الإصدارات الغنائية في الحجر الصحي

الإصدارات الغنائية في الحجر الصحي

30 مايو 2020
استطاعت إليسا الوصول إلى جمهورها (فرانس برس)
+ الخط -

لعلّ الأزمات التي يمر بها المجتمع، تجعل الفنون تتراجع مرتبة أو مرتبتين على قائمة اهتمامات الشعوب، لأنها ما زالت حتى الآن من الكماليات في عالمنا العربي وذوقه الفني الذي يكاد يُصاب بالصمم بعد البكم. والفن الحقيقي هو الذي يحمل شوقاً وتوقاً يمنعانه من أن يكتفي بالشكل المادي الذي تجسّد فيه.

وبمراجعةٍ لتاريخ الفن العربي، نجد الأزمات والحروب والكوارث تفرض إيقافاً مؤقتاً على الفن، كالحروب العالمية والأزمات الاقتصادية، وآخرها ثورات الربيع العربي في العقد الماضي التي شلّت لفترة معينة حركة الفن فاسحةً المجال للشعوب للمطالبة بحقوقها. ونعيش اليوم أزمة عالمية جديدة، وهي جائحة كورونا التي لم توقف الفن العربي وحسب، بل جعلته في العالم منتظراً ساعة الصفر.

مع كل أغنية تصدرها النجمة اللبنانية إليسا، تستطيعُ أن تجد طريقة معيّنة للنفاذ إلى أذن المستمع العربي الذي يقضي وقته اليوم في حجرٍ صحي. ومع أغنية "قهوة الماضي" (كلمات سهام شعشاع، وألحان محمد رحيم)، استطاعت إليسا إيصالها إلى كل جمهورها بوقت قياسي. لن نطيل الحديث عن الفواصل الموسيقية أو كسر قفلة الأغنية وغيرها، لكن إليسا التي عبّرت عن كل ثوري في لبنان بأغنية "عم ثور"، ومع الكادر ذاته استطاعت اليوم إخراج الأغنية العربية من الحجر الصحي، بعدما تعايشت معها من خلال أغنية "هنغني كمان وكمان"، بمشاركة النجمة هيفا وهبي. وفي الكليب تحايلت على الأغنية وأخرجتها من الوكر.

استطاع عدد من الفنانين أن ينقذوا أعمالهم قبل وصول كورونا، كعمرو دياب من خلال ألبومه الجديد، وزياد برجي في أغنية "أنا وياك"، وأدهم نابلسي في أغنية "بتعرف شعور"، وغيرهم. ولكن إذا ما دخلت إلى "يوتيوب" وبحثت عن الأغاني، ستجد العديد من الإصدارات التي لم تعلم بها خلال الحظر، لحسين الديك وسيف نبيل وماجد المهندس ووائل جسار وعبير نعمة وراشد الماجد وغيرهم. فلم تنل نسب المشاهدة ذاتها كباقي أغنياتهم، ولا الجمهور ردد أو شارك هذه الأغاني على صفحاته. ولا نقارن نجاحهم بزملائهم، بل بنجاحاتهم السابقة، فأين نجاح "وينك" لعبير نعمة؟ وهل تقارن بـ"هيدي الدني" وليدة الحجر الصحي؟ وقِس على ذلك.
البعض الآخر اعتقد أن نجاح شارات المسلسلات في الموسم الرمضاني الحالي سيغني عن العمل الخاص وسيحقق نجاحاً شبه مكفول، ولكن النتائج لم تكن مرضية. وعلى سبيل المثال لا الحصر، نوال الزغبي بأغنية "اتحاربت"، وهي شارة مسلسل "سلطانة المعزّ"، فهل تفوقت بنجاحها على "الناس العزاز" التي كسّرت الدنيا بساعات قليلة؟ وهل نجاح شارة مسلسل "سكر زيادة" لنانسي عجرم يصل لمستوى شارتي "جوليا" و"ابن الأرندلي"؟ ورغم نجاح أغنية نانسي "قلبي يا قلبي"، ولكنها لم تصل حتى لنجاح شقيقاتها السابقات، وذلك ربما لظروف نانسي وربما للوضع العام، وكذلك بالنسبة لسميرة سعيد وأنغام وكُثر.
هناك من "لعبها صح" وأدرك أن الإصدارات الغنائية مشروع محفوف بالمخاطر، واستعاض عنها في ظل الحجر بـ"لايف غنائي" على مواقع التواصل الاجتماعي، مثل يارا عبر تطبيق "تيك توك"، وعاصي الحلاني ورامي عياش عبر "إنستغرام"، أو "لايف" احترافي من الاستديو كعلي الحجار وحمزة نمرة. وتطور الأمر عند البعض ليصل إلى حفل مع فرقة موسيقية وإضاءة وديكور كامل، ولكن مع غياب عامل بسيط، هو الجمهور الذي تابع الحفل من المنزل، كحفل نانسي عجرم أو حفل إلهام مدفعي في الأردن.
أمّا القسم الأخير من الفنانين، ففضل البقاء خارج الصورة حالياً والتحول من نجم إلى مواطن محجور. واليوم مع بداية موسم الصيف وجائحة كورونا لم تغلق حقائبها للسفر بعد، فهل سيخسر الفنانون العرب موسم الأغاني والحفلات أم سيجدون، كما يقال بالشامي "دوبارة"، أي حيلة لبقائهم تحت الضوء؟

المساهمون