محمد صدّيق المنشاوي... نصف قرن على رحيل "الصوت الباكي"

محمد صدّيق المنشاوي... نصف قرن على رحيل "الصوت الباكي"

20 يونيو 2019
المنشاوي من أسرة عريقة في تلاوة القرآن (فيسبوك)
+ الخط -
تصادف اليوم الذكرى الخمسين لرحيل الشيخ محمد صدّيق المنشاوي الذي ترك خلفه تراثاً ضخماً من التلاوات والقراءات المجوّدة عبر التسجيلات الداخلية والحفلات الخارجية، وأجيالاً من السمّيعة الذين لم يعاصروه لكنهم عشقوا صوته المميز وتلاوته الشجية.

المنشاوي من أسرة عريقة في مجال تلاوة القرآن؛ فجده قارئ وأبوه قارئ وعمه قارئ وأخوه قارئ؛ ولد في بدايات عام 1920، في قرية البوريك التابعة لمدينة المنشأة في محافظة سوهاج، وبدأ رحلته في مجال التلاوة بصحبة والده قارئاً جوالاً في الحفلات والمآتم، فحصل على دعمٍ كبير.

استطاع أن يستقل باسمه الخاص حين أتيحت له فرصة القراءة منفرداً في ليلة مشهودة في مدينة سوهاج عام 1952. وكان أعلى أجر حصل عليه الشيخ المنشاوي في حياته قد بلغ 25 جنيهاً مصرياً في ستينيات القرن الماضي.

تأثر المنشاوي بكبار القراء وعلى رأسهم الشيخ محمد رفعت، ثم صارت له جماهيرية خاصة لأسلوبه المتفرد في القراءة وتمكنه من المقامات وتفاعله مع المعاني، ومسحة الحزن التي تميز بها صوته فلُقِّب بـ"صاحب الصوت الباكي".

جاءت شهرته الكبرى بعد الالتحاق بالإذاعة المصرية التي عانى كثيراً للانضمام إليها في شبابه. وهو أحد أربعة من المشايخ الكبار الذين اقتصرت الإذاعة على تقديم تلاواتهم للمصحف كاملاً، إلى جانب مصطفى إسماعيل، ومحمود علي البنا، وعبد الباسط عبد الصمد. وفي الإذاعة سجل تلاوته الشهيرة برواية حفص عن عاصم، وسجل القرآن مجوّداً، كما سجل القرآن برواية الدوري بالاشتراك مع الشيخين كامل البهتيمي وفؤاد العروسي.

في خمسينيات القرن الماضي، كان اسم المنشاوي قد بلغ الآفاق، فصار يطلب إلى العديد من دول العالم. وأحيا ليالي في المسجد الحرام في مكة المكرمة وفي المسجد الأقصى في القدس، وانتقل ليقرأ في عشرات الدول العربية والإسلامية، مثل العراق وسورية والأردن والكويت وليبيا والجزائر وإندونيسيا وغيرها.

كانت له العديد من العلاقات عالية المستوى مع زعماء العالم، ويروى أن أحد الوزراء في العهد الناصري وجه له دعوة للقراءة بحضرة رئيس الجمهورية، فقال للمنشاوي "سيكون لك الشرف الكبير بحضورك حفلاً يحضره الرئيس جمال عبد الناصر"، ففاجأه الشيخ بقوله: "ولماذا لا يكون هذا الشرف لعبد الناصر نفسه أن يستمع إلى القرآن بصوت محمد صدّيق المنشاوي؟!". وقد رفض الدعوة معلقاً "لقد أخطأ عبد الناصر حين أرسل إليَّ أسوأ رسله". 

في سنواته الأخيرة أصيب الشيخ محمد صديق المنشاوي بالدوالي المريئية، لكنه لم ينقطع عن القراءة حتى توفي في 20 يونيو/حزيران عام 1969.

المساهمون