جولة داخل حفلات كارلوس غصن: فساد في حضرة المشاهير

جولة داخل حفلات كارلوس غصن الفاخرة: فساد في حضرة أثرياء وسياسيين ونجوم

14 يونيو 2019
كارلوس غصن وزوجته كارول نحاس (لويك فينانس/فرانس برس)
+ الخط -
أعلنت نيابة مدينة نانتير الفرنسية أن شرطة مكافحة الاحتيال قامت، أمس الخميس، بتفتيش مقر سكن الرئيس السابق لشركتَي "نيسان" و"رينو" كارلوس غصن خارج باريس، في إطار تحقيق بحفل زفافه الباذخ الذي أقيم في قصر فرساي عام 2016.

وتوجهت الشرطة إلى منزل غصن في بلدة ليتان ــ لافيل في إطار تحقيق أولي بدأته "رينو" في وقت سابق هذا العام. وصرح جان إيف لوبورني، محامي غصن، لوكالة "فرانس برس"، بأن "عملية تفتيش من هذا النوع، سواء جرت بطلب من اليابانيين أو في إطار تحقيق تمهيدي، تندرج في إطار إجرائي سري وغير قابل للنقض".

وكانت شركة "رينو" قد أشارت في السابق إلى أن السلطات الفرنسية تشتبه في تعاملات مالية لغصن، الذي كان معروفاً بنمط حياته الفاخر واستخدامه للطائرات الخاصة. وتشتبه السلطات في أنه استأجر قصر فرساي بأكمله خارج باريس في تشرين الأول/أكتوبر 2016 للاحتفال بزفافه، مقابل اتفاق لأعمال خيرية بين القصر الذي تملكه الدولة و"رينو".

الحفلات الشخصية

فما هي التفاصيل المتوفّرة حول حفل الزفاف هذا؟ في 22 فبراير/شباط الماضي مع تصاعد قضية كارلوس غصن وتراكم ملفاته القضائية، نشرت صحيفة "لو موند" الفرنسية تقريراً مطوّلاً نقلت فيه تفاصيل حفل زفافه واللبنانية كارول نحاس في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2016. 
دعا غصن في تلك الليلة 120 شخصاً إلى قصر فرساي الفرنسيّ، وقد اسقبلتهم مجموعة من الفنانين الذين ارتدوا ملابس الأرستقراطيين في القرن الثامن العشر، تحت إشراف فنيّ من مصمّم الأزياء اللبناني ربيع كيروز، الذي استوحي كل تصاميم الحفل من فيلم "ماري أنطوانيت" (2006) للمخرجة صوفيا كوبولا. 


غصن وزوجته لدى وصولهما إلى حفل الزفاف (فيسبوك)


لكن كيروز لم يكن الضيف اللبناني الوحيد في الحفلة، بل حضر أيضاً وزير الداخلية السابق نهاد المشنوق وزوجته ليلى، وهو بحسب "لو موند"، ضيف دائم على حفلات غصن، إلى جانب مصمّم الأزاء اللبناني إيلي صعب، والمشرف على الديكور والورود في الحفل مروان حمزة، والثري اللبناني مالك أبي نادر وزوجته تانيا، بينما غنّت في الحفل الفنانة اللبنانية هبة طوجي برفقة أسامة الرحباني.

لكن بعد توقيف غصن، برز جدلٌ أول حول ما إذا كان هذا الحفل هو بمناسبة زواج غصن ونحّاس، أم بمناسبة عيد ميلاد الزوجة الجديدة الخمسين. إذ في التحقيقات قال غصن إن الحفل كان لعيد ميلاد زوجته، وجاء ذلك بعدما قالت مديرة قصر فيرساي كاترين بيغار، إنه من المستحيل أن تقبل الإدارة بإقامة حفل زفاف في القصر، وأن الاتفاق تمّ على أساس أن المناسبة هي عيد ميلاد كارول نحاس زوجة غصن.


من حفل الزفاف (فيسبوك)


أين إذاً مكمن الفساد في كل هذه الحفلة؟ منذ أكثر من عشر سنوات، تقدّم شركة "رينو" دعماً مالياً لحفظ وصيانة وتطوير قصر فيرساي، ومقابل هذا الدعم تستفيد الشركة من حسومات وتقديمات للقيام بنشاطات داخل القصر، وهو ما استفاد منه غصن بشكل شخصي، فأقام حفل زفافه (أو عيد ميلاد زوجته).

استغلال غصن لأموال شركة "رينو" لم يكن سابقة في تاريخه الشخصي. ففي العام 2014، أقام غصن، في قصر فيرساي أيضاً، حفل عيد ميلاده الـ60. لكن الدعوة الرسمية كانت الذكرى الـ14 للشراكة بين "رينو" الفرنسية و"نيسان" اليابانية. وكشف موقع "لوبس" الفرنسي أنّ الحفل حضره مؤسس موقع أمازون جيف بيزوس، وكلير بلير زوجة رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير، والكاتب اللبناني أمين معلوف... بينما كان لافتاً غياب أي ممثل عن شركتي "رينو" و"نيسان"، وهو ما أثار الشكوك باستخدام تمويل الحفلة لإقامة حفل عيد ميلاد غصن، الذي صادف في اليوم نفسه، أي 9 مارس/آذار 2014.
وقد انتشر فيديو من تلك الحفلة، مدّته 8 دقائق، يظهر حجم البذخ الموجود. وقد بلغت الكلفة 634 ألف يورو، مولتها شركة تابعة لـ"رينو ـ نيسان".


ويشمل التحقيق شبهات أخرى، خصوصاً بعدما أبلغت "رينو" في نهاية آذار/مارس الماضي، عن دفعات مشبوهة أخرى بملايين اليورو جرت عندما كان غصن رئيساً لمجلس إدارة الشركة. وهذه الدفعات ذهبت إلى الشركة التي توزع سيارات المجموعة في سلطنة عمان.

انتظار المحاكمة

وينتظر غصن، البالغ من العمر 65 عاماً، والذي يصر على براءته، محاكمته في اليابان بسبب مخالفات مالية وضريبية خلال سنوات عمله في "نيسان"، واستخدام أموال الشركة لتمويل نفقات شخصية.
وقال وزير المالية برونو لومير للتلفزيون الفرنسي هذا الشهر، إن "رينو" سترفع دعوى ضد غصن بعد كشف أحد عشر مليون يورو من النفقات المشكوك بطريقة إنفاقها.

وغصن من أصول لبنانية ويحمل الجنسية الفرنسية، وكان ينظر إليه في العالم على أنه قصة نجاح في عالم صناعة السيارات حتى اعتقاله وسقوطه الصادم. ووافق القضاء الياباني على إطلاق سراح غصن بكفالة بلغت 4.5 ملايين دولار في نيسان/إبريل، لكنه يعيش في ظل قيود صارمة وممنوع من رؤية زوجته. وأيضاً بموجب شروط الكفالة الخاصة به لا يمكن لغصن مغادرة اليابان، ويجب عليه العيش في منزل مجهز بكاميرات مراقبة.
ويبحث المحققون أيضاً في نفقات تسويق في سلطنة عمان يشتبه بأنها استخدمت لأغراض شخصية من قبل غصن من دون وجود أي صلة لعمل متعلق بالشركة. 


المساهمون