كوميديا الأردن... غير كوميدية

كوميديا الأردن... غير كوميدية

21 مايو 2020
"وطن ع وتر" من أبرز الأعمال المعروضة (فيسبوك)
+ الخط -
خيبة أمل، ليست جديدة، تلقاها الأردنيون خلال الموسم الرمضاني الحالي، بعد تقديم برامج ومسلسلات صُنفت على أساس أنها كوميدية، لكنها كانت بعيدة عن الضحك والابتسامات، بحسب ما عبر عنه كتاب ومراقبون للعمل الدرامي الأردني.

أبرز المسلسلات والبرامج الرمضانية الكوميدية التي تعرض خلال رمضان 2020، مسلسل "جلطة"، من بطولة زهير النوباني وأمل الدباس، وبرنامج "وطن على وتر" الذي يقدمه الفنان الفلسطيني عماد فراجين. الكاتب والإعلامي الأردني الساخر أحمد حسن الزعبي برر غياب الضحك عن الكوميديا الأردنية بشكل خاص، والعربية بشكل عام إلى مجموعة أسباب أبرزها السقف بعرض الكوميديا ومستوى الإنفاق المالي على هذه الأعمال وكذلك النص الكوميدي.
وقال الزعبي لـ"العربي الجديد" إن أهم أسباب جعل الكوميديا غير مضحكة في الوطن العربي، وخاصة في موسمها المعروف في شهر رمضان، هو غياب الرسالة من الكوميديا، حيث أدى فقدان الرسالة إلى تهاوي البرامج والمسلسلات الكوميدية وجعلها أقرب إلى التهريج. وأوضح الزعبي أن الممثل الكوميدي يعتقد أن الهدف هو الإضحاك، بغض النظر عن سمو الفكرة.

وأضاف يقول: "هنا يجب أن نقارن الأعمال الخالدة لدريد لحام التي كان يكتبها محمد الماغوط، وياسر العظمة، بالأعمال الحالية، حيث كانت الكوميديا آنذاك مضحكة وتحمل رسالة خالدة لا تنتهي بانتهاء الحدث".
كما يعزو الزعبي سبب وقف الكوميديا الأردنية عن الإضحاك إلى اختفاء كتاب الكوميديا عن المشهد الدرامي، مشيراً إلى أن الممثل الكوميدي أصبح هو من يكتب نصه بيده، ويلتف حوله مجموعه من الممثلين الأصغر منه ويقنعونه أن النص مضحك، والواقع غير ذلك تماما". وأشار الزعبي إلى الاختصاص بالكتابة الساخرة الكوميدية التي يخرج عنها منتج كوميدي مهم أصبح مفقودا، مطالباً الباحثين عن تمثيل كوميدي حقيقي بإيجاد الكاتب أولاً.

أضاف الزعبي أن استسهال قصة الكوميديا، وضعف صرف الإنتاج من قبل الشركات، أضعفا الفكرة والمحتوى، حيث إن ضعف الإمكانات المادية للكوميدي وتخلي شركات الإنتاج عنه يجعله دون مخرج متمكن ودون نص قوي. ولفت الزعبي إلى أن مشاكل الكوميديا في الوطن العربي تتقاطع، حيث هناك بعض الدول يوجد فيها سقف إنفاق مرتفع كدول الخليج، إلا أن غياب الكتاب المختصين بالكوميديا جعل الكوميديا الخاصة فيها تتهاوى.
وعن السبب الأخير الذي أدى إلى إضعاف الكوميديا، أكد الزعبي أن السقف السياسي في الأردن تسبب بإضعاف الأعمال الكوميدية، إذ أصبح الممثل يخاف أن يتحدث عن السياسة، وبات يتجه إلى الكوميديا الاجتماعية السهلة. الكاتب الساخر عبد المجيد المجالي بدوره يقول إن احتكار الإنتاج الكوميدي من قبل جهات معينة أضعف ظهور المواهب الشبابية إلى العلن، وأخجل موقفها لدعمها آخرين على حساب الموهبة. وقال المجالي لـ"العربي الجديد" إن "الضحك على الناس في بعض الإنتاجات والمحطات أدى إلى إنتاج كوميديا تضحك منهم ولا تضحكهم، فغياب أهل الاختصاص من كُتاب وممثلين عن المشهد ساهم في تسطيح الأفكار المُستهلكة أصلاً، والتي يعاد إنتاجها مع إضافة بعض البهارات المتمثلة بالشتائم والصراخ والمشاهد التي تخدش الحياء، باعتبار أغلب الموجودين حالياً مؤدين ونشطاء مواقع التواصل اجتماعي وكتاب نصوص تصلح لنشرها على مواقع التواصل ولا تصلح لتحويلها إلى مسلسلات وسكيتشات كوميدية".
وتابع المجالي أن "مشكلة الأعمال الكوميدية في الأردن أنها تبنى على إضحاك الناس عنوة لا أكثر ولا أقل، لذلك تغيب الفكرة وتغيب العبرة، والمشكلة الأخرى أنها متكلفة في معظمها، ومتى غابت العفوية غاب الضحك". وأشار المجالي إلى أن المقارنة بين هذه الأعمال وأعمال الفنان موسى حجازين أو ياسر العظمة في سورية ستوضح أن أعمال الأخيرين كانت تجمع عليك مشاعر متناقضة ما بين الضحك والحزن وهذا مقصد الكتابة الساخرة باعتبارها رئة الكوميديا". وختم المجالي يقول: "السخرية التي لا تتركك حائراً بين الدمعة والبسمة، لا يمكن أن تسمى سخرية، ولن تنتج كوميديا حقيقية وإن حرِصَت".

المساهمون