"البريناله 2020": لا "كاتالوغ" لكن المطبوعات متوفرة بأحجام صغيرة

"البريناله 2020": لا "كاتالوغ" لكن المطبوعات متوفرة بأحجام صغيرة

26 فبراير 2020
هِلِن ميرن: تكريم برلينيّ (أولّي ميلّينغتن/Getty)
+ الخط -
لم يُصدر "مهرجان برلين السينمائي الدولي"، بمناسبة دورته الـ70 (20 فبراير/ شباط ـ 1 مارس/ آذار 2020)، الـ"كاتالوغ" المعتاد، ذا الحجم الضخم. لعلّه يرتئي، في ظلّ التغييرات الحاصلة في إدارته بدءاً من هذه الدورة، اعتماد أسلوبٍ مختلف في إصدار المطبوعات. الـ"كاتالوغ" الضخم يتحوّل إلى كتيّبات صغيرة، يحتوي كلّ واحد منها على معلومات خاصة بالأفلام المشاركة في المسابقة والبرامج المختلفة، وبنشاطات أخرى. تقليص الحجم يُسهِّل التعامل مع المطبوعات، رغم أنّ طباعةً كهذه تتطلّب تصغير حجم الأحرف، ما يُصعِّب القراءة. المعلومات الواردة فيها مكتوبة باللغتين الألمانية والإنكليزية، وعلى المهتمّ أنْ يجتهد في الاطّلاع على ما يرغب في معرفته.

هذا لا علاقة له بمطبوعات أخرى، تتعلّق ببرنامج عروض الصحافة، وبرامج العروض كلّها، المفتوحة أمام الجميع، مشاهدين وزوّاراً ونقّاداً وصحافيين وإعلاميين ومهنيين. البساطة سمة مشتركة، لأنّها الأقدر على منح المهتمّ ما يريده من دون إرباكٍ أو إضاعة للوقت، فالوقت في مهرجان برلين، كما في مهرجانات دولية أخرى، ثمينٌ وضيّق أحياناً. مع هذا، يُطرح سؤال: ألن يُشكِّل عدد المطبوعات الصغيرة عبئاً على من يرغب في الاحتفاظ بها، أو على من يستعين بها أثناء الكتابة؟ في المقابل، هل يحتاج المرء فعلياً إلى الاحتفاظ بمطبوعات، تصدر في مناسبةٍ محدّدة، وعند انتهاء المناسبة تنتفي الحاجة إليها (المطبوعات)، خصوصاً أنّ الـ"كاتالوغات" المصغّرة تحتوي على معلومات يُعثر عليها في مواقع إلكترونية متخصّصة؟ تحويل الـ"كاتالوغ" إلى كتيّبات ومنشورات يؤدّي إلى مأزق آخر: هناك أوراق كثيرة تُطبع، وكميات هائلة منها تُعين المهتمّ على العثور على ما يبتغيه. أهذا "صحّي" و"سليم"؟

إلى ذلك، هناك كتيّبان اثنان مرتبطان بتكريمٍ واستعادة، يُنظّمهما المهرجان: التكريم خاصّ بالممثلة البريطانية هِلِن ميرن (1945). الاستعادة معنيّة بتقديم بعض أبرز كلاسيكيات المخرج الأميركي كينغ فيدور (1894 ـ 1982). كتيّبان يختلفان تماماً عن كتبٍ تصدر في مهرجانات سينمائية عربية، مصرية تحديداً، تُسرف في تبجيل المُكرَّم، وفي سرد إيجابي (فاقع بإيجابياته غالباً) لمنجزاته، إنْ بكتابة نص طويل، أو بإجراء حوار يندر أنْ يكون سجالياً، رغم أهمية هذا المنحى التأليفيّ. كتيّب التكريم (باللغتين الألمانية والإنكليزية طبعاً) محصورٌ في تحليلٍ، غير نقديّ/ سجاليّ بل مُكثّف، للسيرة المهنيّة لميرن، مع نصّ يتعلّق بسيرتها الحياتية، وملحق خاص بأفلامها، ومعلومات مكثّفة عن أفلامٍ لها تُعرض في الدورة الـ70 هذه. كتيّب الاستعادة شبيهٌ به. معلومات وتحليل غير نقديّ/ سجاليّ أيضاً، ولائحة بأفلام معروضة في الاستعادة.

الفرق بين كتيّبين، أجنبي وعربيّ، كامنٌ في أسلوب الكتابة. الابتعاد الأجنبيّ عن التبجيل والإيجابيات الفاقعة دليل حِرفية مهنيّة في التعامل مع من يُراد تكريمه أو استعادة نتاجاته وسيرته المهنيّة. الإصدار العربي لمطبوعاتٍ خاصّة بتكريم أو استعادة تمتلك أهميّة كبيرة، لكنّها تحتاج إلى تواضع وسويّة بعيداً عن كلّ مبالغة. اختيار الحوار مادة لكتبٍ تكريمية في مهرجانات عربية، مصرية تحديداً، مهمّ، لانفتاحه على تساؤلات ونقاشات، لن تبلغ مرتبة نقدية سجالية، لأنّها معنيّة بالتكريم. تخفيف المبالغة مطلوب وضروري، وهذا يُعثر عليه في مطبوعات "مهرجان برلين السينمائي الدولي"، إنْ في كتيّبات التكريم والاستعادة، وإنْ في "كاتالوغات" المسابقة والبرامج المرافقة لها، علماً أنّ بعض "كاتالوغات" مهرجانات عربية "يُسرف" في تحليل إيجابيّ لأفلام مشاركة في دوراتها السنوية، بدل الاكتفاء بمعلومات ومعطيات بعيدة كلّياً عن التحليل والنقد.

اختبارات تُثير نقاشاً، لكنّ الأفلام ومناقشتها النقدية تبقى الأهمّ.

المساهمون