّة أمام جمهور واسع ومتنوّع على امتداد العالم، الترويج لصنّاع الأفلام العرب ودعمهم، توظيف القوة الكامنة التي تحملها السينما في معالجة القضايا الملحّة، رفد مستخدمي شبكة الانترنت بمنصّة توفّر لهم ترفيهاً ضرورياً، فيما تخلق في الآن عينه مساحة تأمّل نقدي اجتماعي سياسي بالسينما العربية المستقلّة، هذا ما سعت وتسعى إليه منصّة "أفلامنا" منذ إطلاقها عام 2020.

منذ عودتها بحلّة جديدة في آذار/مارس 2021، تواظب المنصّة على تقديم برامج شهرية متجدّدة، تتيح ـ مجّاناً وأسبوعياً ـ مُشاهدة أفلامٍ، كلاسيكية ومعاصرة، بعضها حاز على شعبيّة متميّزة، وأثّر في الثقافة العربية؛ وبعضها الآخر لم يحظَ بعرض سابق. منصّة للأصوات العربية، ومساحةٌ لنشر مقالات مميّزة، تبعث على التأمّل والتفكير.

على نقيض مقارباتٍ، توفّر أعداداً هائلة من الأفلام المختلفة، تعتمد منصّة "أفلامنا" على برمجة دوريّة لأفلامٍ منتقاة بعناية، على غرار برمجة عروض صالات السينما، لكنْ مع الحرص على التنويع والغنى في الخيارات. المهمّ اعتماد البرمجة على مُقاربةٍ تنتقي الأفلام بعناية، في خطّ تحريريّ دقيق، ينهل من مواضيع متنوّعة. بذلك، تُشجّع المنصّة التفاعل والتأمّل، وتُتيح للمُشاهد فرصة اكتشاف، أو إعادة اكتشاف إبداعاتٍ مميّزة، من أفلامٍ روائية ووثائقية، قصيرة وطويلة، لمخرجين معروفين، مع حرصٍ دائم على تسليط الضّوء على إنتاج جيل جديد من المبدعين العرب.

هكذا، جاء عام 2021 غنياً ببرمجات متنوّعة على "أفلامنا"، رافقتها غالباً أنشطة مختلفة (نقاشات، حلقات حوار، مقابلات مع مُخرجين). تمحورت الأفلام حول مواضيع مختلفة، سياسية واجتماعية وبيئية وغيرها، اختارها مبرمجون عرب وأجانب، وأرفقوها بمقالاتٍ تناولت تأثير كلّ برمجة، واستكشفت تفاعلها مع العالم.

المخرج والمؤرّخ السينمائي اللبناني هادي زكّاك تناول القضية الفلسطينية، في "هل كلّنا فدائيّون؟"، فكتب أنّه يُمكن أنْ "تكون السينما عملية فدائية، في ظلّ كلّ التحدّيات التي نعيش فيها، لكنّها ضرورة كفعل مقاومة". أمّا برمجة "مدار بيروت دي سي"، فتضمّنت أفلامَ نوعٍ، ذات بُعدٍ اجتماعي. أفلام حرب، ودراسات تاريخية، وقصص لجوء، وصُور صارخة للمُهمّشين في لبنان وتونس والسودان وفلسطين وسورية، عكست التنوّع الجمالي الذي تكتنزه السينما العربية المعاصرة، وسط تقلّبات سياسية، طبعت الأعوام الـ20 الماضية. برمجة "متمرّدات"، التي قدّمتها "سينماتيك بيروت"، أعطت للنساء المتمرّدات مكانتهنّ المميّزة والمستحَقّة. فيها، أشادت "جمعية متروبوليس للسينما" بالدور المتمرّد الحرّ، الذي لعبته النساء في صوغ مختلف مراحل تاريخ السينما في لبنان.

 

 

في هدى مفهوم "النظرة الأنثويّة (Female Gaze)"، أو تلك النظرة التي تتحدّى طغيان النظام الأبويّ على السينما النسويّة والكويريّة، جهدت منصّة "أفلامنا" في إلقاء نظرة مختلفة على "رواية القصّة الشخصية"، من خلال تجارب نسويّة وكويريّة.

من هذا المنطلق، قدّمت لويز مالهيرب برمجة "أين سيذهب جسدي إنْ لم يرتقِ للأعلى؟"، في إطار "مهرجان سينما الفؤاد". وفي برمجة "صيف حارّ"، قدّمت المخرجة إليان الراهب أفلاماً بعنوان "الصيف"، تناولت قصص الصداقة والعائلة والحبّ والجنس والتأمّل في الماضي، في زمنٍ سياسيّ حارّ، مطبوع بصُوَر الحرب. وفي دورته الـ3، قدّم مهرجان "ريف، أيام سينمائية وبيئية" أفلاماً تضع الدور الرّاهن للأساطير والمعتقدات تحت المجهر، وتقارب الموضوع من زوايا عدّة.

إلى ذلك، ارتكزت برمجة "بيروت دي سي"، بعنوان "عن مساحة الكارثة والتعبير"، على تفاعل الإبداع العربيّ مع الكارثة، في فهمه لها وتعامله معها، وفي تأثير هذه الكارثة عميقاً في الروح. أمّا برمجة "ما (لا) نحبّ أنْ نراه هو دوماً في داخلنا"، قدّم "المورد الثقافيّ" أفلاماً دعمها في الأعوام الـ10 الماضية، حاولت الخروج عن النمط التصويريّ السائد في تناول مختلف المواضيع، وتأمّلت في صُورٍ، يتجنّب المرء مُشاهدتها، عادةً.

في "نهضة أفلام الفانتازيا العربيّة"، سلّط أنطوان واكد، المدير الفنيّ لـ"مهرجان مسكون"، الضوء على مخرجين عربٍ جدد، تجرّأوا على كسر القالب الروائيّ السائد، وانفتحوا على التنوّع الهائل في المقاربات السرديّة، التي يُمكن للسينما أنْ تعتمدها.

أخيراً، عرضت المنصّة قصصاً شخصيّة وحميمية، حوّلت الحياة الخاصّة والعائلية إلى مواضيع سينمائية بامتياز، في برمجةٍ اختارت أفلامها المخرجة زينة صفير، بعنوان "تصوير الخصوصيّة".

قبل تدشين عام 2022 بدورة جديدة من برمجة العروض، وتلبيةً لرغبة المشتركين بخدماتها، تُخصِّص منصّة "أفلامنا" برمجة تُضيء بعض ما قدّمته في العام الماضي، بإعادة عرض أفلامٍ ميّزت عروض ذاك العام المنصرم. وأول تلك الأفلام، "سرقات صيفية" (1988) للمصري يُسري نصرالله: صيف 1961 يُعتبر صيف الاكتشافات بالنسبة إلى المُراهق ياسر، باستعراض أحوال أسرته الإقطاعيّة، المتأثّرة كثيراً بقرارات يوليو/تموز الاشتراكية، التي أدّت إلى تأميم جزء كبير من أملاكها. في الوقت نفسه، تنشأ صداقة عميقة بين ياسر، والطفل ليل، الفلاّح الفقير.

المساهمون