أكرم سويدان: حياة أخرى

أكرم سويدان: حياة أخرى

02 يوليو 2019
الفنان أكرم سويدان (فيسبوك)
+ الخط -
"لن أدع اليأس يتغلغل في أعماقي وستبقى رسائلي تطوف العالم". عبارة رددها الفنان السوري أكرم سويدان، الذي زيّن الحياة بقطع الموت وأبدع من القذائف والصواريخ وبقايا الحرب فناً لافتاً، في مجموعة سمّاها: "الرسم على الموت". 

هذا الفن الفريد يحكي قصصاً عن حصار كسرته إرادة الحياة، وأخرى عن قبح الحرب، التي كان جمال الفن أقوى منها.

الفنان أكرم سويدان المعروف بـ"أبو الفوز" من مواليد مدينة دوما في ريف دمشق، يتحدث لـ"العربي الجديد" عن نشأته قائلاً: "عشت وترعرعت في دوما إلى أن قامت الثورة السورية، والتي شاركت بها منذ بداياتها بمظاهراتها السلمية للدفاع عن أهلنا والمطالبة بحقوقنا وكرامتنا، إلى أن تم تهجيرنا إلى الشمال السوري عام 2018".

يجسد "سويدان" العبارة القائلة من "رحم الموت تولد الحياة" بأعماله، ليروي عن الفكرة ونشأتها واستمراريتها: "بدأت فكرة الرسم على الموت في مطلع عام 2014، وفي هذا الوقت السلمية تتراجع، ليصبح السلاح هو وسيلة الكلام. أردت أن أسترجع بعضاً من سلميتها وكانت الفكرة أيضاً بإنشاء معرض خاص وزاوية محددة في منزلي، أعرض بها ما تم عمله ورسمه على بقايا ومخلفات الحرب، وأيضاً الفكرة الأساسية وهو مضمون هذا العمل الذي يدل على حبنا للسلام والحياة".

وكغيره من آلاف السوريين المهجرين، يسعى أبو الفوز على الدوام إلى مواجهة الصعوبات التي تعترضه في غربته: "التهجير كالشيخوخة لا مفر من مواجهتها، ولكن نستطيع أيضاً أن نقدم كل شيء حتى وصولنا إلى هذه المرحلة، أن تكون مهجّراً فأنت بلا أرض وبلا أهل وبلا ذكريات وبلا بيت. المهجّر إنسان مكسور لا يستطيع التأقلم والثبات، ولو أسكنوه أرض الذهب". يتابع: "أما في ما يخص موضوع الرسم؛ فإنني أكافح هنا في الشمال السوري لتأمين بعض المواد الخام ومواد الرسم لأكمل ما بدأت به، رغم صعوبة ومشقة الأمور الحياتية هنا".

لكن التهجير والحياة في الشمال السوري لم يكسرا إرادة سويدان ولم يضعا حداً لأعماله، بل كانا حافزاً للمثابرة وإبداع أعمال جديدة بعدة مناسبات. يوضح: "منذ وصولي للشمال السوري، وبينما استفقت من صدمة التهجير والضياع التي واكبتني منذ وضعت رحالي هنا، ورؤيتي لمعاناة أهلي في المخيمات من كل المناطق السورية التي هجّرت قسراً، كان لا بد من عمل لتوجيه الأنظار إلى جرائم هذا النظام وانتهاك حقوق الإنسان في تهجير المناطق، وبدأت بعمل كان بعنوان "راجعين"، وهو أول أعمالي في الشمال السوري. ضم هذا العمل أسماء المناطق والمحافظات التي هجّرها النظام قسرياً من أرضها، وبما أنه العمل الأول لي هنا فهو الأقرب حالياً إلى قلبي".

وانطلاقاً من مقولة إن الفن رسالة، فإن الرسم على الموت هو فن سويدان الذي أصبح جزءأ من حياته، والرسالة التي يحملها للعالم قال عنها: "أصبح مشروع الرسم على الموت في عيون السوريين جزءاً من هذه الثورة. كنت أتكلم بلسانهم عبر هذه الأعمال، أنقل معاناتهم وحبهم للحياة، أنقل رسائل السلام مخاطباً العالم أجمع بأن يكف عن قتل السوريين؛ فنحن نسعى بما نملك إلى تغيير هذا الوضع من الحرب للسلام. نريد العيش بكرامة ونريد ذلك لأطفالنا. الرسم على الموت ليس مجرد ألوان وزخارف، فكل قطعة تحكي قصة شهيد ومعتقل ومهجر ومغترب، وفي كل لون من ألوانه قصة شعب ومدينة، أتمنى أن يسمعني سكان هذا الكوكب؛ فصوتي في ألواني وفي زخارفي، وأتمنى أن يأتي اليوم الذي لا أجد فيه قطعة من مخلفات الحرب لأرسمها".

المساهمون