"بلوك غشمرة"... دوائر التقليد

"بلوك غشمرة"... دوائر التقليد

11 يونيو 2018
يقلّد أبطال المسلسل شخصيات عربية وغربية شهيرة (فيسبوك)
+ الخط -
أثار مسلسل "بلوك غشمرة" الكويتي، الذي يعرض على قناة الكويت، من بطولة الفنانين حسن البلام وعبد الناصر درويش وأحمد العونان، ضجة كبيرة خلال شهر رمضان في أرجاء العالم العربي، لما وُجّه له من اتهامات بالإساءة إلى عرقية وإنسانية ووطنية أو بلد معين، أدت إلى اعتزال منتجه وبطله حسن البلام عن تمثيل أدوار التقليد، ثم تراجعه عن هذا الاعتزال.
ويقوم مسلسل بلوك غشمرة على مجموعة مشاهد تمثيلية في كل حلقة، يقلّد أبطال المسلسل فيها شخصيات عربية وغربية شهيرة، وكذلك يقلدون برامج تلفزيونية ومسلسلات أخرى، أو يسخرون من اللهجات العربية والخليجية.

بدأت الضجة حول المسلسل عقب قيام حسن البلام بتقليد مشهد لحفلة غنائية يمنية يتعاطى فيها الحضور نبتة القات المخدرة بطريقة هزلية، ومن ثم قيامه في حلقة أخرى بصبغ وجهه باللون الأسود وتقليده للهجة السودانية في مشهد تمثيلي يصف السودانيين بالكسل، وهو ما رآه السودانيون إساءة لهم وطالبوا الكويت بالاعتذار عنها، كما قام بالسخرية من لهجة سكان إقليم الإحساء في السعودية والكويت والذين يعرفون بالحساوية.

أدت موجة الانتقادات الواسعة للبلام إلى إعلانه الاعتزال عن تمثيل أي دور فيه تقليد لشخصية أو جنسية ما، حيث قال في حسابه على موقع إنستغرام: "بداخلي لا أحمل أي توجه لا طائفي أو عرقي أو قبلي وكوني أحترم جمهوري، نساؤهم قبل رجالهم، صغارهم قبل كبارهم، أنا أعتذر عن كل ما قدمته وتسبب في إساءة لأحد، ومن هذه اللحظة أنا أعتزل التقليد نهائيا والسموحة والاعتذار للجميع، وسأوضح كل هذا في المقابلة المقبلة إن شاء الله الأسبوع القادم". لكن البلام عاد بعد أيام في مقابلة له على مجموعة قنوات MBC وقال إنه سيتراجع عن الاعتزال، لكنه سيكون أكثر حذراً في اختياراته القادمة، وأن تقليده لأي جنسية كان بسبب حبه لأهلها وأنه لا ينوي الإساءة لأحد أبداً.

في سياق متصل قامت وزارة الإعلام الكويتية بإلغاء بث عدد من المشاهد من المسلسل قبل عرضها، والتي قالت إنها قد تتسبب بمشاكل سياسية جديدة مع بلدان أخرى، وتعرضت الوزارة لانتقادات واسعة في الكويت بسبب تمويلها لهذا المسلسل وجعل البلام منتجاً منفذاً له.
بدأت ظاهرة مسلسلات التقليد في الكويت بالظهور قبل 25 عاماً، لكن أشهر دور تقليدي كان للفنان الراحل عبدالحسين عبدالرضا في مسرحية "سيف العرب" التي أنتجت عام 1992 والتي صورت الغزو العراقي للكويت، حيث قلد الرئيس العراقي صدام حسين مستهزئاً به، ليقوم الفنان داود حسين بالقيام بثلاثة مسلسلات تقليدية في منتصف تسعينيات القرن الماضي وهي على التوالي، غنائيات، داوديات، إرهابيات، قلّد فيها شخصيات عربية رئاسية وقفت ضد الكويت في الغزو العراقي، كما سخر من اللهجات واللغات العربية، ومن ثم عاد في عام 2003 رفقة البلام نفسه ليقدم ثلاثية أخرى للتقليد اسمها قرقيعان.

يصف النقاد الفنيون هذه الظاهرة بالمفلسة، إذ يقول الصحافي الفني أحمد راتب لـ "العربي الجديد": "استمرار هذه المسلسلات وإعادة تقليدها لكل الجنسيات بشكل ساخر وبذيء في بعض الأحيان دلالة على الإفلاس الفني للفنان والمخرج والمنتج. البلام ممثل موهوب ومنتج ذكي، لكنه يصر على تكرار نفسه في هذه الأدوار المسيئة".
سيتوقف تلفزيون الكويت، بحسب تصريحات وكيله، عن تمويل أي برامج تسيء وتقلد أي شعب خليجي أو عربي في المستقبل، وسيشدد رقابته على المنتجين المنفذين قبل تقديم أعمالهم للتلفزيون.

المساهمون