"سالمونيلا"... جدلٌ بين صد ورد

"سالمونيلا"... جدلٌ بين صد ورد

17 فبراير 2020
أطلقت الأغنية مطلع السنة (فيسبوك)
+ الخط -
من الممكن قراءة أغنية تميم يونس "سالمونيلا" التي أثارت الكثير من الجدل منذ أن قام بإصدارها في مطلع السنة الجديدة، كلوحة كوميدية تنتقد الردود الذكورية العنيفة الصادرة عن الشباب الذين يتعرضون للرفض في العلاقات العاطفية. وهي القراءة التي حاول يونس أن يحيلنا إليها من خلال فيديو السيلفي الذي قام ببثه بعد طرح الأغنية بيوم واحد فقط. إلا أنَّ نسبة كبيرة من المتابعين لم يتلقوا الأغنية بهذه الطريقة، فهاجموا يونس بشراسة، إذ اعتبروا أن ملامح السخرية التي تتضمنها الأغنية لا تبرر العنف اللفظي الذي تتضمنه كلماتها، لتنشط على مواقع التواصل الاجتماعي حملة نسوية مناهضة للأغنية. 

ويبدو هذا التناقض بتلقّي أغنية يونس وقراءتها أكثر حدة فيما تبع أغنية "سالمونيلا" من تداعيات فنية، وما صدر بعدها من أغان جاءت كردود عليها أو احتفاءً بها. إذْ أن هناك العديد من النسخ التي تبنت خطاباً نسوياً يتبنَّى حق المرأة في الرفض، ليرد به مجموعة من المغنين على كلمات نسخة "سالمونيلا" الأصلية بلحنها أو بلحن مختلف. وفي المقابل، هناك العديد من النسخ التي أعدها مغنون تبنوا خطاباً ذكورياً، يبيح فيه الرجل لنفسه تعنيف المرأة في مواقف متعددة، إذْ قام هذا الفريق بإعادة تركيب كلمات أغنية "سالمونيلا" وفقاً لمواقف مختلفة، واعتمادًا على وجهة النظر المقابلة.

ومن الارتدادات الفنية ذات الطابع الذكوري: أغنية "سالمونيلا - نسخة المتجوزين" التي طرحها محمد عاطف عبر قناته على "يوتيوب"، والتي عكس فيها فرضية يونس، ليفترض أن الفتاة وافقت على عرضه، وتكللت العلاقة بالزواج، ليبدأ بعدها بجملة عصابية يعنِّف فيها الرجل زوجته، ويتمنى لو كان طلبه قد قوبل بالرفض. وكذلك توجد أغنية "هبلونيلا" التي تنقل الروح العنيفة والذكورية في الأغنية الأصلية إلى مكان مختلف تماماً، إذْ يسرد فريق MT Parody من خلال ألحان "سالمونيلا" قصة تعنيف المرأة في الأسرة المصرية. ورغم أن الاتجاه نحو الكوميديا يبدو واضحاً في كلتا الأغنيتين، إلا أن تفشي حالة العنف ونقلها بذات اللحن إلى مساحات ذكورية مختلفة يؤكد على شرعية المخاوف والانتقادات التي طاولت أغنية "سالمونيلا" عند طرحها.

وأما أبرز الردود الفنية النسوية التي تم طرحها كرد على أغنية "سالمونيلا"، فهي أغنية "شيجلة" لبيري الحريري التي تم نظم كلماتها أيضاً على لحن أغنية "سالمونيلا" بالمقاطع الأولى، وأضيف لها مقطع "تراب" في النهاية، وكذلك أغنية "بتعصبك لأ" لرندة عيسى وفاتيما ومريما، وهي التي تفردت بكونها الأغنية الوحيدة التي لم ترد على أغنية "سالمونيلا" بلحنها. والحقيقة أن الردود النسوية لم تكن أفضل حالاً، فهي عنيفة بدورها، ويغلب عليها طابع التنمر، وأسوأ ما فيها أن العنف لا يتم تغطيته من خلال قناع السخرية الذي استخدمه الفريق الآخر، وإنما جاءت باعتبارها صرخات نسوية، حظيت بقبول شريحة كبيرة من المثقفين الذين انهالوا بالانتقادات على تميم يونس. بل إن بعض الجمل التي وردت في الأغنيتين ربما تطغى بأثرها السلبي على كلمات "سالمونيلا"؛ مثل الجملة التي تقولها الحريري: "حصل ايه في طفولتك خلاك طبقي مريض وعنيف"، والتي تبدو تنمراً لا أخلاقياً، وكذلك بعض مقاطع أغنية "بتعصبك لأ"، والتي تتفَّوق برداءتها على نظيرتها، من خلال الإصرار على الإشارة لتبعية المرأة للرجل وتقبلها نظام المجتمع الأبوي.

وأما أفضل ارتدادات "سالمونيلا" الفنية، فهي أغنية "سندريلا" التي طرحها أحمد بسيوني على لحن أغنية "سالمونيلا"، وقام فيها باستبدال المقاطع العنيفة في أغنية تميم يونس بمقاطع أكثر رقة، إذْ يتقبل بسيوني الرفض بطريقة عصرية؛ ليرد بذكاء على أغنية "سالمونيلا"، وما تبعها من جدل.

دلالات

المساهمون