ورشة بريطانية عن الجنابي: غربة سينمائيّ

ورشة بريطانية عن الجنابي: غربة سينمائيّ

21 يونيو 2019
قتيبة الجنابي: ثلاثية المنافي (فيسبوك)
+ الخط -
قبل أيام قليلة، استضاف "معهد الفيلم البريطاني"، أحد أهم مراكز الأفلام في العالم وأقدمها، ورشة عمل تفصيلية، متعلّقة بمسار عمل السينمائي العراقي قتيبة الجنابي، وبإنجازاته المتمثلة في نتاجات سينمائية مستقلّة. تخلّل الورشة عرضٌ لأبرز محطات تجربته المهنية خلال أربعة عقود متتالية أمضاها وراء الكاميرا، ولرحلته الطويلة عبر المنافي، مرورًا بأفلامه وأرشيفه الفوتوغرافي، الموزّع على تجارب إنسانية في بقاع مختلفة من العالم. 

وتُعتبر الورشة من الفعاليات المتميّزة التي يُنظّمها المعهد لأسماء سينمائية مهمّة. علمًا أن إدارة الورشة أشارت إلى أنّ الجنابي "سينمائيٌّ مستقلّ، حائز على جوائز عديدة، وهو مولود في بغداد، درس التصوير الفوتوغرافي والسينمائيّ في المجر، وأنتج أفلامًا قصيرة له، وأخرى وثائقية له ولآخرين، بالإضافة إلى أفلام روائية متنوّعة.

أدار الورشة ديفيد سومرست، مسؤول برامج "معهد الفيلم البريطاني"، الذي أشاد بدور قتيبة الجنابي في إنتاج أفلامه "ضمن موجة السينما المستقلّة"، مُتوقّفًا عند أهمية تلك الموجة في "تحديد حقائق كثيرة، بعيدًا عن الهيمنة الإنتاجية، أيًا كان نوعها أو مصدرها". وأكّد سومرست أنّ الفنان المحتفى به "يسعى جاهدًا إلى تأسيس توجّهٍ لنمطٍ فردي جديد للسينما المستقلة، حيث المشاعر والعواطف الفيّاضة التي تُنتجها الكاميرا والإضاءة"، إلى جانب "أسلوب خاص في سرد الحكايات بشكل مختلف عن المألوف، يقترن بالصدق والشفافية والعمق".

ثم عُرض الفيلم الروائي ـ الوثائقيّ "قصص العابرين"، الفائز بجائزة أفضل فيلم روائي تجريبي في "مهرجان لندن السينمائي الدولي 2019". كما عُرضت مقاطع من فيلمه الروائي "رجل الخشب"، الذي بدأ مؤخّرًا مرحلة المونتاج، وذلك بحضور المونتير هيو وليامس، وهو من النتاجات الروائية الطويلة المستقلّة. وتحدّث وليامس عن ماهية عمله وخصوصيته في توليف هذا الفيلم، وعن تعامله مع الجنابي، وعن "البطل"، وهو رجل من خشب. يُذكر أن الفيلم نال دعمًا من "مهرجان القاهرة السينمائي الدولي" و"معهد الدوحة للأفلام"، على شكل "منحة لما بعد مرحلة الإنتاج".

"رجل من خشب" ثالث ثلاثية روائية عن المنفى، بعد "الرحيل من بغداد" و"قصص العابرين"، التي تستعرض حكايات المنفى خلال أعوام طويلة وقاسية، شهد المخرج مراراتها، مع كثيرين من أبناء بلده.

من جهته، تطرّق قتيبة الجنابي إلى أول الثلاثية، "الرحيل من بغداد"، الذي فاز بجائزة أفضل فيلم روائي بريطاني مستقلّ، وبالجائزة الأولى في "مهرجان الخليج السينمائي" (دبي)، وبجائزة خاصة في "مهرجان موناكو السينمائي"، كما رُشِّح في "مهرجان سينما من أجل السلام" (برلين) في لائحة أفضل 10 أفلام مختارة.

بالإضافة إلى هذا كلّه، نوقش في الورشة مسار عمل الجنابي في الأفلام الوثائقية، الممتدّ على 3 عقود، باعتبارها نتاجات مستقلة، سلّطت الضوء على قضايا عديدة شغلت اهتماماته، وتدور أساسًا حول "ضياع الأعوام الأجمل للعمر في المنافي ووحشتها"، وهي "ثيمة" تمكّن الجنابي من ترجمتها سينمائيًا على أكثر من صعيد.

كما تناولت الورشة التصوير الفوتوغرافي لقتيبة الجنابي، المهتمّ بتصوير وجوه وملامح وأمكنة، بالإضافة إلى أحداث عامة لامست حياته، مُسجّلاً هذا كلّه بكاميرته. وعُرض في الورشة عددٌ من نتاجاته الفوتوغرافية في المخيمات الفلسطينية في لبنان قبل أعوام طويلة، وتجاربه مع الأمكنة في هنغاريا، في أعوام دراسته، بالإضافة إلى أرشيف كبير له يتضمّن بورتريهات ووجوهَ منفيين وغرباء وعابرين، مرسومة على قسماتها عذابات البُعد والفقدان.

المساهمون