تيكن جاه فاكولي... الاحتباس الحراري على إيقاع الريغي

تيكن جاه فاكولي... الاحتباس الحراري على إيقاع الريغي

02 يونيو 2019
وجوده في فرنسا أثّر على مواضيع أغانيه (فرانس برس)
+ الخط -
من ساحل العاج، جاء تيكن جاه فاكولي (1968) ليغزو العالم من خلال موسيقى الريغي وأغانيه الملتزمة، ليكتسب شعبية كبيرة في معظم أنحاء العالم، ولا سيما البلاد الناطقة باللغة الفرنسية؛ لغة كثير من أغانيه. بعيداً عن القارّة الأفريقية، يكمل جاه فاكولي مسيرته، حيث أطلق ألبومه الجديد le monde est chaud من فرنسا التي باتت محطته الفنية الأولى، بعد 28 سنة من الغناء في وجه الظلم والاستعمار.

يتناول جاه فاكولي في ألبومه الجديد قضية الاحتباس الحراري؛ الأمر الذي وجده البعض غريباً، فالتفكير في القضايا العالمية من منظور غربي، يعطي أولوية للقضايا البيئية على حساب القضايا السياسية والاجتماعية. هذا غريب على الفنانين الأفارقة الذين لا يزالون يخوضون حرباً ضد التهميش والعنصرية، وكذلك غريب على جاه فاكولي الذي كان أحد أشهر وأبرز الأسماء التي تبنت القضايا الأفريقية السياسية والاجتماعية، خلال العقود الثلاثة الأخيرة.

بيد أن الأثر الغربي على موسيقى تيكن جاه فاكولي كان واضحاً منذ بداية مسيرته، حتى في التسعينيات، عندما كان يتناول في أغانيه قضايا أفريقية خالصة، تتعلق بالاضطهادات التي يعاني منها أبناء جلدته، وعندما كان يدعو بأغانيه للوحدة الأفريقية، ويتأمل بالانتعاش الاقتصادي والسياسي؛ ويتمثل الأثر الغربي في تلك المرحلة بنوع الموسيقى التي اختارها جاه فاكولي لأغانيه الأفريقية، وهو نمط الريغي، الذي ابتدعه فنانو جامايكا من خلال المزج بين الموسيقى الأميركية السائدة في السبعينيات والإيقاعات الأفريقية، والذي كان سائداً في العالم الغربي حينذاك؛ فبدا جاه فاكولي حينها كنموذج للفنان الأفريقي المتمسك بقوميته، ولكنه ينظر إلى محيطه من خلال عينين غربيتين.

إلا أن تقمص جاه فاكولي للمنظور الغربي عن أفريقيا لا يقلل فعلياً من شأن الفن الذي يقدمه، إذ تم تلقيبه بـ"أسطورة الريغي الأفريقي". كما أنه تناول في أغانيه قضايا سياسية واجتماعية هامة، إذ حاول من خلال أعماله أن ينشر الوعي في الأوساط الأفريقية، وعمل على الترويج للتعليم والثقافة هناك، كما أنه كان فناناً ذا نشاط سياسي، وتبنى مواقف واضحة في فنه، وكان دائماً يدفع ثمن تلك المواقف. على سبيل المثال، مُنع من دخول السنغال بعد انتقاده رئيسها، عبد الله واد.

وبعد أن انتقل جاه فاكولي إلى فرنسا، حيث أنتج معظم أعماله الفنية، لم يؤثر انتقاله المكاني على هويته الفنية وقضاياه الفكرية سريعاً، بل ظل يغني ليدافع عن أبناء جلدته وقضاياهم، وأدان السياسات الاستعمارية المتبعة من قِبل الدول الغربية ضد بلده والقارّة الأفريقية عموماً؛ ففي أغنية Y'en a marre التي أصدرها في فرنسا عام 2000، يقول: "بعد إلغاء العبودية، خلقوا الاستعمار، وعندما وجدنا حلاً له خلقوا التعاون. نحن ندين هذا الوضع، لقد خلقوا العولمة من دون أن يشرحوا معنى العولمة. بابل هي التي تستغلنا".

كان جاه فاكولي يستخدم تسمية "بابل"، للإشارة إلى دول العالم الغربي ذات السياسات الاستعمارية، وكان جاه فاكولي ينتقد هذه الدول وسياساتها الاستعمارية والاقتصادية جنباً إلى جنب مع الحكومات الأفريقية، التي يسميها في أغانيه بـ"شريكة بابل".

ورغم أن جاه فاكولي في ألبومه الجديد، يحاول أن يوجد منافذ للاتصال بإرثه الفني، من خلال اتهام دول العالم الغربي وسياساتها الرامية للأرباح الاقتصادية بمسؤوليتها عما تعانيه الأرض من احتباس حراري؛ إلا أن الألبوم الجديد يبدو أكثر تهذيباً ونعومةً بالانتقادات.

كأن جاه فاكولي حصان جامح قد تم ترويضه أخيراً، وبات أكثر اندماجاً مع السياسات الثقافية الغربية التي يقوم بانتقادها، وذلك يتضح من خلال تبنيه قضاياها.

المساهمون