"باد بويز": مغامرة ثالثة

"باد بويز": مغامرة ثالثة

20 فبراير 2020
حقّقت إيرادات عروضه التجارية الدولية 370 مليون دولار(Imdb)
+ الخط -
في الأعوام الأخيرة، بات معتاداً أنّ تؤدّي العودة إلى أفلام السلاسل، بجزءٍ جديد أو عبر Remake، إلى نتيجة محبطة وضعيفة، حتى لو كانت السلسلة مُقدّرة فنياً حينها، واكتسبت كلاسيكية مع الزمن. في حالة Bad Boys يختلف الوضع، لأنّ الجزأين، الأول والثاني، اللذين أخرجهما صانع أفلام الحركة المشهور مايكل باي عامي 1995 و2004، هما أساساً غير مُقدّرين، ولا يتذكّرهما الجمهور إلا عابراً. لذلك، لم تكن هناك أيّ توقّعات إيجابية بشأنِ الجزء الثالث، Bad Boys for Life، للثنائي البلجيكي ـ الهولندي، المغربيّ الأصل، بلال فلّاح وعادل العربي، الذي استُقبل الإعلان عنه باعتباره محاولة جديدة، فاشلة على الأغلب، لويل سميث للعودة إلى قمّة شبّاك التذاكر لا أكثر.
لكن، ما حدث لم يتوقّعه أحدٌ: فيلم حركة ممتع وذكي ومسلٍّ، فيه مميزات كثيرة، وعيوب مقبولة بالنسبة إلى نوعه. هذه مفاجأة، لم يكن بطلاها ويل سميث ومارتن لورانس بل مُخرِجَي الفيلم.
هناك فوارق عدّة بين الجزء الجديد والجزأين الأولين، جعلت الثالث أفضل كثيراً. أولاً، على مستوى الشخصيات. في جزأي مايكل باي، وكعادة غالبية أفلامه، يكون الأبطال جميعهم أقرب إلى نماذج بشرية، لتنفيذ مَشاهد حركة سريعة وانفجارية. لا أصول لها ولا علاقات ولا مشاعر بعيدة عن السطح. كذلك الأشرار، أقوياء معدومو المشاعر، يصرخون طوال الوقت. لكنّ هذا لا يحدث في نسخة فلّاح والعربي، فكتّاب السيناريو، كريس برمْنر وبيتر كريغ وجو كرناهان، جعلوا للضابطين خفيفي الظلّ، اللذين نحبهما (نظراً إلى جاذبية الممثلين في المقام الأول)، جذوراً حقيقية وحياة تأثّرت بخياراتهما الفوضوية في مكافحة الجريمة أعواماً طويلة. من خلال هذا، برزت القصة: عودة الثنائي مايك وماركوس إلى "وظيفتهما"، إذْ يُطاردان مجرماً في ميامي لاستهدافه رفاقاً لهما في السابق، في رحلة تكشف جوانب أخرى غير معروفة، بينها الشرير نفسه.
ثانياً: مَشاهد الحركة. فرغم الخبرة الكبيرة لمايكل باي، التي تتجاوز كثيراً خبرة الثنائي بلال فلّاح وعادل العربي، فالأمر لا يتعلّق بالخبرة وجودة التنفيذ بل بالمنظور الإخراجي لباي، المرتبط دائماً بسرعة اللقطات، وكثرة الانفجارات، وآلاف الرصاصات التي تُطلق في دقائق قليلة، ما يجعل المرء عاجزاً عن إدراك ما يحدث أصلاً. أما عادل وبلال فتعاملا بشكل مختلف، ما جعل الفيلم أهدأ وأكثر إنسانية وقرباً من البطلين، فهما (المخرجان) متأثّران بالمدرسة القديمة في صناعة الـ"آكشن"، العائدة إلى الواجهة مؤخّراً، مع سلسلتي "جون ويك" و"مهمة مستحيلة" مثلاً، حيث اللقطات أطول، والتركيز يكون على الأداء الحركي للأبطال لا على الإبهار التقني، ما سمح بأنْ تكون المَشاهد "كوميديا حركية" أحياناً، تستفيد إلى أقصى حدّ من القدرات الكوميدية للممثلين ويل سميث ومارتن لورانس، ومن الكيمياء الكبيرة الحاصلة بينهما.

لذا، فإنّ كلّ شيء في مكانه المناسب، مع استفادة شبه كاملة من كلّ عناصر قوّة الفيلم: الحركة والكوميديا والشخصيات. هذا جعله أفضل جزء في السلسلة، بفرق كبير عن الجزأين السابقين، مع تمهيدٍ ناجح لاستمرارها في جزء رابع، سيكون مُنتظراً بعد النجاح الجماهيري الكبير لهذا العمل، الذي حقّقت إيرادات عروضه التجارية الدولية 370 مليوناً و37 ألفاً و306 دولارات أميركية، بدءاً من 17 يناير/ كانون الثاني 2020، مقابل ميزانية إنتاج تبلغ 90 مليون دولار أميركي فقط.

دلالات

المساهمون