أفلام "مارفل"... هل هي سينما؟

أفلام "مارفل"... هل هي سينما؟

27 أكتوبر 2019
قال المخرج مارتن سكورسيزي: "أفلام مارفل ليست سينما"(Getty)
+ الخط -
حققت أفلام "مارفل" أعلى المدخولات في شباك التذاكر، بل وكسر آخرها avengers: end game عدداً من الأرقام القياسيّة على مستوى العائدات العالميّة. كما تحولت شخصيات "مارفل" إلى ظاهرة عالميّة أسرت الكبار والصغار، وحولت صناعة "الكتب المصورة" إلى قطاع عالميّ، فاتحة الباب أمام أفلام الأبطال الخارقين بأنواعهم، بوصفها تخاطب الجمهور بأكمله، لا شريحة المعجبين بالقصص المصورة.

هذا النجاح التجاري الذي لا يمكن إنكاره، واجهه البعض بانتقادات ترتبط بالحبكة والمؤثرات الخاصة وتاريخ الشخصيات. لكن لم ينف أحد "فنيّة" هذه الأفلام، إلى أن قرر، المخرج مارتن سكورسيزي، أن يقول ببساطة إن "أفلام مارفل ليست سينما". وليتابع بعده، المخرج فرانسيس فورد كوبولا، بقوله: "كان مارتن لطيفاً حين قال إنها ليست سينما، فهو لم يقل إنها مقيتة، وهذا رأيي".
الرد السطحي والسريع لهذين المعلمين، هو القول إنهما "عجوزان" ينتميان لزمن ماض، لم تكن فيه السينما متطورة كصناعة كما هي الآن. بل ويمكن المجازفة بالقول إنها الغيرة، فعائدات أفلام "مارفل" تفوق عائدات ما قدمه الاثنان من أفلام خلال الأعوام الماضية. لكن المفاجئ فعلاً، هو لفظ "ليست سينما". إذا، ما هي؟ ألا يذهب الجمهور للصالات ويدفع النقود ويشاهد ويتأثر ويتفاعل ويقلد الشخصيات خارجاً؟

لننس منطق التلقي والمكان، فسكورسيزي عرض فيلمه "الأيرلندي" على "نيتفليكس"، أي أن طقس المشاهدة في السينما ليس ما يبطل "سينمائيّة" أفلام "مارفل"، لأن الأمر بالمضمون. لكن ألا تتشابه حكايات "مارفل" مع أفلام كـ"حرب النجوم" و"التيرميناتور"، وغيرها من التي تستلهم من الثقافة الشعبيّة لتقدم مخلوقات غريبة تُهدّد كوكب الأرض؟

يرى البعض أن هذه التصريحات أعمق مما هي عليه، أي لا تتناول السينما بوصفها طقس مشاهدة و"صورا متحركة على الشاشة"، بل مرآة للعصر، ووسيلة لطرح تساؤلات على الواقع أو القضايا التي يتناولها، ولو كانت "العوالم" السينمائيّة متخيلة. الأخذ بهذا الرأي، يجعل الشهرة التي نالتها بعض أفلام "مارفل" ترتبط بالصواب السياسيّ وتمثيل الأقليات، كـ"بلاك بانثر" بوصفه بطلاً خارقا أسود، ووريث "بلايد" قاتل مصاصي الدماء، والذي يعتبر البطل الأسود الأول ضمن إنتاجات "مارفل" السينمائيّة. لكن القول إن الأفلام نجحت لأنها تراعي "المزاج السياسي العام" لا ينفي النقدية والتساؤلات التي تطرحها، كموضوعات المهاجرين واللاجئين في "كابتن مارفل"، والعلوم البديلة في "دكتور سترينج".

نحاول دوما عبر الدوران حول تصريحات سكورسيزي وكوبولا، لتجنب الإهانة أو الاستخفاف برأيهما، والذي يمكن أن يوصف بالسذاجة أو "قلة الدراية". بل ولا بد من متابعة تصريح كوبولا السابق الذي أطلقه في مهرجان لوميير في فرنسا، لمّا قال: "مارتن محق، لأننا نفترض أن هناك ما نتعلمه من السينما، كأن نكتسب شيئاً، بعض التنوير، بعض المعرفة والإلهام". وحقيقة لا يختلف الأمر حين قراءة التصريح بأكمله، لكن الأمر مغاير مع سكورسيزي الذي يكمل تصريحه بقوله: "هي ليست سينما، لأن الصالة تتحول إلى مدينة ملاه، هي تجربة مختلفة وعلينا ألا نسمح لها باجتياحنا". وكأن سكورسيزي يركز على مفهوم التسلية بوصفه مناقضاً للسينما ذات "الهالة" و"القدسيّة"، ويرى أن البشر ومشاعرهم "الحقيقية" هي جوهر السينما.
مفهوم مدينة الملاهي الذي يتحدث عنه سكورسيزي، أو تشابه الأفلام على حد تعبير كوبولا، يبدو صدى لتاريخ من الجدل بين كل شكل "جديد" وغريمه "القديم"، خصوصاً بعد أن أصبحت أفلام "مارفل" راسخة بمواجهة "القديم". لكن المشكلة أن تقسيم "جديد" و"قديم" ليس بمنطقي، فالسينما التي يتحدث عنها كوبولا وسكورسيزي ما زالت مستمرة في إنتاجها الذي لم يتوقف، بل هي السينما الوحيدة التي يتم الاعتراف بها في عالم الجوائز.

دلالات

المساهمون