أغانٍ لبنانية ممنوعة بأمر القضاء

أغانٍ لبنانية ممنوعة بأمر القضاء: من مشروع ليلى إلى محمد اسكندر

27 يوليو 2019
محمد اسكندر (يوتيوب)
+ الخط -
طالبت السلطات الكنسية الرسمية في لبنان بمنع الحفل المرتقب لفرقة "مشروع ليلى" ضمن "مهرجانات بيبلوس الدولية"، لأنّ أغانيها "تمسّ بالقيم الدينية والإنسانية وتتعرّض للمقدسات المسيحية"، و"تشكل إساءة وخطراً على المجتمع". وسبق الموقف الرسمي حملة عنيفة على مواقع التواصل الاجتماعي استهدفت أعضاء الفرقة، ووصلت إلى حد التهديد بالقتل. تلا ذلك تحقيق للمديرية  العامة لأمن الدولة مع أعضاء من "مشروع ليلى"  ثم أخلت القاضية غادة عون سبيلهم. بعد كل هذه البلبلة اجتمع أعضاء الفرقة بمجموعة من رجال الدين والحزبيين والمشرفين على مهرجانات بيبلوس الدولية، وقاموا بحذف أغنيتين "مسيئتين" عن قناتهم على "يوتيوب"

بعدها بساعاتٍ قليلة، أصدرت قاضية الأمور المستعجلة في بيروت هالة نجا، قراراً بخصوص المغني اللبناني محمد اسكندر، ونجله الشاعر والملحّن فارس اسكندر، ينصُّ على إجبار حذف عبارة "مصرف الإسكان" الواردة في أغنية للثنائي الأب والابن، تحمل عنوان "من أين لك هذا؟"، وهي من آخر إصدارات اسكندر. كما طلبت نجا في قرارها المُعجّل والفوري، وقف بثّ الأغنية على كلّ وسائل الإعلام المرئيّة وشاشات التلفزة ومواقع التواصل، إلى حين إجراء الحذف، وذلك خلال مهلة 24 ساعة من تاريخ تبليغهما القرار، تحت طائلة غرامة إجباريّة، قدرها خمسة ملايين ليرة لبنانية (نحو أربعة آلاف دولار) عن كل يوم تأخير.

تختلف الرقابة على المصنفات الفنية تبعاً للدول. الرقابة في القاهرة مثلاً، مختصة فقط بالأعمال التي يتم طرحها في "ألبومات"، إضافة طبعاً إلى الرقابة على الأعمال الدراميّة، ولكن كل ما يتم رفعه على الإنترنت أو يتم طرحه إلكترونياً، ليس عليه رقابة. وفي حالة "الخروج عن الآداب العامة" و"نشر الرذيلة"، كما تصف الجهات الرقابية ما تمنعه عادةً، تتدخل جهات أخرى لوقف ومعاقبة هؤلاء الأشخاص، بناءً على تحركات من أشخاص نافذين أو بلاغات من أفراد. وكما يبدو أصبح هذا يُطبق في لبنان أيضاً.

ليست المرة الأولى التي يتدخَّل فيها القضاء اللبناني في مسألة الأغاني، وممارسة سلطة رقابية تقضي، وفق ما هو واضح، إلى تأنيب "الفاعل" أو القصاص منه، وهو المغني أو الممثل أو الفنان. وإذاً ثمَّة شروط جديدة على الفنان مراعاتها، منعاً لما يصفه البعض بـ"الإساءة". لا يختلف المشهد، أو بعبارة أخرى: القدرة على قمع الآراء. وخصوصاً في ظل التفاعلات على مواقع التواصل الاجتماعي، التي تندرج بعضها في خانة الإساءة. من جهة أخرى، ثمّة حملات تضامن قويّة مع كلّ من يتعرّض للقمع، إضافة إلى وضع الإصبع على جرح فساد الدولة اللبنانية.

هكذا يقع الشاعر والملحن اللبناني فارس اسكندر ضحيةً للقضاء العاجل. إذْ أدرج فارس في أغنية لوالده الفنان محمد اسكندر عبارة "مصرف الإسكان"، وينقد فارس هذا المصرف، متسائلاً عبر كلمات الأغنية، عن الإمكانيات والفوائد التي تترتب على المستدين، أو أصحاب القروض المالية من قبل المصرف، وهو ما يعتبر نقداً عادياً، قياساً إلى المعلومات التي تظهر بين الحين والآخر حول فساد المصرف، وتؤكد استغلال بعض النافذين أموال المصرف. الأمر الذي دفع بالقاضي إلى إصدار مذكرة تجبر شطب اسم المصرف من الأغنية، والتلويح بالمحاسبة، إن لم يُسجل صاحب الأغنية رقابة ذاتية بحسب ما يريده الرقيب.

المساهمون