محاولات لبنانية أمام سطوة الأعمال المشتركة

محاولات لبنانية أمام سطوة الأعمال المشتركة

05 مايو 2019
من مسلسل "أسود" (LBCI)
+ الخط -
عند النظر إلى المشهد الدرامي في لبنان، تبدو واضحةً سيطرة شركتي إنتاج فقط على السوق. نحن هنا نتكلمّ عن "سيدرز آرت بروداكشن ــ الصبّاح"، و"إيغل فيلمز ــ جمال سنان". إذ تحكم الشركتان قبضتهما على الساحة الدرامية، تحديداً في رمضان، بينما يواجه المنتجون الصغار (لناحية الميزانية والعلاقات الفنية) حروباً تصعب مواجهتها، أمام دفق الإنتاجات التي تغرق بها هاتان الشركتان القنوات المحلية والعربية.
وهذا العام تحتكر أيضاً هاتان الشركتان المنافسة الدرامية اللبنانية، من خلال عرض أعمال درامية مشتركة (لبنانية ــ سورية) والتي باتت تشكّل الجزء الأبرز من هوية المسلسلات اللبنانية في رمضان. إذ يختار نجوم الصف الأول في لبنان المشاركة فيها بدل الظهور في إنتاجات محلية فقط.

وهذا العام تتنافس 5 نجمات لبنانيات في الدراما المشتركة: تظهر سيرين عبد النور إلى جانب تيم حسن في الجزء الثالث من "الهيبة ـ الحصاد" (كتابة باسم السلكا، وإخراج سامر البرقاوي)، تنافسها بشكل مباشر نادين نسيب نجيم، التي تتشارك بطولة "خمسة ونص" مع الممثلين السوريين قصي خولي ومعتصم النهار (كتابة إيمان سعيد وإخراج فيليب أسمر). أما المسلسل الثالث فتتقاسم بطولته ندى بو فرحات ودانييلا رحمة، اللتان تقفان أمام الممثل السوري باسل الخطيب في "الكاتب" (تأليف ريم حنا وإخراج رامي حنا). بينما تتشارك ستيفاني صليبا بطولة "دقيقة صمت" مع الممثل السوري عابد فهد، مع المخرج التونسي شوقي الماجري والسيناريست سامر رضوان.


إنتاج مشترك رابع هو "صانع الأحلام"، لكن نجوميته شبه الكاملة تعود إلى الممثل السوري مكسيم خليل، رغم مشاركته العمل مع عدد من الممثلين اللبنانيين مثل جيسي عبدو وطوني عيسى وغيرهما (تأليف بشار عباس وإخراج محمد عبد العزيز).


أما الأعمال اللبنانية التي تخرج من إطار الدراما المشتركة فتشمل: "جمهورية نون" الذي يجمع ريتا حرب، ويوسف حداد، ومي سحاب، وأرزة شدياق، الذي تدور أحداثه حول سيناريو مكرور عن أم تربي خمسة أولاد بعد فقدان زوجها وتلتقي برجل من عائلة ميسورة يحاول التودد لها. العمل من كتابة كريستين بطرس، وإخراج جيسيكا طحطوح. كذلك سيتابع اللبنانيون مسلسل "غربة" الذي يجمع كارلوس عازار، وفرح بيطار، ووسام حنا، وهو من كتابة ماغي بقاعي وإخراج ليليان بستاني. وتدور أحداثه في خمسينيات القرن الماضي، وتتداخل أحداثه بين التطورات "الوطنية" وتشابك مصائر الأبطال الاجتماعية.


نتابع أيضاً هذا العام مسلسل "دولار"، من بطولة عادل كرم والجزائرية أمل بشوشة، وقد بيع حصراً للعرض على شبكة "نتفليكس"، إضافة إلى بعض الإنتاجات التي تعرض على الشاشات المحلية، ومنها "موجة غضب"، (إخراج منير معاصري وبطولة فيصل أسطواني، وتوما موسى...)، و"رصيف الغرباء" (إخراج إيلي معلوف وكتابة طوني شمعون وبطولة فادي إبراهيم وعمار شلق...)، و"أسود" (إخراج سمير حبشي وكتابة كلوديا مرشليان وبطولة باسم مغنية وورد الخال وداليدا خليل...). كذلك تعود كارين رزق الله بموعدها السنوي في رمضان مع مسلسل "إنت مين" (من كتابتها وإخراج إيلي حبيب)، لكن هذه المرة ليس إلى جانب بديع أبو شقرا، بل تتقاسم البطولة مع عمار شلق. بينما تطل ماغي بوغصن ككل رمضان إلى جانب نجم عربي. وقد اختارت هذه السنة الممثل المصري أحمد فهمي ليقاسمها بطولة "بروفا" (كتابة يم مشهدي وإخراج رشا شربتجي).
وفي نظرة سريعة إلى المنافسة الحقيقية بين القنوات اللبنانية، يبرز واضحاً أن أغلب التعويل هو على الإنتاجات اللبنانية ـ السورية المشتركة. وهو ما لا يبدو مستغرباً، إذ إن هذه الأعمال تنقذ الموسم من الرتابة والمشاكل التي تعاني منها الدراما اللبنانية، وأبرزها غياب كتاب السيناريو. إذ تغلب المحسوبيات والعلاقات الشخصية بين الكاتب وشركة الإنتاج على النصوص الحقيقية لجهة النوعية، فنجد دوائر مؤلفة من بعض الأسماء المرتبطة ببعضها بشكل وثيق.
لكن هل الهجوم على الدراما اللبنانية مبرّر في هذا التوقيت تحديداً؟ في الأشهر الأخيرة، تفاءل اللبنانيون بعدد من المسلسلات التي حازت على رضى المتابعين وبعض النقاد. نذكر مثلاً "ثورة الفلاحين" الذي نال قسطاً جيداً من المتابعة، لولا بعض الضعف في الأحداث والمواقف. ويصح القول إن التقدّم في "ثورة الفلاحين" ظهر واضحاً من خلال التقنيات الخاصة التي استخدمها المخرج فيليب أسمر، لجهة الكادرات، وأماكن التصوير.
لكن هذا التقدّم لم يكن كافياً للخروج بإنتاجات رمضانية تنافس على الساحة العربية، بل بالكاد قادرة على المنافسة محلياً. انطلاقاً من هذا الواقع تبدو الاستعانة ببعض الخبرات السورية مناسبة وجيدة لجهة تكامل أو توافر عناصر مهمة تشد من الرؤية أو الأداء للمسلسل عموماً. ولا شكّ في أن اختيار بعض الممثلين السوريين إلى جانب "جميلات" الدراما اللبنانية، يرفع نسب المشاهدة. وهذا التكامل السوري ـ اللبناني يسفر عن الوصول إلى مستويات أخرى من الدراما.

دلالات

المساهمون