"غولدن غلوب" و"بافتا"... مؤشّر إلى "أوسكار"؟

"غولدن غلوب" و"بافتا"... مؤشّر إلى "أوسكار"؟

09 فبراير 2020
واكين فينيكس هل يفوز بالأوسكار؟ (تيو وارغو/ Getty)
+ الخط -
يرى البعض أنّ جوائز "غولدن غلوب" الأميركية و"بافتا" البريطانية" تؤشّر إلى نتائج "أوسكار" الهوليوودية. الأولى (غولدن غلوب) يمنحها صحافيون سينمائيون أجانب، منضمّون إلى "رابطة الصحافة الأجنبية في هوليوود" (حوالي 90 عضواً). الثانية والثالثة منبثقتان من أمزجة أعضاء في أكاديميتين سينمائيتين، تضمّان عدداً كبيراً من العاملين في صناعة الفنّ السابع: "الأكاديمية البريطانية لفنون السينما والتلفزيون" (بافتا، حوالي 8000 عضو) و"أكاديمية فنون الصورة المتحركة وعلومها" (أوسكار، 8000 عضو عام 2017). التشابه بين الرابطة والأكاديميتين كامنٌ في اختيار ما يعتبره أعضاؤها أفضل إنتاجات العام الفائت على مواعيد منح الجوائز، وفي منح جائزة لأفضل فيلم أجنبي، أو بالأحرى لأفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية (بالإضافة إلى فئات كثيرة أخرى). الاختلاف كامنٌ في الأمزجة والسياسات العامّة وآليات اختيار الأفلام المُرشّحة، وقبلها اختيار الأعضاء. رغم هذا، يبدو الاختلافُ تشابهاً أيضاً، فالأمزجة والسياسات والآليات تتحكّم بالجوائز كلّها.

الصحافيون السينمائيون، وبعضهم نقّاد، متحرّرون (إلى حدّ ما) من وطأة "ثقافة الأكاديمية ومنطقها" في التعامل مع النتاج السينمائيّ، وإنْ تكن خياراتهم، غالباً، متوافقة وحركة السوق التجارية ونسبة المُشاهدة، مع غلبة متواضعة للفني والدرامي والجمالي. جوائز الأكاديمية البريطانية مرتبطة بالنتاج السينمائي المصنوع في المملكة المتحدّة، مع جوائز غير بريطانية، وإنْ تكن قليلة. لكن تداخلاً كبيراً يحصل منذ سنين عديدة بين الإنتاجين البريطاني والأميركي، يُتيح لأفلامٍ كثيرة أنْ "تمرّ" في "بافتا" قبل "أوسكار" وبعد "غولدن غلوب"، إمّا للحصول على جوائز، وإمّا للاكتفاء بترشيح رسمي.

المسألة عادية. الرابط بين هذه الجوائز الثلاث غير معنيّ بالنواة الجوهرية للنصّ السينمائي، بقدر الاهتمام بالترويج وحساب الأرقام، غالباً. هذا لن يحول دون تنبّهٍ إلى المضمون، وما يحمله من اشتغال ومعالجة وإدارة وابتكار وتجديد. إيلاء المضمون اهتماماً في أكاديميات سينمائية جزءٌ من تفكيرٍ مطلوب في مقاربة النتاجات المرشّحة للجوائز، من دون الابتعاد عن حركة السوق التجارية، فالربح المادي ضروريّ لشركات الإنتاج، التي لها علاقات بالتفكير الأكاديميّ.

هوليوود مثلاً تفترق عن فرنسا، العريقة في شؤون الثقافة والفنون والسينما والفكر. فـ"أكاديمية فنون السينما وتقنياتها" في باريس (4680 عضواً في 4 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019) تمنح، سنوياً، جوائز باسم "سيزار"، التي يُحتَفل بنسختها الـ45 في 28 فبراير/ شباط 2020. الافتراق منبثقٌ من كيفية مقاربة السينما، ففرنسا أكثر اهتماماً بالجوانب الفكرية والفنية والجمالية والدرامية، رغم تنامي الإنتاجات المصنوعة وفق منطقٍ هوليوودي: الأكشن والحركة والتشويق. لكن لـ"سيزار" حسابات تجارية أيضاً، من دون التحرّر كلّياً من الجانب الثقافي للسينما.

كلامٌ كهذا غير حاسم. للجوائز مرتكزات متعلّقة بالسوق والمُشاهدين والتوزيع، داخل بلد الإنتاج وخارجه. سينمائيون عديدون غير فائزين بأيّ منها، رغم إنجازاتهم الحاضرة في تاريخ الفن السابع وصناعته، والدافعة إلى إعمال العقل والتفكير، والمؤثّرة في الذات والانفعال. مخرجون وممثلون وتقنيون آخرون يفوزون بتلك الجوائز، لكن نتاجاتهم "أقلّ" أهمية من نتاجات غير فائزة. هذا مرتبط بمناخ عامٍ يُسيطر على العالم غالباً، وبسياسات آنية يرغب مانحو الجوائز في اعتمادها أو التزامها أو الدفاع عنها، علماً أن "أكاديمية" الـ"أوسكار" أكثر ميلاً إلى هذا النمط من التعامل مع النتاجات السينمائية، في محطات وظروف عديدة.
لهذا، لن يكون السؤال عابراً: ما الدافع إلى منح "جوكر" لتود فيليبس 11 ترشيحاً لـ"أوسكار" في فئات مختلفة، رغم ميل معظمها إلى التقنيات؟ هذا رقم يحصل عليه الفيلم في ترشيحات "بافتا" أيضاً، فينال 3 منها فقط، بينما يحصل على 4 ترشيحات "غولدن غلوب"، يحصل على اثنين منها. المشترك في فوزه كامنٌ في فئتي أفضل ممثل (واكِن فينيكس) وأفضل موسيقى (هيلدور غوينادوتّي). أما الثالثة البريطانية، ففي فئة أفضل كاستنغ (شانيا ماركوفيتز).

هذا مؤجّل إلى مساء الأحد، 9 فبراير/ شباط 2020، بتوقيت لوس أنجليس. ففي تلك الليلة، ستُعلن نتائج النسخة الـ92 لـ"أوسكار"، وسيتأكّد كثيرون أنّ "غولدن غلوب" و"بافتا" ستبقيان مؤشّراً إلى الجوائز الهوليوودية.

دلالات

المساهمون